على خلاف مايعتقد الكثيرون ممن يتخذون الشبكة العنكبوتية وسيلة لمجابهة الأنظمة القمعية. ودرباً يوصلهم إلى الديمقراطية. يجد الكاتب إيفجيني موروزوف في كتابه هذا أن ظن هؤلاء ليس بمحله. ولا تتعدى كونها آمالاً وطموحات ساذجة . حيث يرى أن هذه الشبكة الفضائية من شأنها أن تخدم هذه الأنظمة أكثر. وتطيل من أعمارها . والتشجيع على حرية الإنترنت ربما يكون له نتائج كارثية على مستقبل الديمقراطية في العالم. خاصة أنه يرى العديد من الأنظمة الاستبدادية المتحكمة في روسيا وإيران والصين تجنّد أشخاصاً على هذه الشبكة لخدمة ممارساتها القمعية. وعدم السماح لشعوبها برؤية النور. والعيش في كنف الحرية والديمقراطية .
يرى بعض نقاد هذا العمل أن من يعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والتويتر واليوتيوب يمكن أن تثير موجة
جديدة من التحولات الديمقراطية. لابدّ له أن يقرأ هذا الكتاب ويفكّر في الأمر مرة أخرى . وآراء الكاتب هنا جاءت من عمق معرفته بالتكنولوجيا وعمله بها. ونلاحظ هنا مدى بحثه العميق في ما كتبه المدوّنون على الإنترنت في عدد كبير من الدول. والأساليب التي تلجأ إليها الأنظمة الاستبدادية في فرض الرقابة على مستخدمي الإنترنت . وجدير بالذكر أن إيفجيني موروزوف محرر مشارك في مجلة فورين بالسي. وبوستن ريفيو. وهو عالم زائر حالياً في جامعة ستانفورد. وسابقاً في ياهو. وكتب موروزوف في كبريات الصحف والمجلات. وظهر على الكثير من شبكات التلفزة والإذاعات العالمية .
الكتاب صادر عن دار النشر الأمريكية بابليك أفيرز في يناير/كانون الثاني 2011 في 408 صفحات من القطع الكبير .
في الفصل الخامس يتحدث الكاتب عن أنظمة أمريكا الجنوبية وزعمائها. حيث يجد أنه بالنسبة للرئيس الفنزويلي هوغو شافيز. كان من أقل الأشخاص توقعاً بالاشتراك في موقع تويتر. خاصة أن الإيجاز في الحديث لم يكن من خصاله. حيث في العشر سنوات الأخيرة. قضى شافيز أكثر من 1500 ساعة على التلفزيون في عرضه التلفزيوني ألو أيها الرئيس يشجب فيها الرأسمالية. وكان يتحدث بإسهاب . ويشرح الكاتب الأسباب التي دعت شافيز للشعور بالقلق من الإنترنت. ويرجع ذلك إلى استخدام معارضيه الإنترنت لانتقاده. مثل القاضية المسجونة التي كانت تستخدم تويتر للتواصل مع أتباعها خارج السجن. بينما مدير محطة تلفزيونية للمعارضة استخدمه لشجب ما يسمى المؤامرة لخلع شافيز . وجد الكثير من منتقديه من الأمريكيين أن شافيز كان تحت انطباع أن موقع تويتر كان القوة الدافعة للاحتجاجات في إيران .
ويشير الكاتب إلى أنه في الوقت الذي بدأت فيه المعارضة الفنزويلية باستخدام تويتر لتحرّك أنصارها. غيّر شافيز تفكيره . وبدأ بعدها رئيس لجنة الرقابة على الاتصالات ديوسدادو كابيلو. وهو صديق حميم لشافيز. بإعلان اشتراك شافيز في موقع تويتر. وخلال 24 ساعة وصل عدد أتباعه في الصفحة إلى 50 ألفاً. وخلال شهر حصل على 500 ألف معجب اعتبروه من أكثر السياسيين الأجانب شعبية على موقع لمتحدثي الإنجليزية بالدرجة الأولى . وبعدها توسّعت علاقته بالتكنولوجيا. حتى إنه مدح جهازاً صغيراً آي بود. أهدته إليه ابنته. وكان مسروراً أنه يستطيع تحميل خمسة آلاف أغنية. وأن يستمع إلى أغانيه المفضلة عندما يتجول. كما يتحدث الكاتب عن بعض الردود المهذبة التي وجهها شافيز إلى من اتهموه بالاستبداد على صفحته .
