آخر الأخبار

طاعون المخ: صراع البقاء مع الجرذان

وقفت اليوم كعادتي على الكورنيش لأنال قسط من التفكير في فترة الغروب، وهذه العادة بدأتها على كورنيش جبلة منذ اليوم الأول فيها. وطبعا البحر الازرق الهادىء والمسالم بطريقة غير عصرية وأبدية جدا توحي بالسلام الداخلي الذي تحمله الطبيعة عبر عمرها الطويل..

[img]http://people.whitman.edu/~yancey/sunset06.JPG[/img]

تبدو مدبنة اللاذقية كعنصر طبيعي هادئ من بعد بالرغم من أنها من صنع البشر لكن الأمور دائما حلوة من بعد وعند الاقتراب منها والتعامل معها تظهر المعوقات والشراسة البشرية المادية الطاغية والتي هي أيضا مظهر من مظاهر الطبيعة لكن البشرية...

عموما لا يمكن لانسان يقف على كورنيش أن يستمتع لفترة طويلة بهدوء البحر الغامض لأن وضوح المخلوقات البرية أقوى!! فهناك في الاسفل تصب عدة مصبات مجارير بكل بهجة مجرورية لتعكس الانجاز الحقيقي لشركة الصرف الصحي المتمثل في حفر الطرق وصناعة الزحمة وتخديم المواطنين الذين يتكاثرون كالجرذان بدون حدود أو تفكير ولكن تصاحب عملية التكاثر عملية الشتم والسب والتحشيك على البلدية والشركات التخديمية لأنها تقطع الطرقات وتحفر الطرق الآمنة بدون الشعور أو التفكير بمصدر سبب هذا الحفر المتواصل والتوسيع المتواصل للمدارس لتستوعب الزيادة البشرية الجرذانية المرعبة!!

لم أذكر الجرذان بسبب الوحي وانما من مشاهداتي الكورنيشية المخترقة من البشر ومخلفاتهم فالقمامة التي أحاول تجنبها وارفع نظري كل مرة لكي أقاوم محاولة التفكير بها بدلا من التأمل البحري المنعش الا أن قفزات جرذ من هنا وجرذة من هنا وتلاحم جرذين عاشقين هنا يدعوني الى توسيع المنظر لأشعر بالذهول من كوني مجرد حيوان بشري شبيه تقريبا بالجرذ المقرف الذي تهرب الناس من منظره نظرا لتطابق وجهات النظر (سالب مع سالب = تنافر) ولأنني واثق من أن الجرذان تراقبني كما أراقبها لأن حركاتها في كل الاتجاهات ما عدا اتجاهي فإن هذا يجعلني أشعر بشعور غريب لا يمت للقرف المفترض شعوري به في هذه الحالة!! اشعر بمدى تلاحم الناس مع الجرذان فهؤلاء يقتاتون ويعيشون في شبكة الصرف الصحي التي تحفر الشركات من أجلها ليل نهار أي أن مزاعم جمعيات حقوق الحيوان والانسان أن الانسان والحيوان لا تتم معاملته بشكل جيد ما هي الا مزاعم بعيدة كل البعد عن الصحة والدليل أصدقائي الجرذان الذين ينطوطون بكل حرية وفرحة وبهجة ويمارسون نشاطهم أمام أعين الصيادين والمارة والمتأملين بدون أن يتدخل أحد في شؤونهم!!

أنظر مرة أخرى الى البحر الأزرق الواسع الذي أستطيع أن أتخيله أنه مجرد بركة كونتها دموع آلهة اغريقية تبكي على هذا الجنس البشري الذي خلق للمعاناة والصراع الحيواني للبقاء...

وفي صراعي المذكور سابقا فانني أعلن انتصار الحيوان على الانسان على الكورنيش بعد أن أجبرتني مجموعة جرذان تحيا بسلام على الابتعاد خشية الاصابة بطاعون المخ.