آخر الأخبار

حق المقاومة أهم الثوابت الوطنية

الاحتلال بشكل عام شيء بغيض, وهو محاكاة لعصور الظلام والجاهلية, حيث يسود قانون الغاب ولا قانون غير قانون القوة, ليس للعدل ولا للمعاني الإنسانية في دستور الغابة أي قيمة أو أي اعتبار, فما بالنا ونحن في الألفية الثالثة"القرن الواحد والعشرون", وشعارات العدل والمساواة وحقوق الإنسان تصدح بقوة, وللأسف الدول راعية الاحتلال تنصب أنفسها وكيلا ووصيا على شعوب العالم المضطهدة, وتدعي حمايتها من غول الاستعباد والتسلط, وتعدها بجلب نعيم الديمقراطية والأمن والسلم الدوليين, شعارات غير واقعية أكل عليها الدهر وشرب, فتذهب تلك الدول حامية الحقوق والحريات إلى دول الجوار القريب والنائي, كي تكرس الاحتلال والاستعمار بشقيه المباشر والغير مباشر, بل وتساعد جماعات التسلط المحلي على شعوبها, فالديمقراطية لدى الأوصياء ووكلائهم, مزيدا من القمع ومزيدا من الاستيطان, والمطلوب من الشعوب محل ديمقراطيتهم, مزيدا من الانبطاح ومزيدا من الصمت والقبول بكل ألوان الضيم والظلم والاستعباد, كقدر تفرضه آياتهم الشيطانية في دستورهم الاستعماري, بأشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية"الثقافية", وما على الشعوب الجائعة والمقتولة , إلا أن تسبح ليل نهار بنعمة دمويتهم وتؤدي صلاة الاستغفار, وتنطق بالحمد لدستورهم الاستعماري الدجال, فما بالنا لو كان ذلك القمع والاحتلال من نموذج الدولة المارقة"الكيان الصهيوني" حيث أيدلوجية الصهيونية العالمية, واعتبار هذه الدولة الصهيونية المسخ فوق القانون البشري, حيث سخر الله العباد خدم وحشم لبني صهيون, والله وكتبه ورسله وملائكته بريء من هؤلاء الصهاينة الأوغاد.

ليعلم من يعلم ولا يريد أن يفهم, أو يفهم ويؤول المفهوم, ويرى ويدعي العماء, ويدرك ويدعي الضياع, إن حق المقاومة بكل أدواتها وأشكالها سلميا وعسكريا وسياسيا, هي حق نصت عليه كل الشرائع والأعراف الدولية, وقلناها ألف مرة وسنبقى نقولها مادام الاحتلال جاثم على صدر فلسطين, أن المقاومة لصيقة للاحتلال, كمتوالية ومتوازية ومتناقضة سياسية واقتصادية وإنسانية, لايجوز بأي حال من الأحوال, تعريض المقاومة للمساومة وبذلها ثمنا لأحد سلوك الاحتلال, فلا سياسة دون مقاومة ولا مقاومة دون سياسة, ولكن وقف أشكال المقاومة سواء مقابل الغذاء والوقود والماء, أو مقابل رفع بعض الحواجز وإعادة انتشار البؤر الاستيطانية فهذه جريمة وخدعة صهيونية, لأننا سندفع بما هو ليس للبيع ولا المقايضة"المقاومة" ثمنا لمستحدثات فرعية يستحدثها الاحتلال للنيل من هذا الحق المقدس, ويبقى الاحتلال, ويبقى الاستيطان, ويبقى العدوان, لان لا احد يطالب بوقف المقاومة مقابل وقف استيطان أو وقف اعتقال, بل وقفها مقابل فرعيات حبائل وشراك بني صهيون هذه جريمة وبمثابة انتحار طوعي, وسابقة خطيرة كإرهاصة لوئد المقاومة.

فمثلما هو حق العودة ركيزة مقدسة, نصت عليها الديانات السماوية والشرائع الوضعية, رغم تأويلها النصي والحرفي بما يتناسب مع المشروع الصهيوني والسلام المنشود بمعايير صهيونية, على حق العودة كحق فردي"إما العودة وإما التعويض" وفي ذلك مغالطة مقصودة, لان القرار واضح لا لبس فيه"بالعودة والتعويض", فحق المقاومة المراد اغتصابه والالتفاف عليه بمسميات غاية في الهزالة, هو حق إن لم يكن أهم من حق العودة, فانه لايقل أهمية منه, لان حق العودة وكامل الحقوق رهينة بتفعيل وتصعيد المقاومة بشتى صورها,كي يتمكن الشعب الواقع تحت نير الاحتلال من عودته وتقرير مصيره واستقلاله,ودون مقاومة سواء بالمساومة أو التفريط أو تقييدها مع بقاء الاحتلال واستمرار الحصار بعدة وجوه سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية, فان ذلك يعني تطاول على هذا الحق المقدس, وإحداث اختراقات خطيرة للنيل من هذا الحق, فهو احد الثوابت الغير قابلة للمساومة, هذا إن لم يكن هذا الحق درة تاج باقي الثوابت, والاحتلال قبل رجال المقاومة على يقين, بان لاعودة ولا استقلال ولا تحرر دون تفعيل المقاومة وعدم جعلها عرضة للتفاوض, فالتفاوض يكون على المستوى السياسي تحت فعاليات المقاومة, حتى تأتي المفاوضات مع العدو أُكلها وثمارها المرجوة, فان حدث وارى أننا نتجه صوب ذلك, بان يكون حق المقاومة هو موضوع المفاوضات نفسها مقابل أمور تكتيكية فرعية, لا إستراتيجية أصيلة, فالنتيجة تكون ضياع المقاومة أو حتى تذبذبها فيما يكون الاحتلال في تصعيد من هجمته الاستيطانية والتهويد والاغتيال والاعتقال.

