من دولة موقتة في المنفى الى دولة دائمة في فلسطين
كان ما اراده عرفات وانصاره، في المقام الاول، اعترافاً دولياً بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. كانوا قد حصلوا على ذلك من جميع الدول العربية، ونحو عشرين دولةً اخرى. وتمتعت منظمة التحرير ايضاً بصفة مراقب في الامم المتحدة. لكنهم ارادوا الاعتراف ايضاً - وبالدرجة الاولى - من الولايات المتحدة. ذلك ان الولايات المتحدة كانت ما تزال ترفض الاقرار بان الشعب الفلسطيني هو شعب - وليس مجرد لاجئين - مع حق تقرير المصير وحق اقامة دولة كأي شعب آخر، او حتى انهم يشغلون مكانة رئيسة في الصراع. اما بالنسبة الى منظمة التحرير الفلسطينية، فان االحكومات الاميركية كانت ما تزال تعتبرها ليس فقط مؤسسةً غير ممثلة، وانما منظمة ارهابية يجب ركلها ايضاً. وعلى اي حال فانها كانت ملتزمة - بوعد سري قطعه كيسنجر لاسرائيل - بعدم الدخول في مفاوضات معها الى ان تعترف بـ"حق اسرائيل في الوجود".
ومع ان احتمالات نجاح الدبلوماسية بدت بناء على ذلك غير مواتيةٍ في ذلك الحين، فانها كانت مع ذلك دبلوماسية، كأداة مكملة لـ"الكفاح المسلح" تحول اليها عرفات وتياره الرئيس الآن بدون تردد كوسيلة لهم، وشيء اقل - اقل بكثير - من "التحرير الكامل" الذي كانوا يتوجهون نحوه. وبموجب "البرنامج الموقت" الذي كان المجلس الوطني الفلسطيني، اي برلمان المنفى، قد تبناه في العام 1974، فان الفلسطينيين سيقبلون الآن باقامة "سلطة وطنية" على اي جزء من فلسطين يتمكنون هم، او العرب، من تحريره بوسائل دبلوماسية او عسكرية، من دون ان يتنازلوا مع ذلك عن "حقهم التاريخي" فيها برمتها. وكانت تلك بداية سياسة "الاعتدال" التي ادت، عب مؤتمر المجلس الوطني في 1988 واتفاق اوسلو في 1993، الى تلك الصيغة المسماة "حل الدولتين"، والتي يعتبرها العالم كله تقريباً الآن الاساس لتسوية نهائية: يقصر الفلسطينيون انفسهم على دولة تقام على اثنين وعشرين في المائة من فلسطين التاريخية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما يتخلون عن الثمانية والسبعين الباقية، التي كانت لهم ذات مرة، والمكونة من اسرائيل الـ 1948 الاصلية". (...)
"كان المزيد والمزيد من الفدائيين (الفلسطينيين في لبنان) يتحولون الى جنود تقليديين في جيش تقليدي. وكلما صار ذلك الجيش اكبر واقوى، على الورق على الاقل، بمدافعه، وسياراته المصفحة، ودباباته القديمة السوفيتية الصنع من نوع "تي-34"، كلما صار ت وظيفته دفاعية بصورة جلية ايضاً. وحتى الوفرة المتزايدة لديه من صواريخ "كاتيوشا" - السلاح الرمزي غير المنازع للحرب عبر الحدود اللبنانية/الاسرائيلية - لم يكن الغرض منه هجوميا،ً وانما ردعياً او انتقامياً. وما كان هذا الجيش يدافع عنه هو دولة فلسطين في المنفى، "جمهورية الفاكهاني"، التي كانت جزءاً جوهرياً منها. اما الغرض من ذلك الكيان الموقت - تجسيد قضية الفلسطينيين الوطنية، والتعبير عن ارادتهم المستقلة، ومنصة كفاحهم - فكان كسب اعتراف العالم ثم الصمود، مهما يكن من امر، الى ان يعطيهم العالم دولتهم الدائمة: دولتهم الفلسطينية في فلسطين نفسها. (...)