ويشير الكاتب أيضاً إلى أن الرئيس البوليفاري هاجم على الهواء في بث تلفزيوني في مارس/آذار 2010 شبكة الإنترنت واصفاً إياها بخندق المعركة التي كانت تجلب موجة من المؤامرة. حتى إنه أعلن أن من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل تويتر. والرسائل النصية لتوجيه الانتقادات إلى نظامه. كان يتهمه بالاشتراك في عمليات إرهابية ضد بلاده . لكن من خلال استخدام شافيز لتويتر أقنع نظيره البوليفاري باستخدام تويتر .
ويجد الكاتب أن السرّ في شعبية شافيز على تويتر لم يتركز في شخصيته الكاريزمية. بل في دعم المصادر الحكومية له. وتبني حملته على تويتر. ويذكر ما قاله شافيز في لقاء متلفز حول صفحته. التي من الممكن أن تصرف انتباهه عن الكثير من الأشياء. ومن بعض ما قاله: أنشأت صفحتي للإجابة عن الرسائل. ونحن ماضون في إيجاد تمويل لمهمتنا في تزويد العديد من الأشياء. التي نفتقدها الآن والتي تشكل مطلباً ملحاً . كما وعد شافيز بتخصيص 200 شخص لمساعدته في الفوز بحرب تويتر. ويشير أيضاً إلى أن شافيز كان يحمل البلاك بيري أمام الكاميرا. وأخبر الجمهور أن تويتر سلاحه السري. ونبذ فكرة أنه يستخدم أداة رأسمالية وقال عنها شافيز عن الإنترنت: لا يمكن أن تكون شبكة الإنترنت للبرجوازيين فقط. إنها للمعركة الأيديولوجية أيضاً .
الرقابة الشديدة في الصين
يتحدث الكاتب عن الكثير من الدول في استخدام أساليب لفرض رقابة على الإنترنت. وتوسيع أساليبها بالتحكم في الإمكانية الديمقراطية للإنترنت. ويسميها الكاتب سبينترنيت ومن أبرز هذه الدول روسيا وإيران والصين. ويتحدث في هذا الفصل عن الصين التي تبدو مركزية أكثر مع السلطات الإقليمية والمحلية بلعب دور حاسم بتشكيل الحديث العام في مناطق التدوين الخاصة بها . ويشير الكاتب إلى أن المعلقين على الإنترنت من المؤيدين للحكومة معروفون باسم فيفتي سنت بارتي أي حزب خمسين سنتاً. وهؤلاء يشيرون إلى ما يمكن أن يستفيدوه من كل تعليق مناصر للحكومة . ويستشهد الكاتب بآراء العديدين حول الوضع الصيني. ومن بينهم. ديفيد باندورسكي. وهو محلل في جامعة هونغ كونغ. الذي يراقب بإمعان تطور فيفتي سنت بارتي ويقول عن مهمتهم: تكمن مهمتهم في صون مصالح الحزب الشيوعي باختراق ومراقبة الإنترنت الصيني المتنامي بشكل سريع. كما يشير إلى أنها جزء من آلة البروبغندا العملاقة. التي تشترك في نقاشات مباشرة على الإنترنت. ويقدر باندورسكي أن هناك ما يقدّر ب 280 ألفاً من أعضاء فيفتي سنت بارتي ممن يعملون في غرفة الدردشة وعلى المنتديات. لتحييد الرأي العام في أمور غير مرغوب فيها من قبل الحكومة الصينية .
كما يذكر أن الحكومة الصينية لا تخفي دورها في التأثير في المحادثات الإنترنتية المباشرة. ويذكر على لسان أحد المسؤولين: عندما يكون هناك وضع معين والرأي العام على الإنترنت يميل بالمجمل إلى جانب واحد. حينها في الحقيقية سنضع بعض الأصوات المختلفة للسماح للرأي العام باتخاذ آراء حكمهم الذاتي بشكل مستقل . كما يشير أيضاً إلى ما قاله مدير القسم الدعائي في مدينة شاوغوان. الذي يجد أن العديد من الناشطين في فيفتي سنت بارتي هدفهم هو مجابهة الشائعات أكثر من ترويج بروبغندا معينة. خاصة أنه يرى أن الشائعة تصبح مثل كرة الثلج التي تكبر وتكبر في الإنترنت. وإذا لم يكن هناك من مجابهة لها. ستصبح سوقاً كبيراً للشائعات .
