آخر الأخبار

ارث القذافي في افريقيا: دمار وبناء

انه وسط تجاري جديد للمدينة، يتصدر ساحته مركز عملاق حديث للمؤتمرات. تجول بسيارتك في المكان واستمتع برؤية الساحات المفتوحة الواسعة، والبوليفار العريض، والمباني والفنادق الجديدة اللامعة، ولا تنس رؤية القصر الرئاسي.

وهنا، مدينة اخرى ولكن الصورة مختلفة كثيرا، البوليفار الطويل الوحيد الذي يربط وسط المدينة بضواحيها مظلم. لم يعرف الاضواء الكهربائية منذ سنوات عديدة. الابنية مليئة بثقوب الرصاص. المنازل لم يبق منها الا هياكل فارغة، لكن لحظة، هناك حبل علق عليه الغسيل! هل من المعقول ان يعيش اناس بين هذه الانقاض؟ نعم، لان لا مكان آخر لديهم يذهبون اليه.

وهنا، مدينة اخرى ولكن الصورة مختلفة كثيرا، البوليفار الطويل الوحيد الذي يربط وسط المدينة بضواحيها مظلم. لم يعرف الاضواء الكهربائية منذ سنوات عديدة. الابنية مليئة بثقوب الرصاص. المنازل لم يبق منها الا هياكل فارغة، لكن لحظة، هناك حبل علق عليه الغسيل! هل من المعقول ان يعيش اناس بين هذه الانقاض؟ نعم، لان لا مكان آخر لديهم يذهبون اليه.

بناء واستثمار

يحمل المكانان توقيع الزعيم الليبي المحاصرالعقيد معمر القذافي. المكان الاول هو آوغا 2000، الضاحية الجديدة المحيطة بعاصمة بوركينا فاسو، بنيت بتمويل مشترك بين القذافي وصديقه رئيس البلاد كومباوري. تسبح ليبيا باموال النفط، وقام القذافي بانشاء الشركة العربية الليبية للاستثمارات الافريقية بهدف البناء والاستثمار. وهذا ما تفعله الشركة في اربعة وعشرين بلدا افريقيا وفي مجالات متنوعة: الاتصالات في النيجر، التعدين في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الزراعة في اثيوبيا، الفنادق والكثير منها في اكرا ودار السلام وبرازافيل وغيرها.

تدريب الثوار
المكان الثاني هو مونروفيا عاصمة ليبيريا قبل عقد من الزمن. ولكن يمكن ان يكون ايضاً فري تاون في سيراليون او نجامينا في تشاد. الدمار الرهيب في مونروفيا تسببت به الميليشات المسلحة الموالية لتشارلز تايلور رئيس البلاد في حينها وهي الجبهة الوطنية القومية والتي تدرب عناصرها في ليبيريا في "المثابة الثورية العالمية"، وهي مخيمات تدريب عسكري للثوار وصفها الكاتب والباحث الافريقي ستيفن اليس بانها مثل جامعات هارفارد وييل لكنها تخرج جيلا من الثوار الافارقة. ومن خريجيها من الثوار: فودي سانكوح من سيراليون وما تسببه من خراب في بلاده مع الجبهة الثورية المتحدة ولوران ديزيريه كابيلا، مهرب الذهب، من جمهورية الكونغو الديمقراطية والذي شن هجوما ناجحا في كينشاسا عام 1997 واستطاع ازاحة الديكتاتور موبوتو وتسلم الحكم مكانه، الا ان كابيلا لم يكن افضل من موبوتو. ويتولى السلطة في البلاد الان ابنه جوزيف كابيلا.

التدخل العنيف
فور استلام القذافي للسلطة في ليبيا إثر انقلاب قام به عام 1969 بدأ تدخله العنيف بشؤون الدول الافريقية، واكثر بلد تحمل وطأة تدخلات القذافي كان تشاد. احتل القذافي في عام 1971 قطاع اوزو الغني باليورانيوم. وقام بالاتفاق مع مجموعة من الثوار بارسال جيشه الى الجنوب واحتل العاصمة نجامينا بعد قتال ادى الى تدمير المدينة. انتهت الاعمال العسكرية الليبية في تشاد عام 1986-1987 بهزيمة مذلة على يد حسين حبري وهو من امراء الحرب وكان مدعوما من فرنسا والولايات المتحدة والذي اصبح واحدا من اكثر الحكام الدمويين في تشاد.

تمويل الوكلاء
امتد القتال في تشاد ليصل الى السودان وتحديدا الى اقليم دارفور المجاور. لكن هذه المرة لم يتدخل الجيش الليبي مباشرة بل قام بانشاء ميليشيات مسلحة تابعة له وذلك في بداية الثمانينات. وصلت اخبار الحرب في دارفور الى عناوين الصحف العالمية في عام 2003 لكن جذورها اقدم بكثير ومازالت تحمل بصمات تدخل القذافي حتى الان. تسليح الوكلاء هو الاسلوب المفضل لدى القذافي وبواسطة الاموال الليبية يدعم حركات التمرد المسلحة في عدد من البلدان الافريقية بما فيها ليبيريا وسيراليون.

المرتزقة
ذكرت تقارير عديدة ان عددا من المتظاهرين الليبين قد قتلوا على يد عناصر من المرتزقة الافارقة. يشكل وجود هذه المرتزقة عواقب خطيرة ايضا على المهاجرين الافارقة. وقال اثنان من المهاجرين السنغاليين لصحيفة داكار انهما لا يغادران المنزل خوفا من اطلاق النار عليهما او اعتقالهما، واعتبرا ان الناس قد يظنون خطأ انهما من المرتزقة.

اذا حصل هذا فسيكونان من ضحايا ارث القذافي الافريقي المختلط والسام. ارث سيدوم طويلا بعد رحيل القذافي.

(إذاعة هولندا)