كانت سوريا قد حلت الآن محل مصر بصفة اللاعب العربي الرئيس على المسرح اللبناني. والواقع ان لبنان اخذ يكتسب تلك الاهمية الحيوية بالنسبة الى الرئيس حافظ الاسد ونظام حكمه البعثي الذي احتفظت به الى اليوم: ذخر استراتيجي، امتداد لا يقدر بثمن لقوتهم،، الى درجة انهم تحكموا به او سيطروا عليه، ومصدر خسارة ومنع ضعف خطير بل قاتل الى درجة انهم فقدوا السيطرة عليه لخصومهم المستعدين دوماً لانتزاعه منهم. وقد سعى الرئيس الاسد الآن الى بناء قاعدة قوة في سوريا الكبرى ليسير منها استراتيجية منافسة خاصة به تنشد السلام. وكانت ستقام حول ثلاثة بلدان هي الاردن وسوريا ولبنان، واربعة شعوب، تمثل فيها منظمة التحرير الفلسطينية الشعب الفلسطيني. وكان ما سعى اليه في لبنان اساساً الهيمنة على والتحكم في - اللبنانيين طبعاً، ولكن خصوصاً الفلسطينيين - وما ينجم عن ذلك من قدرة لتحريضهم ضد نوع من السلام لا يقبل به، او على تأييد سلام يستطيع قبوله.
المتنافسون اللبنانيون: موارنة محافظون مقابل يساريين مسلمين اصلاحيين
في المرحلة الاولية، 1975-76، كانت الحرب الاهلية هي التي طغت. ولم يعنِ هذا ان الحرب الاهلية لم تلعب دوراً فيها، او حتى ان اللاعبين الاساسيين الخارجيين في هذه المرحلة، الفلسطينيين والسوريين، لم يكونوا حاسمين لنتيجتها. لقد كانوا حاسمين الى حد كبير. ففي المحصلة، كان هجوم كتائبي وحشي جداً على الفلسطينيين، والرد الفلسطيني عليه، هما اللذان انتجا الصراع كله اصلاً. لقد عنى ذلك ببساطة ان اللاعبين الداخليين، اي اللبنانيين انفسهم، هم اوائل من ساروا على طريقها. (...)
كان "الاصلاح عن طريق السلاح" هو، بالنسبة الى الحركة الوطنية، اي ائتلاف الاحزاب الاسلامية/اليسارية، المسألة الاساسية. وكانت مقاومة الاصلاح بالوسيلة ذاتها، في البداية وتكتيكياُ على الاقل، ما عناه هذا بالنسبة الى الجبهة اللبنانية، اي ائتلاف الاحزاب اليمينية المارونية بقيادة الكتائب. وقد دعت الحركة الوطنية في برنامجها لـ"الاصلاح الديموقراطي" للنظام السياسي اللبناني "المتخلف، والطائفي وشبه الاقطاعي" الى الغاء "الطائفية السياسية" في مجلس النواب، وفي سلك الخدمة المدنية، والسلك القضائي والجيش: اي الغاء احقية كل طائفة في تمثيلٍ برلماني مساوٍ لنسبتها من مجموع السكان، وتخصيص وظائف في الدولة وفقاً لنفس الخطوط المتشددة، ولكن الاقل رسميةً. (...)
وقالت الجبهة اللبنانية ان "الغالبية المسلمة، من حيث تدري او لا تدري، تشكل خطراً على وجود المسيحيين في كل انحاء لبنان". وقال بيير الجميل ان "الاصلاح هو لعب بالنار". اما ابنه امين فقال ان الكتائبيين "سيلجأون الى العنف...للحفاظ على النظام...وانقاذ المؤسسات من اي تغيير". (...)
اراد الموارنة "الامن" قبل "الاصلاح". وارادوا من الجيش ان يوفره. ولم تكن رغبتهم مدهشة بالنظر الى انه من خلال الرئيس الماروني ، فرنجية، ووزير
الاداخلية الماروني، شمعون، كانت المؤسسة الخاضعة لسيطرة الموارنة تساعد وتتواطأ مع الميليشيات المارونية التي كانت احداها، النمور، ميليشيا شمعون. وما عنوه فعلاً بـ"الامن" كان قمع الدعم الفلسطيني للمسلمين/اليساريين كمقدمة لقمع المسلمين/اليساريين انفسهم.