ولعل التهدئة التي أبرمت بين الكيان الصهيوني, وفصائل المقاومة في غزة, وبوساطة مصرية, إنما أثبتت بالدليل القاطع, أن تعريف التهدئة لدى الاحتلال, تختلف عن حتى المفهوم اللغوي والواقعي والعلمي, وفي المحصلة المطلوب هو رأس المقاومة, واقتلاعها شيئا فشيئا من جذورها كحق شرعي لكنس الاحتلال البغيض, أثبتت تلك التهدئة والتي دامت ستة أشهر وبقي من عمرها أيام قليلة, إن الاحتلال أراد تهدئة من الطرف المغتصب حقوقه, مقابل تخفيف حدة العدوان العسكري وتصعيده بعدوان أكثر قسوة, بوجوه أخرى مثل الحصار والعقاب الجماعي, الذي يتنافى مع كل العهود والمواثيق الإنسانية الدولية, وفي المحصلة مطلوب مقدما التجرؤ على جعل حق المقاومة متغيرا مع ثبات السبب"الاحتلال", وصولا إلى انحسار المقاومة وتمدد الاحتلال, مع بعض التنازلات من قبل المحتل , والتي لاترقى لتعريفها بتنازلات, لان الاحتلال دأب على استحداث معاناة فرعية لا أخلاقية كثقافة ثابتة لأي محتل, كي يقايضها بحقوق وثوابت تكرس الاحتلال, وتجعل من الشعوب المحتلة تندمج وتتعايش مع هذا القدر الأسود, التهدئة الظالمة مع اشتداد جريمة الحصار والخروقات بالاغتيال وقتل المقاومين والأطفال وانحسارها بشروط صهيونية في إطار قطاع غزة المحتل برا وبحرا وجو دون شمولها لباقي جسد الوطن, لهي تهدئة لا تمت للندية بأي صلة, بل هي كما يعرفها الاحتلال, حاجة الضعيف لها وبها مصلحة مؤقتة للمحتل, بل القبول بها لتكريس الانقسام الوطني الفلسطيني.

ورغم أن الساحة السياسية الصهيونية, بكافة مستوياتها السياسية والعسكرية, تبرز بعض الاختلافات والخلافات والتناقضات, مابين فريق مؤيد لاستمرارها , وآخر معارض لها, فلا تعدو تلك الادعاءات عن كونها مسرحية تطيب للبعض التغني بها, فالتهدئة بالمواصفات والحيثيات التي نفذت به, لم تصل حتى لتهدئة مقابل تهدئة, بل تهدئة مقابل عدوان, عدوان لم يتوقف منذ اللحظات الأولى لإبرامها, ولم يلتزم الطرف الصهيوني بأي من استحقاقاتها, رغم التزام فلسطيني كامل بها, بل واعتبر الصهاينة الرد على العدوان بأنه خرق للتهدئة وعدوان, والحديث يدور اليوم حول تمديدها, حتى أن هناك إشارات من الطرف الصهيوني, بلغة جديدة أن تمديدها لايتطلب اتفاقا جديدا بل الإشارة إلى السقف المفتوح لاستمرارها, وكان تلك التهدئة هي فرض وعلى الطرف الآخر الضعيف القبول باستمرارها, دون مطالبة برفع الحصار الجائر أو وقف الاغتيالات, ودون امتدادها شبر واحد خارج حدود قطاع غزة, ولا اعتقد أن مُعقل ولا وطني واحد يقبل بهذا الافتراء الصهيوني, لكي يصبح معنى التهدئة توقيع شفهي بالقبول باستمرار الحصار والمعاناة, وإطلاق يد المحتل في انتقاء فرائسه دون التمييز حتى بين مقاوم يحمل سلاحا, ولا طفل يحمل لعبته, فأين تلك المصلحة الفلسطينية مع هذه التهدئة الجائرة, بل كيف للاحتلال أن لايطلب بان تكون التهدئة أبدية كمصلحة صهيونية بشروط القبول بالقتل والمعاناة الجماعية اللا إنسانية, فتهدئة بهذه المواصفات لتذهب إلى الجحيم.

