هذا ما أعلن عن رفضه له رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري مصطفى الفقي بالرغم من أنّ ليس هناك ما يشير إلى ذلك وحتى ليس هناك من يطمح له غير المصريين أنفسهم والجماعات اليهودية, ولا يمكن تبرير هذا التصريح إلاّ بأنه إشباع لرغبة الحكومة المصرية في النزول أمام أقدام اليهود المعتدين.
لقد كان الأشرف للبرلمان المصري قبل أن يعلن رفضه لإقامة إمارة إسلامية في غزة ويوهم العالم العربي بوجودها أن يعلن رفضه لقيام دولة إسرائيلية يهودية على أرض فلسطين المحتلة. لا أدري ولكن أصبحنا مجبورين أن نقول وبدون أي شك أنّ الحكومة المصرية هي جزء لا يتجزأ من الحكومة اليهودية , ولم نعد نعرف حسني مبارك أهو من المنادين بالقومية العربية أم المصرية أم اليهودية, ولكنّ أفعاله من التهنئة بالذكرى الستين لتأسيس دولة الجماعات اليهودية , والمباركة المستمرة لأي رئيس وزراء يهودي, ودعمه للسلطة الفلسطينية المتهودة وضرب حركات المقاومة الفلسطينية وسكوته(الداعم) لحرب اليهود على لبنان يدفعنا لأن نقول وبالفم الملآن أنّ حسني مبارك هو من مؤيدي القومية اليهودية ومن المتثقفين بالثقافة اليهودية. لا أعرف ماذا أقول عن حكومة يظهر منها أبو الغيط ليتحدث عن نيته بتكسير أرجل الفلسطينيين والتهديد المستمر منه ومن بقية أعضاء الحكومة المصرية لحركات المقاومة الفلسطينية والعمل على ضربها بشتى الوسائل السياسية والميدانية هذا بالإضافة إلى التنظير الذي يتحفون به العالم العربي.وأخيراً يُطل علينا شيخ الأزهر منضماً لهذه المجموعة ليدهشنا بأفعاله وأقواله, فأن يُصافح ويرحب بالمجرم بيريس وأن يعترف بدولة الجماعات اليهودية وأن يقول(مالنا والفلسطينيين) وأنّه لم يسمع بحصار غزة من قبل فهذا برأيي شيء عادي ولم أكن يوماً أنتظر منه غير ذلك, ولكن أن يُنظّر على المقاومة في فلسطين ويتدخل في شؤونها وشؤون الفلسطينيين وأن يحاول أن ينال منهم لصالح أحبائه اليهود فهذا ما لا نقبله لا منه ولا من غيره أياُ يكن وليسمح لنا بذلك عظمته.
لقد سئمنا من الكلام الذي نسمعه بشكل شبه يومي من الرئاسة والحكومة المصرية وأتباعهم من رجال وعلماء الدين(تجار الدين), ولذلك أتوجه بمقالي هذا إلى أخوتنا أبناء فلسطين المحتلة عموماً وأبناء غزة الصامدة خصوصاً.
ما أود قوله هو أنّ مسألتنا الفلسطينية لا يجب أن توضع أو أن يرُاهن عليها من قبل من يعترفون بالجماعات اليهودية وبحقهم في إقامة دولة على أرض فلسطين المحتلة, وهذا ما نراه جليّاً في اتفاقيات مصر وشرقي الأردن والسلطة الفلسطينية(المخفر اليهودي الأول) وسياسة كل من السعودية ودول الخليج.وإنّ الشعارات التي ترفعها هذه الدول حول التضامن العربي والوحدة العربية والأخوّة....الخ هي مجرد كلام اعتادوا عليه في خطاباتهم الشعبية وفي أحاديثهم الرسمية, وهم بالتأكيد لا يقصدون ما يقولونه ولكنها شعارات أحبوّها وتبنوها لما لها من وقع سحري على شعوب العالم العربي وقدرتها على تحقيق مرادهم بالوصول إلى مناصبهم, ومع هذه السنين المتوالية سئم الكثير من أبناء العالم العربي هذه الشعارات وسئموا أيضاً الصراع اليهودي ساعدهم في ذلك سياسة حكوماتهم بالإضافة إلى غياب الكثير مما يساعدهم على الارتباط بالقضايا المطروحة ومنها المسألة الفلسطينية. فالمسالة الفلسطينية باتت لا تعني شيئاً للكثير من أبناء العالم العربي وهذا يعود بالإضافة إلى ما ذكرناه بالأعلى إلى انعدام عوامل الارتباط معها سواء من حيث الجغرافيا والبيئة الواحدة والتاريخ الخاص المشترك بالإضافة إلى النفسية المتفاعلة مع البيئات المختلفة التي يقطنها الإنسان في العالم العربي, وهذا ما نراه واضحاً بالنسبة لدول إقليم المغرب ووادي النيل بالإضافة إلى شبه الجزيرة العربية. أمّا بالنسبة للرابط الديني الذي يعوّل عليه أخوتنا في فلسطين المحتلة فليس هناك ما يؤكده التاريخ ولا حتى الحاضر الذي نعيشه على أنّ الرابط الديني هو عنصر أساسي في تشكيل الأمم و تحقيق الوحدة وإنما هو الناتج الطبيعي لتفاعل الجماعات مع بعضها بعضاً على هذه الأرض حيث أنّ هذه الجماعات على هذه الأرض بدورة الحياة الطويلة التي تعود الى ما قبل الزمان الجلي هما المكونيين الأساسيين للأمة , وبالرغم أنّ الدين قد يلعب دورأ مهماً في متانة القومية ( وليس تكوين الأمة ، كون القومية هي روح الأمة) حال إيران حالياً، فهو أيضاً يلعب بالتأكيد دوراً سيئاً في أمتنا بسبب سيطرة المذاهب والرسالات والعرقيات ، أما إيران فأغلبها من الشيعة ولا تناحر يذكر.