ومن الطبيعي ان المسلمين/اليساريين، الاضعف عسكرياً من الموارنة، وضعوا الاصلاح قبل الامن، مع كون الفلسطينيين "جيشاً" لهم ليساعدهم في تحقيقه. (...)
حواجز الطرق الطيارة والقتل على الهوية
اشتد القتال، ولكن الجيش لم يتدخل مع ذلك. وقد ضمن رئيس الوزراء المسلم، رشيد كرامي ذلك. ومع "دورة" تلو "دورة" متصاعدة، انزلق القتال في نهاية الامر الى درك حرب اهلية مباشرة، واكتسى تلك الخصائص المميزة للقتال المعاصر بين الطوائف الذي كان لبنان من رواده: "القتل على الهوية" عندما يمسك رجال ميليشيا طائفة ما باشخاص غير محاربين يصادفونهم، ويتفقدون اوراق هوياتهم ليعرفوا الى اي "جانب" ينتمون، ويقتلوهم ميدانياً او يخفوهم اذا كانوا من الجانب الخطأ. وكانت الحواجز الطيارة المرعبة المفاجئة الظهور هي التي تحدث عندها عمليات الخطف والقتل. (...)
كانت ساحة القتال الرئسية هي العاصمة. (...)
بعد الاستيقاظ - صباح ذلك اليوم السبت 6 كانون الاول (ديسمبر) 1975 - على نبأ مفاده ان اربعةً من قادتهم قتلوا على ايدي مهاجمين غير معروفين خلال الليل، خرج رجال الميليشيا الكتائبيون في حملة "اعدامات" فورية جنونية عفوية عند حواجز طرق. (...) وعلى الطريق الساحلي اطلقوا الرصاص على كل مسلم مار امكنهم القبض عليه، فقتل على الاقل 200 شخص في حملة التصفيات التي استمرت يومين. ورد المسلمون/اليساريون بهجوم كبير على الفنادق الثلاثة "سان جورج" و"فينيسيا" و"هوليداي إن" في قلب المدينة (...) وقد اختاروا تلك الاهداف لاسباب استراتيجية: اذ شكلت الفنادق رأسَ نتوءٍ ماروني ممتدٍ الى عمق بيروت الغربية. ورداً على ذلك، بدأ الموارنة "تطهيراً طائفياً" لنحو 300،000 من المسلمين، الشيعة بصورة رئيسة، والفلسطينيين الذين استقروا في "حزام الفقر" في بيروت، في الجانب المسيحي من المدينة. وقد اجتاحوا منطقة المسلخ/ الكرنتينا بعد معركة ايام ثلاثة وقتلوا نحو الف من سكانها الـ30 الفاً وطردوا الباقين الى بيروت الغربية. ثم، بمساعدة الفلسطينيين، اجتاح المسلمون/اليساريون الدامور، وهي بلدة مارونية صغيرة تقع في منطقة سيطرتهم على الطريق الساحلي على بعد كيلومترات قليلة جنوب العاصمة، ونهبوها، وقتلوا نحو 150 من سكانها، وطردوا الباقين.
تخوفاً من هذه التطورات، دخل ذلك اللاعب الخارجي الآخر، سوريا، الآن الى الساحة. في بادىء الامر القى الرئيس الاسد بمعظم ثقله، وإن بحذر، وراء حلفائه الطبيعيين، المسلمين/اليساريين والفلسطينيين، لاعتقاده بان الكتائبيين كانوا المعتدين (...) واعتقد ايضاً انهم كانوا يتصرفون نيابةً عن اميركا واسرائيل ومصر، وان هذه الدول الثلاث كانت تسعى ليس فقط الى تدمير - او في حالة مصر اضعاف - القضية الفلسطينية التي اعتبر نفسه راعيها العربي الاول، وانما الى تحجيمه ايضاً وكسر معارضته لدبلوماسية الرئيس السادات المنفردة الساعية للسلام واتفاق فك الارتباط الاسرائيلي- المصري الاحدث والاكثر عيباً، سيناء-2، الذي توصل اليه كيسنجر للتو. (...)
