أن الجزع ينتابه مما يسميه أدب الواقع الزائف الذي انتشر هذه الأيام إذ أن الأدب الحقيقي في في رأيه هو كشف واستبصار.
وتناول أدونيس موضوعات وشؤونا عديدة بينها موضوع الشرق والغرب فقال فيه ما يحمل تناقضا مع مقولة روديارد كيبلنج الشهيرة إن الشرق هو الشرق والغرب هوالغرب ولن يلتقيا حيث قال أدونيس إن العالم واحد.. الغرب والشرق غير قابلين للانفصال .
وبدا واضحا في الكتاب الذي وضع بالتعاون مع الروائية الفرنسية شانتال شواف وترجمه عن الفرنسية حسن عودة أن مواد الكتاب جاءت نتيجة حوارات أو مقابلات معها حيث ختمت الكتاب بموضوع عن شعر أدونيس وقالت في مقدمة قصيرة في الصفحة الأولى يتحدث إليك أدونيس كما لو أنك جالس معه على رصيف مقهى الفلور أو مقهى الدوماجو. اصغ إليه فصوته يحررك وحين يتكلم تفاجأ بأن العالم يتسع أمامك .
وتحت عنوان (الأدب) قال أدونيس بعد الرواية الجديدة يظهر اليوم إلى النور تيار أدبي جديد يضم أعمالا أدبية هي بالتأكيد أشبه بتقارير عن الحياة اليومية. لم يعد هناك مسافات بين الكلمات والواقع. لم يعد هناك بالتالي أدب يصبو إلى رؤية العالم وفهمه بصورة أفضل. غير أن من الضروري في الأدب خلق مسافة بين الكلمات والأشياء لأن لصق الكلمات بالأشياء أشبه بمن يلصق وجهه بالمرآة فلا يعود يرى أي شيء. اذا ما ألصقنا الكلمات بالواقع والأشياء لا يعود بوسعنا رؤية المرآة ولا الوجه. لا الواقع ولا الكلمات بل إننا نعجز عن رؤية أي شيء. وعليه فإن الأدب الحقيقي هو كشف واستبصار .
ويتابع رأيه قائلا نشهد تحالفا موضوعيا بين السوق والسلطة وهو تحالف مخيف. لقد تغير العالم كما تغير معنى الفلسفة والشعر والسرد الحكائي. استولت عليه الصحافة ووسائل الإعلام .
وفي الحديث عن الشرق والغرب قال أدونيس كان الشرق مصدر النور ثم غدا مع الديانات التوحيدية وعبر ممارساتها منبعا للظلام والعنف. بهذا المعنى فإن الغرب اليهودي/ المسيحي ليس سوى شكل للشرق شكل مموه ومزركش بأدب زاخر من التسامح .
وتحدث عن الغرب قائلا ربما كان يقتل الشرق ويخنقه بحبل من حديد وقد دأب على خنقه حتى الآن ولكن بحبل من حرير رغم أن الحصار والحرب على العراق ليس فيهما شيء من نعومة الحرير. وماذا يعني حبل من حرير.. يعني أن يترك الغرب للشرق استقلالا مزعوما ونظما متحررة مزعومة ولكن الغرب هو الذي يدير كل شيء .
وأضاف أنه حين يتحدث عن الغرب فإنما يتحدث عن
الغرب الاقتصادي والعسكري أما حين يتحدث عن الشعر والفن والفلسفة والإبداع فإن الحدود تنمحي بين ما يسمى الشرق والغرب هذا إن وجدت يوما, حسب قوله.