هل شاخ الحزب، وهل ترهلت المنظمات الشعبية، وهل دخلت أحزاب الجبهة سن اليأس، وهل غدت المؤسسات مجرد دكاكين وإقطاعات، وهل راح الناس يتمترسون داخل قواقع طوائفهم ودخان أحقادهم، وهل هناك أعداء لنا يتربصون بانتظار اندلاع الحريق.. هذه ليست أسئلة تحتاج إلى أجوبة ولكنها تذكرنا بقول المتنبي لسيف الدولة: (وسوى الرومِ خلف ظهرك رومٌ - فعلى أي جانبيك تميل) !؟
فيسبوك السوري
يتنازع مواطني (الفيسبوكيين) عطش للحب ورغبة بالعض، وكلاهما سببه ضعف حرية التعبير التي لم يوفرها لهم إعلامهم الرسمي.. الإعلام الذي تجاهل الثورات العربية من حوله على الرغم من أن النظام الداخلي لحزب البعث الحاكم يقول في صفحته الأولى: "إن حزب البعث حزب انقلابي ثوري يدعم الثورات التحررية في الوطن العربي والعالم" .. فكان إعلامنا كما النعامة التي تدفن رأسها في الرمل تاركة أولادها نهبة لما يصدّره لهم الإعلام الخارجي!؟ والنصيحة: إما أن تنقلب وزارة الإعلام على نفسها وإما أن تشطب الحكومة ميزانية الوزارة التي تأخذها من ضرائبنا.. وقديماً قال الإمام: (أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه).
الثورات العربية في عنق الزجاجة
تبدو الثورة المصرية وكأنها دخلت نفق الثورة المضادة، وفي تونس لا أحد يعرف ما يجري سوى قناة الجزيرة التي لا تعرف أكثر مما يعرفه مراسلوها! وفي البحرين تم وَسْم الثورة بالطائفية واستعداء الطوائف الأخرى ضدها، والمملكة السعودية جيشت فتاويها ومطوعيها بمرجعيتهم الوهابية التي تحرّم الاحتجاج ضد (الوالي).. وفي اليمن مازالت الثورة عالقة في مكانها والنظام كذلك.. وفي ليبيا تحول الأمر إلى حرب استنزاف لن تنتهي قبل وصول جحافل الناتو إلى منابع بترولها.. وفي المغرب والأردن وعُمان فتح الملوك والسلاطين خزائنهم لشراء بؤس رعيتهم.. أما العراق فمازال يحتاج إلى التحرر قبل التغيير..
صحيح أننا قلنا أن عرب ما بعد 25 يناير غير ما قبله، لكن الصحيح أننا كعرب لم نحصل بعد سوى على نصف الثورة، بسبب ضعف الثقافة الديمقراطية وهيمنة العنصرية والعصبيات الشعبية والحشيش والقات وحبوب المخدرات والدولارات وإغلاق العيادات الثقافية والتنويرية.. وإذا جن ربعك ما ينفعك عقلك.. وقديماً قال الإمام أيضاً: (كلُّ معدود منقضٍ وكل متوقع آتٍ).
تأكيد: هؤلاء الشبان الثائرون في كل مكان إنما يكررون ثورة الأنبياء ضد هيمنة الآباء واستبدادهم ويدعون لعالم جديد يتسع للجميع..
تأكيد على التأكيد: على الرغم من ثورة النبي الأمي على قريش وإطاحته بآلهتها، فقد عادت قريش من النافذة وبسطت سيادتها عبر غرفة تجارتها منذ أيام الأمويين إلى اليوم.. وكذلك المسيح طرد التجار اليهود من الهيكل لكنهم عادوا من نافذة الكونغرس الأمريكي ليشتروا العالم ويبيعوه..
هامش: " لقد غدا نفق الثورة يشبه بوري الصوبيا وهو بحاجة إلى تنظيف.." : كذلك كتبت قبل عقد ونيف في زاويتي «وخزات» في جريدة تشرين، وقد سارع المحافظ ومتعهدوه حينذاك إلى تجديد رخام نفق شارع الثورة غير منتبهين إلى المعنى الذي كنت أرمي إليه... منذ تلك الأيام وأنا أعيد صياغة هذه الجملة بأساليب جديدة لكن أحداً لم ينتبه إليها سوى موظفي الرقابة الوطنية.. يا ناس يا هوه.. نفق الثورة بحاجة إلى تنظيف، فهل من سميع..
نبيل صالح
الجمل