قد لا يختلف اثنان بأن براعة الصحفي أحمد منصور صاحب برنامج شاهد على العصر لا تجد سقفها إلا في ضعف براءته عندما يتعلق الأمر بالمشروع القومي العربي و استحضاره الدائم عبر حواره مع ضيوفه لكل شياطين التفاصيل و قرود التعاليل المتعلقة بأخطاء آباء المشروع القومي العربي بما فيها تلك المتعلقة بشرف انكساراتهم المؤقتة أمام مؤامرات العدو و الصديق خصوصاً قضية وحدة سورية و مصر .
في هذه الأيام يلتقي منصور بواحد من أسوأ الشخصيات في تاريخنا المعاصر و هو الضابط السابق عبد الكريم النحلاوي الذي أجهز عبر خيانته لرئيسه آنذاك عبد الحكيم عامر و خيانته للوحدة أولاً على نظام الوحدة و قيامه بالانقلاب عليها.
ما استوقفني كثيراً حتى ألان في الحلقتين الماضيتين جملة خرجت من شفاه النحلاوي بكل عفوية و هو يتحدث عن الضابط أكرم ديري قائلاً : هو ليس شامي انه من المزة!! و هي ضاحية قرب دمشق .. في أثناء إجابته عن استفسار يتعلق بمصطلح (الضباط الشوام) المعروف و الذي تقول الأحداث أن بعضهم كان على رأس حركة الانفصال .
و مر بخاطري كم هو تعيس هذا النوع من تقسيم الناس الذي يوصل إلى الزواريب و الحارات و لا يقبل انتماء حتى أولاد المزة الدمشقيون (لكنهم فلاحون) إلى دمشق الخالدة .
فإذا لم يستحق المزاوي أن يسمى دمشقياً فما أفعل أنا ذو الأصول الحمصية الباب سباعية مع أنني ولدت و كبرت و درست في دمشق و هي في دمي تسبق الكريات البيض و الحمر .
انه يا سادتي الفكر الذي يحتمي بالزواريب من أجل أن يستر عوراته في كل زمان و مكان ... فلا مناطقية و لا طائفية هي (زاروبية) أو (زواريبية) صدقوني و هاهو الدليل أمامكم فيا أيتها المزة الدمشقية الحلوة القائمة على قبلة الربوة و سفح الامتداد القاسيوني و التي كانت عامرة ببساتين الصبار و صارت ألان محلاً تخلى عن خضرته للبيوت و الفيلات الشامية الجديدة و الذي لعبتُ فيه كرة القدم في الحارة ...لست دمشقية في عرف الانفصالي الأول و ليس أولادك دمشقيون! و يمكن النظر في اعتبارك (فئة) خاصة على جدول أولئك الذين يجدولون التقسيم و التجزيء و التبعيض في هذا الوطن الكبير .
رحم الله أيام الوحدة و نقر بأخطاء آبائنا في عدم الدراية بأن العاطفة لا تكفي لبناء دولة الوحدة و أن علينا تعلم الدروس و لكننا لن نكون متزوربين أبداً مهما حصل و نهجنا هو الاتحاد و التضامن .