يذكر الكاتب أن ظهور معلقي فيفتي سنت بارتي على الإنترنت الصيني هو مرحلة مهمة استراتيجية للبروبغندا الناشئة بشكل مستمر في الصين. ويستشهد بما قالته الكاتبة آني ماري براندي في كتابها في 2009 تحت عنوان تسويق الدكتاتورية: عمل البروبغندا والتفكير في الصين المعاصرة. وتعد آني واحدة من كبار الخبراء المراقبين لتطور البروبغندا الصينية. وتلاحظ الكاتبة التغيير الكبير نحو الوسائل العلمية لإنتاج البروبغندا وعرضها للمناقشة بين المسؤولين الصينيين. كما ترى أنهم يدفعون باهتمام كبير بالعلاقات العامة والاتصالات الواسعة والسيكولوجيا الاجتماعية . ومما تحدثت عنه الكاتبة أيضاً هو أن الحزب الشيوعي تحول إلى شعاره القديم بعد .1980 وهو أمسكهم بقبضتك. يجب أن تكون القبضتان قويتين. والتي تعني أن كلاً من التنمية الاقتصادية والبروبغندا يجب أن تعملا كمصادر للشرعية السياسية . ويقول الكاتب في النهاية: إن زعماء البروبغندا الصينيين. ينظرون إلى الغرب ويتشربون مصادرهم الفكرية الهائلة. ليستخدموها في خدمة أغراضهم الخاصة المعادية للديمقراطية .
مخاوف الدول من المدوّنين
يجد الكاتب أن التجربة الصينية ألهمت حكومات أخرى. ديمقراطية منها واستبدادية. وذلك لإيجاد فرق إنترنتية موالية خاصة بهم. ويتحدث عن الحكومة النيجيرية في .2009 التي سعت إلى تجنيد أكثر من 700 من النيجيريين في الخارج والداخل. وذلك لإيجاد ما يسمى صندوق تمويل معادٍ للمدونين. القصد منه تنشئة جيل جديد من المدونين الموالين للحكومة للانغماس في معارك إنترنتية مباشرة مع المعارضين المناهضين للحكومة . وفي كوبا دعا الصحافيون الكوبيون في المقالات الافتتاحية للجرائد الكوبية الرسمية الصحافيين لتعزيز دور الإنترنت في دعم الحكومة تجاه معارضيها. وذلك بالدفاع عن الثورة على الإنترنت بالبدء بتشكيل مدوناتهم الخاصة. وكتابة تعليقات نقدية على مدونات المناهضين للحكومة. وإعادة طباعة أفضل رسائل المدونين الموالين للحكومة في الإعلام الرسمي .
ويتحدث الكاتب عن الحزب الحاكم في أذربيجان في مايو/أيار .2010 التي كانت قلقة من حقيقة أن النشطاء المناهضين للحكومة. كانوا يستخدمون بشكل عدواني موقعي الفيس بوك واليوتيوب. لنشر مواد تحضّ على المعارضة. واستضافت الحكومة حينها اجتماعاً لمجموعة من الشباب المؤيدين للحكومة. حيث قررت أن تخصص لهم مكتباً خاصاً. بحيث يمكنهم الدخول في معارك إنترنتية مباشرة مع المناهضين للحكومة .
ويرجع للإشارة إلى هوغو شافيز الذي أعلن في إطار حملته على تويتر تشكيل شبكة من فدائيي الإنترنت. وضمت هذه الشبكة 75 طالباً ما بين 13 و17سنة. وخصصوا لهم ثياباً موحدة. ودربوهم على محاربة الرسائل الإمبريالية. إما على الشبكات الاجتماعية أو على الجدران أو في منشورات أو حتى عبر التدخل المباشر .
مواكبة الإعلام الجديد
رغم أن الكاتب نشر كتابه قبل حدوث الثورة المصرية بأيام قليلة. إلا أنه تحدث عن حركة مستخدمي الفيس بوك من المناهضين للرئيس المخلوع حسني مبارك في مصر منذ .2008 حيث تم استخدام الفيس بوك لإعلان الاحتجاجات حينها. والسلطات المصرية قررت حينها أن تتعقب هؤلاء الداعين للاحتجاجات في الموقع. ويذكر الدور الذي لعبه جمال مبارك. الذي كان من المفترض أن يرث الحكم من والده. حيث نظم أكثر من خمسين مجموعة على الفيس بوك. وكلها عبارة عن مقابلات وحوارات متنوعة انتشرت على الإنترنت. لتهيئته لاستلام زمام السلطة. لكن هذه الإجراءات لم تؤتِ أُكلها .
