يتخذ الكثيرون من الدفاع عن حقوق الإنسان وسيلة لاستكمال بريستيجهم في المجتمع، و طريقا للوصول لغايات محددة، و لهذا، نجدهم يتجهون للدفاع عن قضايا معينة دون البعض الآخر من المشاكل المطروحة و التي قد تكون أولى و أكثر خطورة.
في الجزائر، توجد حسب علمي ثلاث منظمات كبرى للدفاع عن حقوق الإنسان، هذا عدا عن بعض الجمعيات الصغيرة المتخصصة في نفس المجال، و ما نسمعه لحد الآن من هذه المنظمات عبر وسائل الإعلام يتركز تقريبا حول قضية واحدة أو اثنتين، أحيانا عن قضية المفقودين خلال العشرية الدموية السوداء التي مرت بها الجزائر، و في رأيي هم متوفون و ليسوا بمفقودين، و أحيانا كثيرة، بل و دائما يكون حديثهم عن السجون و حقوق السجين، و إلغاء عقوبة الإعدام، و كأنه بالجزائر لا يوجد من يعاني من أفراد الشعب إلا المساجين.
ماذا عن حقوق المريض؟ عن وضعية مستشفياتنا الحكومية؟ ماذا عن الصراصير التي أصبحت تنافس المرضى في الفراش و الأكل؟ و عن القطط التي تملئ غرفا ممنوعة على أقارب المريض.
ألا يعلم هؤلاء المدافعون عن حقوق الإنسان أن عجز المستشفيات الحكومية، و جشع العيادات الخاصة دفع بعائلات كثيرة للتسول غير المباشر لعلاج أبناءها و مرضاها، ألا يعلمون أن المساجد و الجمعيات الخيرية أصبحت هي الممول الدائم للعيادات الجراحية الخاصة، فأغلب المرضى يلجئون لها بسبب تكاليف الأشعة و التحاليل و العمليات الجراحية باهظة الثمن.
أغلب من اختاروا دور الدفاع عن حقوق الإنسان بالجزائر كما في العالم هم من المحامين و رجال القانون، لكننا لم نسمع هنا عن تكفل أحدهم بالدفاع عن مريض أصبح أبكما بسبب خطأ طبي، و كم هم كثيرون الضحايا من هذا النوع، ممن يدخلون لعلاج مرض واحد و يخرجون من المستشفى بمرض إضافي أو عاهة مستديمة، كأن يدخل المريض لعلاج الغدة الدرقية فيخرج أبكما بعد العملية بسبب تلف أحباله الصوتية.
ألا يتابع هؤلاء الحقوقيون تغير القوانين الخاصة بحماية الفئات المحرومة، هي تتغير من ظالمة إلى أكثر ظلما، أظنهم ليسوا على علم بحرمان الأطفال المصابين بمرض مزمن من المنحة و الدواء، و أظنهم يجهلون الشرط الغريب الذي تضعه وزارة التضامن في طريق المعاق لكي يتحصل على المنحة، يجب أن يكون متزوجا، رب عائلة كما يقولون، كيف نطالب المعاق ذهنيا أو حركيا بالزواج؟ أليست نكتة؟ هذه ليست الهند بلد التناقضات، بل هي الجزائر بلد كل شيء ممكن، لكن كل شيء سيء و رديء.
نكتة أخرى من نكت وزارة التضامن، فئة الصم البكم ليست فئة معاقة، و ليس لديها الحق في بطاقة الإعاقة و المنحة و رقم التأمين، حجتهم في هذا الاختراع، هي أن فئة الصم البكم تستطيع الاندماج في سوق العمل. أليست نكتة تحرق الأعصاب و تسخر من كل أفراد الشعب، يحدثوننا عن عمل الصم البكم، في وقت يرمي فيه الشباب أنفسهم في البحر هربا من جحيم البطالة.
**ناشط اجتماعي جزائري
djameleddine1977@hotmail.fr