أيها السادة المحترمون :
بعد أن أثرنا الاستهلاك بالطعام لا بد أن نثير الاستهلاك في أنماط الحياة المجتمعية وسأثير اليوم موضوع الاستهلاك بالهاتف والموبايل والدخان :
إن ما يلفت الانتباه في قريتي حورات عمورين في عام 1999 إن عدد المدخنين بالقرية بلغ 395 مدخن موزعين في 470 أسرة وهو معطى ايجابي بأقل من مدخن في الأسرة الواحدة ومع ذلك يدخنون ب 14000 ليرة سورية يوميا" وب حوالي 5 مليون ليرة سورية سنويا" وهو ما يزيد عن 10 0/ 0 من إجمالي إنتاج القرية الذي كنا حددناه في مقالة سابقة ب 48500 ثمانية وأربعون مليون وخمسمائة ألف ليرة سورية سنويا" وفي حينها لم تكن منتشرة الموبايلات ولما كان من المتعذر إعادة تنفيذ الإحصاء بعد ذلك التاريخ قمنا بإجراء إحصاء تقريبي على استهلاك الموبايلات سنويا" في عام 2008 وتبين أن القرية تنفق على الموبايلات أكثر من 12 مليون ليرة سورية وهو رقم أكثر من اللباس بالقرية وهو 10 مليون في عام 1999 ومن هنا قمنا بدورة للتدريب على الاقتصاد المنزلي بالتعاون مع برنامج المرأة الريفية التابع لمديرية الزراعة حول آلية الإنفاق المنزلي وكان المقترح :
- أن تقوم ربة الأسرة المعنية بالصرف على المنزل بوضع المبلغ المقدر للصرف على الأسرة كصناديق على شكل ظرف موضوع فيه مبلغ لشراء الخبز مثلا" وظرف لشراء اللحم - وظرف لشراء الفواكه - ظرف لشراء الخضار - ظرف لشراء الحليب ومشتقاته - ظرف للدخان - ظرف للهاتف ( والموبايل ) - ظرف للتداوي - ظرف ادخار 00 الخ وتقوم ربة الأسرة بالإنفاق لإجراء محاكاة رقمية ماذا كانت النتائج :
أ- يتبين انه في شهر ما وبسبب زيارة بعض الضيوف قامت الأسرة بإنفاق قيمة مخصصات اللحمة والفواكه للأولاد ولنفرض أنها 1500 ليرة شهريا" بينما تلك الأسرة تنفق على الموبايلات في البيت 3000 ليرة سورية والهاتف 500 ليرة والدخان 2000 ليرة و النرجيلة 400 ليرة بربكم أليس ذلك معيبا"
ب- في بعض الأشهر قد يمرض بعض أفراد العائلة وهنا تلجأ الأسرة لاستدانة كل الصناديق المذكورة أعلاه حتى ظرف الخبز والباقي من الجيران إلا ظرفين مقدسين لا تقربهما الأسرة وهما ظرف الهواتف و الموبايلات - ظرف الدخان أليس هذا سلوكا" استهلاكيا" سلبيا"
ماذا فعلنا بالتدخين : قمنا بحملة للإقلاع عن التدخين بالقرية وتم إقلاع 47 مدخن بكلفة سنوية 410 آلاف ليرة سورية - أما من لا يستطيعون الامتناع عنه فقمنا بحمله هدفها تحديد يوم للإقلاع عن التدخين بالقرية والتبرع بالمبلغ ( قيمة الدخان في ذلك اليوم ) وهو 14000 ليرة سورية لشراء عجلة ( بنت البقرة ) لأسره فقيرة وعندنا كان 35 أسرة تعيش دون حد الفقر بكثير وهذه العجلة ستكون قيمتها خلال عام في حينها 50 ألف ليرة وستنتج 5000 ليرة سورية شهريا" وهذا الاقتراح الأخير لم ينفذ للشفافية وتفاصيل هذا العمل كنت قد أثرتها بمقالة سابقة ( التدخين كارثة وطنيه )
- أما في مجال الهاتف بحينها فقد اقترح البعض أن توضع حصالة جانب الهاتف ولا أحد بالأسرة يتصل إلا ويضع مبلغ بين 5 - إلى 10 ليرة سورية وفي نهاية الدورة تفتح الحصالة لتسدد قيمة الفاتورة 0
- هنا أريد أن أتساءل هل وجود جيل ينفق الفرد فيه على الموبايل 2000 ليرة سورية والدخان 1500 ليرة والنرجيلة 1000 ليرة سورية وبنزين للموتور 1000 وللشلة 1500 ومصاريف خاصة لباس وغيرها حوالي 2500 = حوالي 10000 ليرة وهو راتب مهندس معين حديثا" وبالمقابل ما يتاح لهذا الشخص أن يعمل كعامل زراعي بأجور يومية حوالي 125 يوميا" لمدة أربع ساعات هل يؤثر هذا على ثقافة الإنتاج والاستهلاك وهل يؤسس لنمط تفكير سلبي يعزز قيم الاستهلاك على حساب قيم الإنتاج
- سؤال أتركه بين أيديكم للإجابة عليه والى اللقاء في ثقافة الاستهلاك 3
--------------------
حورات عمورين