اعلن احد ضباط الجيش اللبناني، الملازم احمد الخطيب، تشكيل الجيش العربي اللبناني واخذ معه 2،000 من الجنود المسلمين وسيطر على معظم الثكنات في البلاد. ولم يعد الجيش الوطني قائماً. والقى المتمردون بثقلهم مع المسلمين/اليساريين الذين اعلن زعيمهم، جنبلاط، في تحد مباشر للسوريين، انهم سيسيطرون على البلاد باكملها و"سيغيرون النظام ضمن نطاق ثورة شاملة". ثم شنت قواته المشتركة - الجيش العربي اللبناني والمسلمون/اليساريون والفلسطينيون - هجوما كبيرا في بيروت والجبال المطلة على قلب المنطقة المارونية. وبسرعة دمروا الجيب الكتائبي في بيروت الغربية وصاروا، بعد تحقيق حالات تقدم في الجبال، متأهبين للاندفاع في عمق الداخل الماروني، حيث سيطر الذعر واستعد آلاف للمغادرة بحراً. وهاجم الاسد الآن حلفاءه السابقين واصفاً اياهم بـ"المتجرين بالدين والثورة" وارسل جيشه لانقاذ اعدائهم. لم يكن خائفاً من فقدان "الورقة" الفلسطينية الثمينة في يده الدبلوماسة وحسب، بل كان الاسوأ امكانية ان يحول الفلسطينيون والمسلمون/اليساريون معاً لبنان، او جزءهم منه، الى قاعدة تشدد ثوري، او "كوبا" المنطقة، ومنصة لتصعيد عسكري لا يمكن السيطرة عليه ضد اسرائيل، ومعبراً للتخريب ضده هو. وسيفعلون ذلك ليس لأنفسهم طبعاً، وانما من
اجل جميع خصومه العرب، وفي مقدمهم صدام حسين ومنافسيه البعثيين المكروهين في بغداد.
الاسد ينضم الى معسكر الاعداء
لكن ذلك كان تغيراً كاملاً ومفاجئاً ولا يمكن ان يخطر في البال. اذ كان ارسال جيشه ضد المقاتلين الفلسطينيين، مهما قد يكونون تجسيداً منقوصاً للقضية العربية الاولى، هرطقةً من اخطر نوع قد يرتكبه اي حاكم سوري، خصوصاً وان ذلك الحاكم كان منتمياً، بالرغم من واجهة العروبة الشاملة، الى اقلية صغيرة، اقلية العلويين، ومعتمداً اعتماداً قوياً عليها لابقاء نظام حكمه الفردي في السلطة. (...)
ربما كان اعمق سر وراء انقاذ الاسد للموارنة هو ما وشى به من تعاطف من جانب اقلية دينية تجاه اخرى. ولا عجب ان الاميركيين والاسرائيليين لم يعترضوا على ذلك، وان كيسنجر تفاخر لاحقاً بـ"تحول الجبهات المذهل" الذي ساعد في تحقيقه، وباسرائيل التي "عملت كمصدر امدادات بالسلاح للمسيحيين حتى بينما كانت سوريا تتصرف - بصورة موقتة على الاقل - كحامية لهم، او ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين تعجب ذات مرة من ان "قوات تعمل تحت سيطرة السوريين في لبنان قد قتلت من الارهابيين في الاسبوع الماضي اكثر مما قتل الاسرائيليون في السنتين الماضيتين".