وكما تشاهدون فإنّ وضعكم الحالي لا يُمكن أن يُحل بالاعتماد على هذا الرابط الذي لو كان حقيقة فعلاً لما كنّا إلى الآن نعاني احتلال الجماعات اليهودية في الوقت الذي تتفرج عليكم الدول الإسلامية. ولا يخفى عليكم ما عانيناه من قِبل احتلال العثمانيين الذين أتونا باسم الدين حيث يتحملون القسم الأعظم من الوضع المذري الذي وصلنا إليه من تقسيم أرضنا وبيع بعضها وبالإضافة إلى نشر الجهل والتخلف وتعزيز التفرقة الدينية والمذهبية بيننا. وما شاهدتموه مؤخراً من تعاطف الطنطاوي( من يعتبره كثير من المسلمين أحد أكبر الشخصيات الدينية لديهم) ودعمه للجماعات اليهودية هو أحد الأدلة على ذلك. وكذلك ما شاهدتموه وسمعتموه ممن يُلقب نفسه بخادم الحرمين الشريفين مما هو معلن وغير معلن عنه كالدعم الوقح لحرب اليهود على لبنان, والسعي الدءوب للاعتراف باليهود وحقهم بإقامة دولة فلسطينية علناً طبعاً (لأنّ كل ذلك تمّ وراء الكواليس) وهذا ما تأكّد من خلال مؤتمر الأديان وفضائح الوثائق التي تثبت وتؤكد تعاطفهم مع اليهود منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي ومازالوا على النهج سائرين.
إنّ التفكير لدقائق وبدون أي تعصب ديني أو مذهبي أو اثني سيجد أخوتنا الفلسطينيين أنّ العروبة والتضامن العربي والرابط الديني أيضاً أياً كان هي جميعها عوامل ثانوية في حل مسألتهم وليست الحل الرئيسي والجوهري. فكل ما يريده العرب والمسلمون من وسائل للتحرير يملكونها ولكن لا نية في ذلك لأن حقيقة الأمة الإسلامية والأمة العربية التي ينادون بهما لا يعرفون طريقاً إليها.
إنّ تحريركم وتحرير أرضكم التي هي أرضنا أيضاً هو بأيديكم وأيدي إخوتكم من أبناء الأمة السورية, أبناء الأرض السورية وبمختلف شرائحهم وفئاتهم وأحزابهم وأطيافهم الدينية المختلفة, وهذا ما يؤكده التاريخ القديم والحديث وكذلك الحاضر, هؤلاء أخوتكم الذين في معظمهم رافضين لوجود اليهود على أرض فلسطين المحتلة, المتشبثين بمفهوم الصراع الوجودي وليس الحدودي مع الجماعات اليهودية, الرافضين لرمي السلاح العسكري والفكري والأدبي والمادي والمعنوي مقابل الاتجاه نحو التفاوض. فهل من المعقول أن يفاوض الشخص على شيء يملكه شرعاً وتاريخاً.
إنّ أكثر ما يدفع أخوتكم من أبناء الأمة السورية وفي كثير من الأحيان من غير أن يدروا باتجاه تحريركم هو الحياة الاجتماعية المشتركة فيما بيننا,و وجودنا ضمن محيط واحد و بيئة واحدة التي أثرت وأثرنا بها خلال حياتنا وحياة آباءنا و أجدادنا. هذا التفاعل الذي عمره آلاف السنين الذي هو أقوى من أي عامل آخر يجمعنا في وطننا وأمتنا, وهو العامل الأبرز في تشكيل ونشوء الأمم.
أخوتي في فلسطين المحتلة:ثقوا بأنفسكم وبقوتكم وبوحدتكم وثقوا بأخوتكم في محيطكم, وتشبثوا بعصبيتكم الوطنية فهي خلاصكم, وثقوا بأنكم تنتمون لأمة عظيمة يرى الكثير من أبناءها أنّ الحياة هي وقفة عز.