آخر الأخبار

كل شخص هو تحفة فنية

يحكى أنه بإنكلترا كان يوجد زوجان محبان لزيارة الدكاكين الصغيرة الموجودة في قلب لندن..
و عند دخولهم إحدى الدكاكين وقفا مذهولين أمام فنجان شاي غاية في الجمال
- هل تسمح لي بمعاينة هذا الفنجان ؟ سألت السيدة ! أنا لم أر بحياتي شيئاً بهذا الإتقان و الجمال...!
و بين يدي السيدة بدأ فنجان الشاي يروي قصته...
- إن حضرتك يجب أن تعرف بأنني لم أكن دائماً هذا الفنجان الذي تحملين... منذ زمن بعيد كنت فقط قليلا من الجص و لكن أحد المهنيين المهرة أخذني بين يديه و بدأ بإعطائي شكل حتى وصلت إلى لحظة لم أعد أحتمل بها و صرخت به ! رجاءً اتركني بسلام ! و لكنه ابتسم و قال تحمل قليلاً فلم يحن الوقت بعد.

بعدئذ ووضعني بالفرن ! لم أشعر بحياتي مثل هذا الحر! فطرقت باب الفرن و من خلال نافذته الصغيرة قرأت شفاهه و التي كانت تقول: احتمل قليلاً فلم يحن الوقت بعد. و عندما فتح الباب قام بوضعي على طاولته و لم أبرد بعد ... بدأ بنحتي و تنعيمي و تقليبي من جهة إلى جهة و هو ينظر إليّ من الأعلى و من الأسفل و بمهارة عالية قام بتلويني بعدة ألوان مختلفة مما جعلني أختنق ... اتركني بسلام صرخت عليه و لكن كان يجيبني فقط تحمل قليلاً فلم يحن الوقت بعد ... و أخيراً و عندما ظننت بأنه انتهى أدخلني إلى فرن آخر أكثر حرارة من الأول و عندما ظننت بأنها نهايتي رجوته و بكيت له و طلبت منه أن يرأف بي و يخرجني فقد وصلت إلى حد الجنون و فعلت المستحيل لكنه عاود القول تحمل قليلاً فلم يحن الوقت ... فسألت نفسي إذا هل يوجد هناك أمل ؟ و هل سوف أستطيع تحمل هذه المعاملة القاسية ؟عندئذ فقط فتح الباب و أخذني بين يديه برفق شديد و حملني إلى مكان مختلف جداً هناك كانت الفناجين كلها جميلة جداً قطع فنية فريدة تشع كما في الأحلام و لم يمض وقت طويل حتى اكتشفت أنني في متجر مميز و أمام مرآة و إحدى هذه العجائب كنت أنا لم أستطع تصديق نفسي هذا لا يمكن أن يكون أنا ... و عندئذ قال لي صانعي : أنني أعلم بأنك تكبدت كثيراً عندما قولبتك و نحتك بيدي ولونتك.. أنظر إلى شكلك المتناسق أعلم بأنك عانيت الحرارة الشديدة و لكن أنظر إلى بنيتك القوية أعلم بأنك تعرضت للحف و التنعيم و لكن أنظر الآن إلى ملمسك و حضورك و أعلم أنك تحملت الدوخان من الطلاء و لكن أنظر إلى جمالك؟ لو أنني تركتك كما أنت لما حدث كل هذا أنت الآن تحفة فنية هكذا تخيلتك عندما بدأت عملي معك...

- و هكذا يا أصدقائي فإن كل واحد فينا هو تحفة فنية رائعة الجمال قد تكون غير منتهية و عليه تحمل الكثير و لكن في النهاية من يصمد و يحدد مبتغاه و يطور مواهبه و ثقافته هو في النهاية تحفة فنية فريدة من نوعها.

إعداد و تقديم د.م بشار علي عجيب