واذا اختلفتم في شئ فردوه الى الطبيعة .
ولان الانسان في هذا العصر اصبح يعتمد المنهج العلمي وشهادة العلماء في حقيقة اي موضوع , فان الموضوع تعقد اكثر ودخل الخلاف مرحلة جديدة ومعقدة اكثر من الماضي . ولان عقل الانسان اصبح اوسع وابعد افتراضا وخيالا من قبل, فقد بات يذهب في احتمالاته وافتراضاته بعيدا حتى اصبح (كل شيء ممكن ومحتمل) ,وذلك طبعا لان المنهج والنظريات العلمية فتحا له باب الاحتمال والشك على مصراعيه. ولاني وقعت بهذه المشكلة فقد اهتديت الى الطريقة الطبيعية بالتفكير والمعرفة والتعامل والتي تشكل الحل الوحيد لهذه المواضيع وغيرها من المواضيع المختلف عليها او الظنية او النسبية . انه الحل الطبيعي النفعي والنظر الى المواضيع والتعامل معها على اساس طبيعي نفعي . ويتميز هذا الحل بانه يتماشى مع الطبيعة البشرية ويمكن الانسان من الوصول والارتقاء الى الحقيقة والهدف تدريجيا, وتناسبا مع القدرة والمعرفة وتماشيا مع التطبيق والتجربة. ففي موضوع الاله والدين يتمكن الانسان من التعرف والتاكد من الموضوع واستيعابه وتقبله تدريجيا حتى ينجلي له تماما.
الطبيعة النفعية: ان طريقة الانسان الطبيعية في التعامل مع المواضيع والاشياء والوقائع انه ينظر الى اي موضوع او شئ او واقع من منطلق غريزي نفعي بمعنى انه ينظرالى منفعة وحاجة الموضوع او خطره على حياته وتطوره وسعادته . وعلى هذا الاساس فان الانسان يتعامل مع المواضيع والقضايا والادلة مهما كانت قيمتها العلمية وبطريقة متناسبة.وحتى لو كان الشئ غير ثابت اوغير موجود فان الانسان قد يوجده او يثبته اويكتشفه. فقد اثبت الاستقراء والتجربة ان كل ما يحتاج اليه الانسان اوالكائن اما ان يكون موجوداسابقا. واماان يوجد فيما بعد مثل الماء كان قبل وجود الانسان . ومثال الانعام من الحيوانات او الدواجن لعلها وجدت فيما بعد حاجة الانسان اليها. اوالسفينة او الطائرة او القائد او الطبيب او الدواء او السلاح . وعلى هذا الاساس ايضا يكون لكل موضوع ودليل قيمة وجودية نفعيةاو خطرية متناسبة وفعلا متناسباوبحسب اهميته العلمية والمعرفية. وان عدم توفرالدليل اليقيني العلمي والموضوعي المؤكد% على اي موضوع او امر منذ البداية, لا يعني ذلك سقوط اهمية وقيمة الدليل والموضوع النفعية والوجودية مطلقا .وهكذا فان عملية معرفة الاشياء وفهمها تغيرت .
ولنوضح النظرية بطريقة الامثلة :
المثال الاول:(الدواء الشافي) فلنفرض انه قام دليل غير علمي وغير مؤكد على وجود دواء يشفي من مرض السرطان. وكان علينا ان ندفع مبلغ كبير او علينا السفر والبحث طويلا لنحصل عليه فما هو الحل ؟ هل ان موضوع( الدواء الشافي) تسقط اهميته النفعية والعملية والوجودية , لانه لا يوجد دليل علمي مؤكد عليه ؟
الحل التناسبي : بما ان هناك حاجة نفعية ضرورية للدواء للشفاء والحياة . وبما ان هناك دليلا علميا استقرائيا على امكانية وصحة وجود كل ما يحتاج اليه الانسان والكائن .وبما ان هناك دليل عقلي حسي ولو نسبيا . فان ذلك يشكل دافعا طبيعيا الى الفعل والبحث والعمل المتناسبين للحصول على الدواء . وان للدواء الشافي اهمية وقيمة نفعية وجودية نسبية ولا بد من التاكد منها او ايجادها وصنعها .
وهكذا يمكننا على اساس نظرية الطبيعية النفعية التوصل الى حلول لكل المواضيع اللامؤكدة او المختلف عليها بين العلماء والبشر عامة والتي تسبب الصراعات المستمرة , واهمها قضية الاله والدين...
الدين(الجديد): فلو سلمنا بعدم ثبوت واقرار الدليل العلمي اليقيني المؤكد في المحكمة العلمية وبين العلماء والبشر على موضوع الاله والدين واستمرار الخلاف حولها, فان الحل الصحيح سيكون عاى اساس نظرية النفعية . والحل هو اولا: بما ان هناك حاجة انسانية وجودية ضرورية نفعية للاله والدين وتوجه اساسي الى ذلك قد لا يقل عن طلب الطعام والشراب,فان ذلك يدل اما على وجود الاله سابقا واما على رجحانية وامكانية وجوده الواقعية بطريقة ما . ثانيا : وبما ان هناك دليلا علميا استقرائيا على امكانية وصحة وجود كل ما يحتاج اليه الانسان والكائن الحي . وبما ان هناك دليلا عقليا ونظريا ولو نسبيا هو النظام والوجود .وبما ان هناك دليلا استقرائيا واقعيا وجوديا على الاله من الانبياء والرسل والكتب والاديان السماوية والمعجزات والصالحين. وبما ان هناك دليلا استقرائيا -ولو نسبيا-على عملية وصدقية التعامل مع الاله من قبل المؤمنين وانتصار وغلبة الاديان واصحابها فلا شك ان كل عاقل فضلا عن الذكي والعبقري سوف يؤكد على وجود حقيقة ولو نسبية لموضوع الاله والدين .مما يقتضي اخيرا ضرورة الفعل والتعامل المتناسب والنسبي مع هذا الموضوع وهو ما اسميناه الدين الجديد ويقوم على اساس الاقرار والتسليم بموضوعي الاله والدين بصورة متناسبة مع قيمة الحاجة او المنفعة الانسانية لهما على حياة وامن وسعادة البشرية, ومتناسبة مع قيمة ونسبة الخطر المقدر اوالمحتمل من انكارهما ورفضهما,ومتناسبة مع قيمة الدليل الثابت والمتفق عليه معرفيا وعلميا لهذا الموضوع. ثم يحدد اخيرا الفعل والتطبيق المتناسبين مع ذلك كله .وهوالقيام بكل عمل ديني متناسب يحصل المنفعة المطلوبة ويمنع الخطر المقدر والمحتمل من انكارهما ولا يتناقض مع الحاجة او المنفعة الاهم او الحقائق العلمية المؤكدة . فالصلاة والصيام ومساعدة المحتاجين المحدودة, وترك المساوئ الكبرى التي تسبب خطرا على امن وتطورالانسان والبشرية ,هو امر واجب وضروري لتحصيل النفع من موضوعي الاله والدين ومنع الخطر والضررالمقدر والمحتمل من تركهما .