أن تؤول الأشياء و الأسماء إلى ما آلت إليه أخيراً .
و تهب رياح التغيير من الجهات الأربع لتقتلع فينا جذوة الذاكرة و قاموس
المعاني وسفر التضحيات . أن تحوم فوق رؤوسنا عقبان تنذر بغيبية
المصيبة و حدوث الكارثة ...
هل هذا وصف مبالغ فيه لما أنا أخشى منه؟...
أم أن كلماتي عجزت عن أن تطال الشرح و التوصيل ؟..
هل هي هواجس و هذيان لرجل مسن مريض تتراءى له الأشياء مختلطة
الصور و العبارات ؟..
أم أنه التجلي قبل الاحتضار ؟..
الآن فقط بإمكانكم الطلب إلى سائق التاكسي أو السرفيس أن ينطلق بكم أو
أن يقف بكم في دوار العلبي . ولم يبق فقط لخطوط السرفيس سوى وضع
الشاخصة البلاستيكية الخاصة فوق سقوف سرافيسهم و المدون عليها
دوار العلبي ..! بدلاً عن دوار حطين ..
نعم لقد نجحوا حقاً بذلك . لا بل و أنجزوا ما لا يمكن لشخص أو مؤسسة في
أية دولة في العالم أن تحققه لولا وجود الأشخاص الذين يساعدون و
يخططون و يدبرون و ينفذون ..!
فإما أنهم يطلعون على الأنترنت . أو أنهم لا يفعلون !
في كلتي الحالتين , إنهم لا يأبهون بالأصوات و لا بالصرخات و لا
بالاحتجاجات التي تصدر من هنا أو من هناك !
عساهم افترضوا و تيقنوا من أن هذه الأصوات لابد لها وأن تنخفض بعد
هدأة العاصفة . و تعود المياه إلى مجاريها ويبقى شعار تقدمة بن العلبي
جاثماً فوق مربع الجهل و القهر و العهر و التدنيس !
و كلما مررت قرب ذلك المكان خيل لناظري أن ذاك الماء المنبعث من
فوهات الرمز ليس ماء ً طاهرا ً و لا قهوة عربية ً , بل دماء ً قانية ً من لون
دم أبطال شهداء حطين الأمس و حطين اليوم و ربما ... حطين المستقبل !
و أعود لأقول . لا يزال خوفي و خشيتي قائمين و مشروعين من عودة
عقبان الشؤم لتحوم فوق جثامين الأحرار في أمتنا بعدما وصل إلى مسامعي
عن نية هؤلاء في المتابعة بنشر ثقافتهم , ثقافة الإملاءات الغير مباشرة و
فرض الأمر الواقع و ثقافة البيع و الشراء ..
و لا أكون مبالغا ً إن قلت : أن العديد من الشركات التجارية و الشخصيات
الاعتبارية قد حصلت على موافقات مماثلة من محافظ اللاذقيه على إنشاء
ساحات مماثلة بعناوين مختلفة و لكنها كلها تصب في وعاء واحد ..!!
الآن دوار العلبي و غدا ً دوار الزين و بعد غد دوار حنين .. إلخ ..
علمت من أحد المعارف المقيمين في إحدى الدول الاسكندنافية , أنه يوجد
هناك مجالس خاصة بالأهالي في كل منطقة. و هذه المجالس هي الجهة
الأخيرة و الأساسية المعنية في التصويت على أي عمل بلدي أو نشاط
صناعي أو زراعي أو اجتماعي أو اقتصادي . إلى ما هنالك من نشاطات ..
و هذه المجالس توافق أو ترفض بالأغلبية عن طريق التصويت المباشر أو
الإحصاء أو استطلاع الرأي surveying .
كما أن هذه المجالس ليست مؤلفة من عدة أعضاء فقط يمثلون أهالي المنطقة ,
بل أن هذه المجالس مؤلفة من كامل عدد سكان المنطقة الذين يحق لهم
التصويت و استطلاع الرأي على أن يتوفر بالواحد منهم شرط الإقامة و
شرط بلوغه لسن الثامنة عشر ..
و فوق هذا , إنهم يستطلعون آراء الأطفال و الشبان الذين لم يبلغوا السن و
ذلك للوقوف عند هموم و أفكار جيل المستقبل ..جيل البناء و التطوير
هناك..!!
و هكذا , لا يمكننا القول بعد ذلك أن قراراً ما أو فكرة جهنمية يمكن لها أن
تمر إلا بعد حصول الموافقة من الأهالي ..هذا لن يحصل !
هل يمكن لنا أن نحقق ما حققه أبناء جلدتنا في أصقاع أخرى من العالم ؟..
أم أننا سنبقى عاجزين عن بلوغ المعالي ؟
إن أجبنا بنعم على إمكانية التحقيق و ليس على العجز , وقتها سأقول لكم
أنكم لن تشاهدوا لا دوار العلبي و لا دوار الزين و لا حتى أي
مظهر ينغص العيش و يتحدى إرادات العامة ..!