قدمت البيئة الريفية المحلية في الساحل السوري مفردات بدائية ساعدت الطفل الريفي على أن يحولها إلى وسائل للعب والتسلية وذلك قبل انتشار مختلف أنواع الألعاب الحديثة سواء الدمى منها أو المجسمات أو الالعاب الذهنية كألعاب الفيديو التي باتت اليوم في مجملها تشكل صناعة قائمة بحد ذاتها ترعاها كبرى الشركات والمصانع حول العالم.
يقول أبو عمار من قرية الدبيقة في اللاذقية والذي يبلغ من العمر خمسة وخمسين عاما إنه كان وأقرانه من أولاد القرية قبل نحو نصف قرن تقريبا يلعبون بما تتيحه لهم عناصر البيئة المادية من حولهم فدرجوا على مجموعة من الألعاب الشعبية التي كانت معروفة آنذاك و كانت هذه الألعاب على بساطتها ممتعة للغاية وبعضها لايزال متداولا اليوم في قرى اللاذقيةولاسيما بين أطفال الطبقات الفقيرة ممن لا يسمح لهم قصر ذات اليد بشراء الألعاب العصرية.
ومن هذه الألعاب مايسمى بالدكرعة ويقوم الأولاد فيها بحفر حفرة صغيرة في الأرض بعد أن يقوموا بإحضار كرة صغيرة كانت تصنعها النسوة لأولادهن من بقايا القماش البالية و يمسك كل من اللاعبين بعصا خشبية غليظة بعد ذلك توضع الكرة في مكان ثابت على بعد عدة أمتار من الحفرة حيث يتناوب الأولاد على ضرب الكرة باتجاه الحفرة محاولين إسقاطها فيها.
ويعطى كل منهم فرصة ضربها لعدد محدد من المرات يتم الاتفاق عليه مسبقا ثم يحصى عدد الضربات الناجحة لكل منهم و يحدد الفائز على هذا الأساس.
ويضيف ابو عمار ان هناك ايضا لعبة القواميع و في هذه اللعبة الشعبية يقوم الأولاد بصف عدد من أحجار الصوان و غالبا ماتكون خمسة فوق بعضها البعض على شكل قمع قلوب ثم يقومون بعد ذلك وبالتناوب برمي حجرة من السلاط باتجاه الهرم الحجري حيث يحاول كل منهم الإيقاع بأكبر عدد ممكن من أحجاره.
وتبرز مهارة اللاعب وقوته العضلية لدى إصابة و إيقاع الحجرتين الأخيرتين من الأسفل نظرا لكبر حجمهما و قلة ارتفاعهما عن الأرض.
اما اللعبة الثالثة تسمى بـ /الشركيك/ وتعين فيها نقطة ثابتة في الأرض تعلم بواسطة عود خشبي حيث ينطلق أحد اللاعبين من هذه النقطة راكضا يتبعه آخر بعد أن يقطع الأول مسافة تقارب العشرين مترا و يجب هنا على اللاعب الثاني ليفوز أن يلحق بالأول و يتجاوزه ثم يلف عائدا بسرعة كبيرة نحو الإشارة المخصصة في الأرض.
ويشير أبو عمار ضاحكا إلى أن المتعة الحقيقية للمتفرجين على اللعبة أو المنتظرين لدورهم التالي تحقق عندما يبقى اللاعبان الراكضان في مطاردة مستمرة دون أن يستطيع اللاعب الثاني اللحاق بالأول و هكذا حتى يغيب كلاهما عن الأنظار.
ومن الألعاب الشعبية في ريف الساحل لعبة الخبر و يضع فيها الفريق الأول المؤلف من لاعبين أو ثلاثة عودا خشبيا من أحد أغصان الشجر بطول عشرين سنتمترا يضعه مستندا بشكل مائل على حجرة بعلو عشرة سنتمترات تقريبا بحيث يبقى طرفه العلوي المتجه إلى الأعلى طليقا دون إسناد.
وعلى هذا الجزء بالتحديد يضرب أحد اللاعبين بقوة بعد أن يصيح بأعلى صوته بكلمة خبرمستخدما عصا خشبية في يده فيطير العود عاليا متشقلبا في الهواء.
وفي هذه اللحظة يجب على أحد لاعبي الفريق ذاته أن يصوب عصاه نحو العود الطائر و هو يتهاوى متابعا ضربه باتجاه الفريق المقابل والذي يمتلك الأدوات ذاتها ويتحدد فوز هذا الأخير أو خسارته تبعا لقدرته على رد العود المقذوف أو عدم ذلك.
ويجمع عدد من سكان القرية ان هناك المزيد من الألعاب الشعبية و جميعها يعتمد بشكل رئيسي على الحجارة و الأعواد و العصي الخشبية بالإضافة إلى الحبال و شيء من عظام وغضاريف الحيوانات و سوا