ويشير أيضاً إلى أن المشاعر المعادية للإنترنت من قبل السلطات الإيرانية أثناء الاحتجاجات في .2009 أوصلتها إلى ضرورة تواجدها في الساحة الإنترنتية بنشاط . ويذكر أنه في .2010 أطلق المتشدّدون الإيرانيون موقعهم الاجتماعي باسم ولايتمداران. الذي فيه إشارة إلى أتباع الولي الفقيه أو المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي . وهذا الموقع ضمّ ما يقارب ثلاثة آلاف عضو في .2010 ومكّنهم من تبادل الكثير من المعلومات والصور ومقاطع الفيديو وطرح مواضيع تحت سقف معين .
ويرى الكاتب أن ظهور هذا النوع من المواقع. هو خطوة لاحقة في استراتيجية إيران القديمة في كسب الإعلام الجديد . بالإضافة إلى ذلك. يتحدث عن تدريبهم جيلاً جديداً من المدونين منذ .2006 عند تأسيس مكتب تنمية المدونات الدينية على الشبكة العنكبوتية في مدينة قُم. مركز الثقافة الدينية في إيران .
كما يذكر أن الحرس الثوري كان عدائياً للغاية على الإنترنت. ففي أواخر 2008 تعهدوا بتأسيس عشرة آلاف مدونة تحت إشراف قوات الباسيج. لمناهضة المدونين العلمانيين . كما يذكر أن الحقيقة الواضحة والاستثنائية حول ثورة تويتر في إيران كان بعد بدء الاحتجاجات بأسبوعين. حيث تضاعف عدد الرسائل المؤيدة للحكومة بنسبة 200 مرة. مقارنة بالفترة التي أعقبت الانتخابات مباشرة . برأيه هؤلاء التويتريون ازدادت رسائلهم ليس لأنهم وقعوا فجأة في حبّ أحمدي نجاد .
لا تثق بأحدٍ على الشبكة
يتحدث الكاتب في الفصل السادس عن الاختراقات التي تحدث في الكثير من الكمبيوترات. من خلال شبكات التجسسس الدولية التي تخترق الخطوط بشكل غامض. في الوقت الذي يتحدث فيه مستخدمو الإنترنت بسعادة مع الأصدقاء على الفيس بوك أو التويتر. ويرى أن كل النشاط الذي يقوم به الأفراد يتم تسجيله بشكل سري إلى جهات مجهولة . كما يرى أن هناك الكثير من الحملات الموجهة ضد المواقع العقائدية من خلال كمبيوترات الأشخاص المقيمين في الأماكن. التي تُدار منها هذه المواقع. ويقول الكاتب: ليست لديك فكرة أن كمبيوترك هو جزء من هذا من جيش إنترنتي غامض. إن الأمر أشبه ما يكون بغريب يقرأ بشكل سري مفكرتك ويستخدمها أيضاً ليؤذي عابر سبيل .
ويتحدث عن الاختراقات التي حدثت في كمبيوترات العديد من الناشطين الفيتناميين. الذي احتجوا في 2009 على بناء منجم جديد للبوكسايت في بلادهم . حيث أصبحت كمبيوتراتهم عرضة للخطر. فقد شنوا هجمات عليهم. وأدخلوا طرفاً ثالثاً ليس لإدارة نشاطهم الإنترنتي فقط. بل أيضاً لشن هجمات من كمبيوتراتهم على أهداف على الإنترنت في فيتنام وأمكنة أخرى . ويشير الكاتب إلى أن حالتهم ليست موضوع جهل بالإنترنت. بحيث يضغطون زراً خاطئاً يسمح بدخول فيروس أو يدخلون في مواقع إباحية غريبة. لكن الأمر أخطر من ذلك . ويتحدث عن أحد المخترقين لموقع فيتنامي شعبي. الذي استبدل إحدى التنزيلات المحبوبة بأخرى مُفَيْرسة. ويقول حول ذلك: إن أي شخص قام بتحميلها. تحوّل كمبيوتره من دون أن يدري إلى مركز هجوم وتجسس على المواقع الأخرى. ويجد أن هذا النوع من الاختراقات صعب التحقق منه. لأن كل شيء يبدو أنه يعمل بشكل طبيعي. وليس هناك من نشاط يثير الريبة .
كما يتحدث أكثر عن وسائل المخترقين كإرسال إيميلات من أشخاص في قائمة الاتصال في البريد الإلكتروني. ممن يتم تبادل الرسائل معهم على الدوام. بالإضافة إلى حدوث الهجمات في مواقع حصينة جداً بوسائل ممنهجة وسرية. ويدعو الكاتب إلى الحرص في تصفح المواقع. وتجنب تحميل الكثير من الأشياء غير الضرورية .