وأتحدى أن يقبل الاحتلال حتى بتهدئة مقابل تهدئة, ومن الجريمة القبول حتى بان تصبح المقاومة مجرد ردة فعل على العدوان, بمعنى إذا قصفوا نقصف, وإذا سكتوا تسكت المقاومة, هنا لا تصبح المقاومة سوى حاجة مارقة, مع استمرار العدوان بشتى أشكاله البغيضة والأشد ضياع وقسوة من العمل العسكري , فاستهداف المقدسات عدوان, واستهداف الأرض عدوان, واستهداف الزرع عدوان, كما هو بالضبط استهداف الإنسان سواء مدني أو عسكري في قانون الاحتلال لا فرق بل هدفهم واضح أن المدني والعسكري في عرف الجريمة والثقافة الصهيونية سيان, والمقاومة وجدت بسبب وجود الاحتلال, فماذا يعني وقف المقاومة مع استمرار بناء الصور العنصري وابتلاع الأرض, أليس هذا بعدوان يستحق اشتداد المقاومة, ماذا يعني وقف المقاومة مع استمرار غول وهجمة الاستيطان أليس هذا بأبشع عدوان يستحق تصعيد المقاومة لذروتها, ماذا يعني وقف المقاومة والمحتل يرتكب أبشع الجرائم في الخليل ونابلس وجنين وكان ذاك المقاوم والإنسان من جنس وعرق وجنسية لاتمت لوحدة القضية ووحدة العدو بصلة, بل ماذا يعني وقف المقاومة مع منع دخول الغذاء والدواء والوقود ومستلزمات الحياة مع الطرف المبرم معه اتفاق التهدئة أو وقف المقاومة, ماكان يجب مع هذا الظلم توقف المقاومة للحظة واحدة, إلا أنها كانت تجربة أثبتت فشلها, لان الاحتلال هو الاحتلال, وان توقع احترامه لتعهداته يعني بداية نهاية الاحتلال, إلا انه على مدار ستة أشهر ماتوقف لحظة واحدة عن القتل الفردي والجماعي, وما فرق بين عسكري ومدني, بل انتهج مع إيقاف المقاومة وتخفيف حدتها العقوبات الجماعية على مليون ونصف المليون مواطن من سكان قطاع غزة, والذي يفترض بموجب أي اتفاق تهدئة أن تنعكس على حياته بشكل ايجابي.

وما حدث بالعكس تماما, كان لتلك التهدئة الغير متكافئة والغير عادلة, تداعيات سلبية ودموية واقتصادية ونفسية مدمرة على قطاع غزة, والغريب أن الاحتلال مازال يتغنى بتلك التهدئة ويطلب المزيد من صنفها, فهل يمنح مزيدا من التهدئة المجانية بل كما يريدها قبولا رخيصا واضطراريا للضعفاء, وقبول مزيد من المعاناة والانتحار الطوعي, بل تصعيد المقاومة رغم توقع ارتفاع التضحيات والضحايا, لهو أهون من الموت البطيء والإعدام الجماعي الطوعي, وتصعيد المقاومة مقابل الشروط الصهيونية المجحفة, إنما يكون أكثر ملائمة وقوة لرفع الحصار وتحريك المجتمع الدولي على مستوى الأنظمة والشعوب والمؤسسات, ودون ذلك فان التهدئة بل وقف المقاومة, وانحسارها إنما هو القبول بالانتحار الطوعي, والقبول بلعبة السقف المفتوح دون تجديد اتفاق, إنما هو التفاف مفضوح على محاولة النيل من هذا الثابت الوطني الأصيل , ومسا خطيرا بأحد الثوابت التي يجب أن لاتكون مدار بحث على أي طاولة مفاوضات, سواء مباشرة أو بوساطة, لان وقف المقاومة يفترض به أن يكون هو بمثابة التوقيع الأخير على أفول الاحتلال, وان أي إخلال بهذه المعادلة, بسقوط هذه الركيزة الأساسية أو هشاشتها, يعني بصريح العبارة تصدع وانهيار البنيان, وعكس المعادلة إنما هو خبث صهيوني والقبول بهذا الخبث غباء بل انهزام, فالثوابت تحقق أولا ومن ثم دون اتفاق كتحصيل حاصل ينتفي سبب المقاومة بزوال الاحتلال, لا أن نبدأ بوقف المقاومة ثم نتطلع من عدو شرير أن يتحرك خطوة إلى الوراء قدر أنملة عن ثوابتنا الوطنية, فلا حاجة لنا ولا مصلحة لنا في مثل هذه التهدئة الغير متكافئة والغير محترمة من قبل المتغطرس الصهيوني, مزيد من المقاومة تطورا وتصعيدا وتنظيما يعني مزيد من الاقتراب من تحقيق الأهداف الوطني وانتزاع الحقوق والعكس صحيح.

والله من وراء القصد

greatpalestine@hotmail.com