آخر الأخبار

عولمه الكراهيه

---------------------------

لعلنا جميعا صدمنا بحجم الكراهيه المنفلته التي أظهرتها شرائح واسعه من السوريين تجاه بعضهم الآخر , وصدمنا أكثر بالتعبيرات العلنيه الفجه عن تلك الكراهيه, وما نتج عنها من أفعال شنيعه ناتجه عن استعار تلك الكراهيات وانفلاتها من المجال العام الذي كان يحتويها,

الكراهيات العريقه :
مثلنا مثل كل الشعوب المحيطه بنا ,ابتلينا بكراهيات عريقه متوارثه , ساهمت العزله وانطواء كل جماعه على نفسها , في تنميه تلك الكراهيات وانتعاشها ,الا أن التعبير عن تلك الكراهيات ظل مستترا ومحصورا داخل الفضاءات الخصوصيه لكل جماعه,لأنها ,أي العزله, كانت في ذات الوقت عائقا أمام انتشار تلك الكراهيات كونها كانت عائقا امام انتقال حوامل تلك الكراهيات "من بني البشر".

عولمه الاتصالات وعولمه الكراهيات :
على غيرما تنبىء به المقدمه السابقه , فان كسرالعزله الذي تكفلت به وسائل الاتصالات الحديثه لم يدفع تلك الكراهيات الى الاضمحلال , بل على العكس ! لقد ساعدت الاتصالات الحديثه في نشرالكراهيات بصوره غير مسبوقه , وأمنت لها حوامل مستقله بذاتها , سبقت كثيرا قدرات الكارهين على الانتقال .
وهذه ظاهره عالميه, و ليست حكرا علينا وحدنا,فيكفي أن نعرف أنه في عالم اليوم الذي نعيشه يوجد هناك أكثر من1.5 بليون تلفزيون , و1.7 بليون كمبوتر شخصى متصل بالانترنت , اضافه الى أكثر من بليوني ونصف هاتف نقال , تعمل جميعها كحوامل فائقه السرعه للكراهات المنفلته .

الكراهيات المصطنعه:
لم يعد انتاج الكراهيات حكرا على الكارهين الحقيقين , بل صار لدينا اليوم كراهيات مصطنعه يتم العمل عليها , وتأجيجها ,من قبل أفراد , وجماعات , وحتى دول , من أجل مآرب أخرى سلطويه وسياسيه واقتصاديه ,ويمكننا أن نأخذ الكراهيه المستعره التي ظهرت بين شعبي مصر والجزائر عقب مباراه كره القدم عام 2010 , وعصفت بنارها تاريخ العلاقه بين الشعبين , كنموذج عن السهوله التي يمكن بها تأجيج الكراهيه بين شعبين شقيقين الى الدرجه التي كان من الممكن أن تشعل حربا لو أن هناك حدود مشتركه بينهما !

تكتيكات الكراهيات المصطنعه :
من الواضح أن عصر الاعلام الفوري قد أغرقنا بكم هائل من المعلومات والصور , الا أنه جعل معرفه حقيقه ما يجري أصعب من أي وقت مضى !
وهذا ما سمح بالتلاعب بالمعلومات واستغلالها وتوظيفها لتأجيج الكراهيه بين شرائح مجتمعنا, وهذا التلاعب اتبع تكتيكات عديده ومتنوعه , معروفه جيدا عند المطلعين على هذا الشأن مثل تكتيك السريه , والمصدر المقنع , والتسريب الموجه للمعلومات عن طريق القنوات الخلفيه وهناك تكتيك الصدمه المرتده و كذلك تكتيك الكذبه الكبرى , وهذه التكتيكات يحتاج شرحها الى مقاله كامله ,وتم توظيف تكتيكات المعلومات الآنفه الذكر واختزالها في تكتيك واحد شديد الفعاليه, هوتكتيك التسريب الموجه للكراهيه.
وربما يفسر هذا , كيف يتحول متظاهر عادي خلال بضعه أيام , ولقاء مبلغ تافه من المال الى ارهابي مرعب , يقتل , ويذبح , ويقطع , ويقول قبل هذا كله : الله أكبر !