كما يتحدث في هذا الفصل عن الكاميرات السرية التي تنشرها الحكومة الصينية في الكثير من مدنها. والتي توفر عليها جهداً في تعقب بعض المعارضين ومراقبة نشاطاتهم .
التناقضات الثقافية لحرية الإنترنت
في الفصل الثامن من الكتاب يركّز الكاتب على ما يصفه بالتناقضات الثقافية لحرية الإنترنت. ويشير إلى النفاق الذي يجري في الولايات المتحدة اليوم من قبل كلّ من الحكومة والشركات الأمريكية. خاصة عندما يتعلق الأمر بترويج حرية الشبكة على نحو عالمي . ويشير الكاتب إلى أنه بينما العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين يبشّرون بفضائل الإنترنت الحر والمفتوح في الخارج. الذي لا تحده الرقابة أو تقوم الشرطة السرية بملاحقة مستخدميها أو غيرها من الأساليب. يجد أن العديد من الشركات ذات التقنية العالية مثل فيس بوك وغوغل وتويتر ومايكروسوفت وآبل . . إلخ تساعد على تسليم معلومات معينة لممثلين للدول القمعية بخصوص معارضين لهم أو التعامل مع مجرمين خارجيين بطرق أخرى .
ويطرح الكاتب مجموعة من الأسئلة حول العلاقة بين الإنترنت والديمقراطية. كما يطرح سؤالاً كان قد كتبه في عمود جريدة نيويورك بوست: ألا يستحسن بأمريكا في نضالها لأجل حرية الإنترنت أن تبدأ من نفسها. لكي يأخذ العالم ما تصرّح به على محمل الجد؟ .
ونجد أن نقد الكاتب للتناقضات الثقافية يبقى في حالة استمرار. وتقوده بالتالي إلى نهاية مفاجئة مناقضة. حيث يجد أن المشكلة الحقيقية هنا أننا نتعرض لإغواء من تلك الأنماط التحررية السخيفة. التي تحمل أفكاراً جنونية حول إبقاء الإنترنت غير مقيد .
خاتمة لابدّ منها
في النهاية نجد أن الكاتب يحذر من الاعتقاد السائد والبسيط من أن تكون التكنولوجيا على قدر من الحيادية. بل يرى أنها تعتمد بشكل كامل على من يستخدمها. وعلى الأغراض التي تقف وراء استخدامها . يرى أن بعض التكنولوجيات تنتج نتائج سياسية واجتماعية معينة أكثر من تكنولوجيات أخرى منذ بدء نشوئها .
والجدير بملاحظته أن هذه المواقع الاجتماعية. تلعب دوراً كبيراً في نقل مجريات الانتفاضات الشعبية في العديد من الدول العربية التي تمنع دخول الإعلاميين إليها. حيث تنقل هذه المواقع الكثير من المشاهد المصوّرة التي ترتكبها الأنظمة القمعية بحق المواطنين العزل. كما تعتبر هذه المشاهد وثائق ملموسة تشهد على جور وعنف الأجهزة الأمنية في دول عربية عديدة .
وبالتالي نجد أنفسنا أمام حيرة بشكل أو آخر أمام ما يذكره إيفينجي موروزوف في هذا الكتاب. من أنه لا يمكن لهذه الشبكة أن تسهم في تهديد الأنظمة الاستبدادية ونشر الديمقراطية. وأن كل من يعوّل أملاً على مواقع التواصل الاجتماعي. يعيش في دائرة وهمية. خاصة أننا وجدنا أن بعض المدونين يتعرضون إلى الاعتقال . كما نستشف من خلال هذا الكتاب أن الولايات المتحدة تستخدم هذه المواقع لتحقيق غاياتها في المناطق التي تريدها. وهذا بشكل أو آخر يقع في خانة الآراء التي تجد أن الثورات العربية الحالية تحركها أيدٍ خفية. وليست انتفاضات تلقائية شعبية ضد القهر والتسلط الممارس والممنهج منذ عقود .
لكن في النهاية يجد الكاتب أن الجوانب المظلمة لحرية الإنترنت من الممكن أن تصبح مضيئة. إذا انتقل مستخدمو الإنترنت من طوباوية الشبكة العنكبوتية إلى واقعيتها. وأن تساعدهم الحكومات الغربية على تحقيق الحرية الحقيقية للإنترنت. وليس الحرية التي يتوهم البعض أنها موجودة الآن .
(تأليف: إيفجيني موروزوف / عرض وترجمة: عبدالله ميزر)