أريد اليوم أن اطرح تعزيز نمط الاستهلاك على مستوى بعض السياسات الحكومية :
أيها الأخوة ما عزز نمط الاستهلاك السلبي هو سياسات حكومية تدمر المنتجين وتعزز أنماط الاستهلاك وسأسرد الموضوع على شكل بضعة ملاحظات ليست للإحاطة بل للإشارة :
1- قامت الحكومة برفع رواتب الموظفين لأكثر من مرة دون أن يكون هناك زيادة تذكر لمواسم الفلاحين وهنا نلاحظ أن معظم موظفي سوريا لا ينتجون بقدر رواتبهم فالموظف الذي يصل راتبه إلى 15 ألف ليرة سورية وإذا كان الدوام الشهري الفعلي هو 20 يوم سيكون دخله اليومي هو 750 ليرة بينما يعمل عامل بالسقاية كل النهار 12 ساعة ب 500 ليرة مما جعل العمل الزراعي ليس هدفا" لفئة الشباب الذين ذهبوا في أحسن الأحوال إلى لبنان للعمل كعمال لتوفير العمل والمال بما أن العمل الزراعي لا يتصف بالديمومة
2- دمرت الحكومة بسياستها قيم الإنتاج وقيم الاستهلاك الايجابي لأن الموظف الذي زاد راتبه وخاصة أن الكثير منهم متزوجين من موظفات اقترضوا قرضين على رواتبهم واحضروا ما ادخروه واشتروا سيارة وفي أحسن الأحوال قاموا بالتسجيل على شقه ودفعوا ما تبقى من راتبهم كأقساط شهرية 0 وفي المقلب الآخر الفلاح الذي يدفع كل ما ينتج بسبب غلاء التكاليف مما جعل الخضرجي جارك أينما كنت يعمل محله من 1 إلى 5 الشهر والباقي لا يبيع الفواكه إلا بالمناسبات ولا اللحمة ولا غيرها ويكتفي بما يسمى( قوت لا يموت )ولما كان بيع هذه الفواكه وغيرها مرتبط بمنتجين قام العمل بالتصدير بالتأثير على سوق المنتجات فغلاء اللحمة ليس سببه الاستهلاك بل التصدير وفي قريتي ليس بها قصاب لحمه لأنها لا تستهلك اللحوم الحمراء بسبب غلائها
3- نمت طبقات كنبات الهالوك تعيش على كاهل المنتجين وهي تشعر بالتخمة والمنتجين بالجوع 0 فكيلو البامياء يبيعه الفلاح ب 35 ليرة سورية فيفرز ويباع الزهرة ب : 150 ليرة والكبيرة ب 60 ليرة سورية بينما لو قام الفلاح بوضع عمال للقطاف لما بقي له شيء منها وتستطيعون أن تعدوا مئات الأمثلة بينها سعر الفريكة في العام الماضي ب 25 ليرة وتباع بعد بعض التعديلات ب 125 - 160 ليرة للكيلو غرام الواحد وبدل أن تفعل الحكومة مؤسساتها قامت بالابتعاد بحجة اقتصاد السوق ونست انه حتى في أكثر البلدان رأسمالية هناك سياسة تسعير حددها : - إما ضرورات الاستمرارية أو سياسة حكومية ما 0ومن حيث النتيجة كل من المنتج والتاجر والمستهلك وبينهما بائعي الجملة والمفرق كل منهم يجد نفسه بحاجة إلى استمرار الآخر وتولدت قيم إنتاج حقيقية ومنافسة بالجودة والسعر وليس السبب فقط المنافسة كما يروج بعض منظري حكومتنا
4- وأصبح يستطيع منتج حقيقي كالفلاح أن يرى بشكل جلي أن كل من يعمل بالأرض فقير وكل من عمل بهذا الفلاح غني جدا" من الصيدلي الزراعي إلى التاجر إلى الوسيط إلى سمسار سوق الهال إلى بائع محلات المفرق وانتشر مثل : الأرض غناها للركبة وفقرا للرقبة
5- غابت الرقابة عن وسائل الإنتاج وأسعارها وجودتها مما أدى إلى تدني الإنتاج والمردودية الإنتاجية وتوفرت المادة لدى التاجر ولم تتوفر لدى الجمعيات والمصارف فالكثير من الفلاحين قاموا بزراعة الخضار عدة مرات وأنا منهم دون أن تنتج وبعضهم اشترى بذار الشوندر وبعد عدة أشهر طويلة تبين بأنه غير صالح وغيرها وغيرها مما أدى أن يكره الفلاح عملة ويتمنى لو يعمل زبال في أي بلدية بدل العيش من أرضه
6- تطورت الأزمة مع الزمن وقام الفلاحين بالتوجه نحو بدائل للعيش من وظيفة وهجرة العمالة إلى لبنان والبحث عن السفر كما لجأ بعض الفلاحين لتربية الأبقار ولكن مع ضيق المناطق السكنية وعدم السماح بالبناء بالأراضي الزراعية وخاصة في منطقة الغاب مما أدى إلى تضييق الخناق على المنتجين فانخفض عدد مربي الأبقار في قريتي من 43 مربي في 470 أسرة بعام 1999 إلى 25 مربي في حوالي 600 أسرة بعام 2009
7- غياب المعطيات الرقمية لدى المؤسسات الحكومية حيث كانت الحكومة تقول أنها تكنوقراطيه بينما نسمع من أعلى الجهات الحكومية بان الأرقام تربكه فلا أحد يستطيع أن يعطي حصة الفرد في سوريا من إنتاج لحم الفروج لأن هذا الإنتاج يتفاوت بين فوج وآخر وأصبحت حالة عدم الاستقرار سمة المنتجين فمهما كان الربح في فوج دواجن لا احد سيعرف الخسارة في الفوج لذي يليه ولو كان هناك مؤسسات تقدم بشكل دوري وأسبوعي حتى عدد الذين قاموا بالتربية وكلفة الإنتاج وما إلى هنالك من معطيات تساعد المنتجين لخفت الخسائر واستقرت الأسعار ولكن مرة" أخرى تغيب الأرقام وتغيب معها قيم الإنتاج الإيجابي
أيها الأخوة إن لعب الدولة دور المراقب وعدم التدخل أضر بشكل كبير بشريحة الفقراء وسأناقش في المقالة القادمة من ثقافة الاستهلاك بعض تبعات هذا الموضوع واحتاج لدعمكم وسعة صدركم
حورات عمورين في : 25 / 6 / 2009