في هجوم من ثلاث مراحل من نيسان (ابريل) حتى تشرين الاول (اكتوبر) 1976 طغى الجيش السوري بصورة مضطردة على حلفاء سوريا السابقين بينما قام اصدقاءها الجدد، اي الميليشيات المارونية بما لديها من دبابات شيرمان قدمها الاسرائيليون ودعم مدفعي سوري، بفرض حصار على على آخر السكان الباقين في حي النبعة العشوائي، الذي يضم 200،000 نسمة، والـ30،000 فلسطيني الذين كانوا باقين في مخيم تل الزعتر. ولم تكن للمدافعين اي فرصة نجاح في الحقيقة. صمد تل الزعتر ثلاثة وخمسين يوماً في احوال مزرية من الجوع والعطش، والجروح غير المعالجة، والقصف المتواصل ونيران الدبابات من مسافة الصفر تقريباً. قتل 3،500 لقي منهم ما بين 1،000 و2،000 حتفهم بعد سقوط المخيم، إما سحقاً تحت الجرافات، او رمياً بالرصاص وتقطيعاً للاوصال حتى الموت، او اجهازاً عليهم بايدي رجال الميليشيات، او بايدي اناس عاديين صادفوهم وهم في فرارهم اليائس نحو الامان في بيروت الغربية الاسلامية.
بعد ست وخمسين هدنة، يفرض العرب واحدةً اطول من المعتاد
في النهاية كان التدخل الدبلوماسي العربي وحده، مصحوباً بالمقاومة الفلسطينية الضارية، هو ما اوقف التقدم السوري. فالعالم العربي الذي رفض او لم يستطع التحرك لمنع مأساة تل الزعتر ، حيث لم تكن سوى الارواح عرضةً للخطر، ايقظ نفسه لاشياء اكثر اهمية: موازين القوى، ومناطق النفوذ وهيبة انظمة الحكم.كانت سوريا تكسر كل قواعد السياسية العملية الواقعية، مدعية ً لنفسها، بالقوة الفظة، تفوقاً اقليمياً لم يكن بوسع شقيقاتها العربيات التسامح تجاهه. اذاً الآن، عندما وجه عرفات نداءه المكروب لإنهاء "مذبحة اهلنا" هذه، اصغى الملوك والرؤساء له. وقرروا ان الوقت قد حان لوقف هذه الحرب الاهلية التي توسعت، مباشرةً وبالوكالة، الى حرب اقليمية بين العرب. واعلن مؤتمر قمة عربي وقفاً لاطلاق النار. وانضم الاسد على مضض لـ"عملية السلام". واقر السادات والآخرون على مضض بمكانة سوريا المميزة في قوة الردع العربية التي كانت ستحرس الوضع القائم في لبنان. وفي تلك الارض التي صارت محطمة ومجزأة الآن، بقيت سلطة دولة واحدة، تشرف عليها النخبة القديمة، على الاقل رمزياً، والى حد ما وظيفياً، سالمة. اما من ناحية القوة الحقيقية والسيطرة، فان الميليشيات المارونية، التي كانت حكومة ظل بكل المعاني سوى الاسم، ترأست اقطاعية - عرفت شعبياً باسم "مارونستان" - تضم معظم جبل لبنان القديم. وحافظ عرفات على، بل وطد، دولة مقاتليه داخل الدولة، والتي كانت لها السيطرة حصرياً في المناطق الجنوبية، حيث لم تسمح اسرائيل للسوريين بالدخول، وبسيطرة مشتركة غير مستقرة في بقية البلاد حيث سمحت. لكن وقف اطلاق النار الذي كان السادس والخمسين منذ بدء الحرب لم يكن اكثر من هدنة، مع انها اطول من المعتاد. لم يكن احد فرحاً، لا المسلمون/اليساريون، الخاسرون الكبار، الذين سلبهم السوريون كل اصلاحاتهم، ولا الموارنة، او على الاقل اولئك منهم الذين ارادوا عودة لبنان الكبير، كاملاً موحداً، مع رحيل الفلسطينيين والسوريين والعرب الآخرين. ولكن في المرحلة التالية، كانت الحرب الاقليمية هي التي ستشكل، منذ البداية، الحرب المحلية وتسيطر عليها. ومن بين اللاعبين الخارجيين المنخرطين فيها، كانت اسرائيل المتدخلة وهي في اوج قوتها، وغطرستها وطموحها هي التي ستتفوق على كل جميع الباقين.
الأجزاء الأولى:
[url=http://www.jablah.com/modules/news/article.php?storyid=6451]الحلقة الأولى[/url]
[url=http://www.jablah.com/modules/news/article.php?storyid=6470]الحلقة الثانية[/url]