إضافة إلى ابتلاءهم من الله بالمرض و الإعاقة، بالجزائر ذوو الأمراض المزمنة و ذوو الاحتياجات الخاصة يعانون من بلاء آخر اسمه القوانين الظالمة التي تصدرها في الغالب وزارات مثل: وزارة التضامن الوطني أو وزارة الصحة أو وزارة العمل و التشغيل و الضمان الاجتماعي، قوانين عشوائية و غير مدروسة، لا تحسب أي اعتبار لتلك الفئات من المرضى و المعاقين، و كأنها أصدرت خصيصا للانتقام منهم و لجعل حياتهم أصعب و للقضاء على بعض الأمل في دنياهم إن كان هناك أمل.
كما أن المتمعن في نصوص تلك القوانين يتأكد كم هو بعيد ذلك المسؤول صاحب القرار عن حقيقة المجتمع الجزائري، أو من وضعوا القرار بين يديه، كم هم بعيدون عن معاناة الحياة القاسية التي تعيشها الأغلبية الساحقة من الجزائريين و خاصة الفئات المحرومة من ذوي الأمراض المزمنة و الاحتياجات الخاصة.
كيف يفسر حرمان الأطفال المرضى من المنحة و التأمين الخاص بالمرض المزمن، يجب على هذا الطفل المريض أن يجبر والديه على تسول الدواء إلى حين بلوغه سن الـ 18.
ماذا نسمي استخفاف وزارة التضامن و مديرياتها بالمعاقين سمعيا عندما تصدر لهم بطاقات مكتوب عليها (نوع الإعاقة: صم بكم، نسبة الإعاقة: ....%)، و لكن بعد ذلك ترفض إدماجهم ضمن قائمة المنحة المخصصة للمعاقين بحجة أنها (الإعاقة السمعية) ليست إعاقة، و أحيانا بحجة تمكنهم من الاندماج في الأنشطة و ميدان العمل، و يا ليتها وزارة التضامن و وزارة العمل عملتا فعلا على دمج المعاقين سمعيا في سوق العمل، البطالة هاجس يعاني منه كل الشباب الجزائري، معاق أو غير معاق.
و من القوانين الجديدة الظالمة، صدر منذ مدة قصيرة و خلال هذا العام قانون يجبر ذوي الأمراض المزمنة على تناول الدواء الجنيس مجانا و إلا فإنه مضطر لدفع ثمن الفرق في السعر إذا أصر على شراء الدواء الأجنبي، و الذي حتما هو الأكثر جودة خاصة إذا كان فرنسيا، هذه حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها.
و آخر إصدار ينضم إلى قائمة القوانين المستخفة بالمريض و المعاق الجزائري، قرار الحكومة منع استيراد الأدوية المنتجة محليا و التي تقدر بحوالي 1000 دواء.
القرار لم يصادق عليه بعد، و ستكون الكارثة فعلا لو تمت المصادقة عليه، لأنه و حسب المختصين العارفين جدا بميدان الدواء في الجزائر، فإن أدوية كثيرة ستعرف ندرة كبيرة في حال تم تطبيق هذا القانون الذي لم تراعي فيه وزارة الصحة المعطيات الواقعية أبدا.
الضحية الأولى و الأخيرة طبعا لهذا القانون الجديد هو المريض الجزائري الذي لا قيمة له أبدا عند أصحاب القرار بالجزائر، و المستفيد الأول هم أصحاب شركات الأدوية التي سيكون المريض مجبرا على اقتناء منتجاتها في ظل غياب الأدوية الممنوعة، هذا في حال ما إذا كانت الكمية المتوفرة حاليا كافية، و في حال ما إذا كانت زيادة إنتاج هذه الشركات المستفيدة مستقبلا ستغطي العجز أم لا؟
لست ضد الإنتاج المحلي الجزائري، في أي قطاع بما فيه قطاع الأدوية، لكن تشجيع الصناعة المحلية لا يكون على حساب المريض الذي يحتاج من هذه الدولة الرعاية و الاهتمام و توفير الدواء له، على الأقل توفيره في السوق، و تركه بعد ذلك للمحسنين و الجمعيات الخيرية لشراءه له، يجب أن يكون المريض بعيد عن كل الحسابات الأخرى اقتصادية أو ثقافية أو سياسية، تشجيع صناعة الدواء محليا ليست مثل تشجيع صناعة النسيج المحلي أو أي ميدان آخر.
قائمة القوانين الظالمة للمريض و المعاق بالجزائر طويلة، أكيد سأعود إليها بشيء من الحصر و التفصيل.
أتساءل فقط في الأخير، أين هم المدافعون عن حقوق الإنسان بالجزائر؟ أليس المريض إنسانا أيضا؟ و هو الأولى بالدفاع عنه من كل الآخرين؟
أصوات الحقوقيين الجزائريين نسمعها خاصة في الدفاع عن السجناء و المجرمين و أحيانا عن الإعلاميين و الصحفيين، أما المريض هنا، فليس له إلا الله.
________ناشط اجتماعي جزائري