وما الذى يمكن أن يحدث إذا ارتفعت الأجور وصاحبها ارتفاع حاد فى الأسعار ليجد الناس أنفسهم بين عشية وضحاها أن دماء شهدائهم قد ذهبت هدرا إذ بم تتحقق مطالبهم؟! هل سيثورون ثورة أخرى تكون أكثر عنفا وأشد ضراوة؟! ومن أين تأتى الدولة المصرية عبر صناع القرار بموارد تكفل تحقيق عدالة اجتماعية لا يصحبها ارتفاع حاد فى الأسعار ؟ أو بمعنى أخر كيف يشعر العامل المصرى بأنه غير مظلوم فى أجره بحيث يرى تفاوتا رهيبا فى الأجور بين العاملين وهو تفاوت ينذر بالخطر؟
مؤشرات تنذر بالخطر
هناك عدة مؤشرات تنذر بالخطر حقيقة منها على سبيل المثال التظاهرات الفئوية وتعطيل العمل والإضرابات المتعددة ومنها التعامل الغبى من الحكومة تجاه تلك المطالبات فمثلا فى الوقت الذى يعتقد بعض العاملين أن قطاع قناة السويس والبترول بشهد أجورا جيدة يطالب هؤلاء(العاملون بالبترول وبقناة السويس) بزيادة رواتبهم فتزيدهم الدولة 40% ( ما يعادل تقريبا 275 دولارا شهريا فى المتوسط يزيد أو ينقص حسب سنوات الخبرة) فى حين أن ما يطالب به بقية العاملين ( أطباء ومدرسين وعاملين بقطاعات متعددة) هو حد أدنى يكفل الحياة الكريمة فتزيدهم الدولة 15% ( ما يعادل تقريبا 7 دولار فقط فى المتوسط يزيد أو يقل حسب عدد سنوات الخبرة) هذه الطريقة من التعامل تكرس الاحتقان وتنذر بخطر حقيقى.
ومما يوحى بالشك فى متخذى القرار أن عامة الناس هى التى تفكر لصناع القرار فى تدبير موارد زيادة الأجور وهو ما يعكس حالة من التخبط وانعدام الرؤية وفقدان الثقة فى متخذ القرار والحق أننا كمصريين لا نعرف من هو صاحب القرار فى مصر ودليل ذلك حركة تعيين المحافظين وما شهدته عدة محافظات مصرية من تظاهرات تندد بالسياسة الغبية للهو الخفى أى متخذ القرار.
مؤشرات تبحث عن صاحب قرار مخلص
أكرر إن عامة الناس فى بلادى تقول إن تدبير موارد جديدة لتحسين بند الأجور يمكن أن ينطلق من عدة محاور كما يلى
1/ التعامل مع أموال الصناديق الخاصة وإدخالها الميزانية العامة والتى تقدر وفقا لتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات لأكثر من تريليون و200 مليار جنيه سنويا.
2/ استعادة أموالنا المنهوبة والتى وصلت فى بعض التقديرات إلى رقم مخيف( 3 تريليون).
3/ وقف الفساد الذى بدا وكأنه جبال من المال العام المنهوب ( ذهب وآثار وأموال وعقارات وأسهم وسندات وأرصدة داخلية وخارجية وصفقات مشبوهة وبيع للممتلكات العامة وأخرى)
4/ إعادة هيكلة الأجور بتحديد سقف أعلى وأدنى للأجور وبتحديد سياسة عادلة للأجور.
5/ إعادة السفه فى توزيع مستشارين لا عمل لهم سوى تحميل ميزانية الدولة ما يقرب من 22 مليارا جنيها مصريا كل عام.
6/ الرقابة على البورصة المصرية ليكون نشاطها مضاربات لا مقامرات وفرض ضريبة على تلك الأنشطة تصب فى صالح الميزانية العامة للدولة.
7/ إعادة النظر فى رسوم قناة السويس لتكون بالجنيه المصرى لا بالدولار.
8/ إعادة النظر فى فرض الضريبة التصاعدية وفقا لما هو معمول به فى سائر البلاد المتقدمة.
9/تشجيع الاستثمارات الصغيرة والمشروعات الإنتاجية لشباب الخريجين بقروض ميسرة يسهم فيها رجال الأعمال المخلصين والبنوك المحلية.
10/ إعادة النظر فى (3) بنود على الأقل يمكنها توفير ما يقدر ب 40 مليار جنيها على الأقل وهذه البنود هى: زيادة حد الإعفاء الضر يبنى للعاملين من 5 إلى 10 ألاف، إعادة النظر فى أسعار تصدير الغاز الطبيعى، إعادة النظر فى أولويات الإنفاق فى الموازنة العامة.
11/ العمل على تبنى الابتكارات والأفكار الإبداعية التى لطالما أرهق صانعوها عمن يساعدهم لتطبيقها دون جدوى...( إحدى هذه الإبداعات مشروع لإنتاج الثروة الحيوانية بحيث يصل سعر كيلو اللحم للمستهلك إلى أقل من عشرة جنيهات(2 دولار تقريبا) وأخرى للسكر بحيث سكون سعر الكيلو منه 60 قرشا ( خمسة كيلو منه تعادل مثلا دولارا واحدا).
سؤال: لا نجد من يجيب عليه... فمن يجيب؟
هل هذه مقترحات تبهض بها همم المسئولين؟ من يقترح الحلول العامة أم المتخصصون.؟ ومن يملك تنفيذ تلك المقترحات: العامة أم المسئولون؟!! كنا نقول أيام المخلوع مبارك : مصر ليس فيها مسئول مخلص يتبنى نهضة مصر وسؤالنا من الذى يدير مصر بعد ثورة 25 يناير؟ ما هذا التباطؤ؟! ما هذا العجز المشين عن إدارة أزمات مصر؟!
وسؤالنا الذى لا نجد من يجيبنا عليه: من صاحب القرار الحقيقى والفاعل ومن هو القادر فى مصر بعد ثورة 25 يناير؟!! أياما تكن الإجابة فإن الناس فى بلادى تشتاق إلى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ولن تسمح أن يسرق ثورتها أحد مهما بدا فى ثياب الواعظين!!