آخر الأخبار

لاعقو المبرد

المتتبع لحركة السياسيين في لبنان والذين كانوا يشكلون بالأمس القريب أقرب حلفاء سوريا,لا بد أن يصاب بالحيرة والذهول..

الحيرة بسبب تلون المواقف صعودا وهبوطابشكل بات من الصعب لأي متابع جدي أن يتكهن باتجاه رياح هذه المواقف...والذهول بسبب المنحى الذي يأخذون اليه الأمور في لبنان وسوريا مع علمهم الأكيد أن أي خطر يصيب سوريا سيرتد بشكل مضاعف على لبنان ..ليس بسبب علاقات القربى والروابط التاريخيه والجغرافياوالخ.. فقط..

ولكن لسبب بسيط هو أن لبنان من تاريخ إنشائه, وبتركيبته الطائفية التي ركّبت بطريقة القص واللصق من سوريا. لم يكن ليستغنى عن الأدوار الخارجيه المتحكمة به طوعا أو قسرا .وهذا باعتراف هؤلاء السياسيين أنفسهم ..فكما أن قبرص هي ساحة سيرك ..للمخابرات العالمية, كذلك لبنان .أضف لذلك العامل الفلسطيني,والعامل الإسرائيلي المتربص .

وعندما قال جنبلاط : اذا كان الخيار بين المخابرات السورية والأمريكية ..نختار السورية كان يعي هذه الحقيقة. مع أنه اختار عكسها لاحقا .

وتتراوح مواقف هؤلاء بين الرفض والتصعيد ..والغمغمة والهروب..والقبول أخيرا, بحجة المحافظه على السلم وحقوق الطوائف..وذلك على نفس المواضيع المطروحة كبرت أم صغرت.

يعتبر البعض ذلك شطارة سياسية..والبعض الآخر يعتبر ذلك نفاق ومصالح ضيقه..وربما الحقيقه أكبر من هذا وذاك..

ولنأخذ مثلا قريبا على ذلك..

مواقف جنبلاط وأعوانه ..وعلاقته مع سوريا. وأخذنا هذا المثل كون هؤلاء قد شكلوا بشهادتهم أمام ميليس جنبلاط والعريضي وحماده وقريبه تويني الأساس الذي بني عليه ميلس الخلفية السياسية لاغتيال الحريري كما جاء في التقرير.

وذلك بإيرادهم ما رواه لهم المرحوم الحريري عن لقائه الرئيس الأسد .

ويعلم الجميع أن جنبلاط كان من المؤسسين والمشاركين والمستفيدين ربما الأول ..من مرحلة ما بعد الطائف ,وأن حصته من الكعكعه لم تكن لتنقص يوما بحماية سوريا وحليفه رفيق الحريري.

وأن مرحلة ما بعد الطائف قد بنيت بالتعاون بين سوريا وبري والحريري وجنبلاط مع استبعاد المعارضه المسيحيه التي تتكون أساسا من عون وجعجع ..فإذا كانت سيئه فهذا ما صنعته أيديهم ...

بل إن الأكثريه النيابيه التي حصلوا عليها بغض النظر عن التجييش الطائفي شمالا واستخدام ميكروفونات المساجد من أجل دعوة الناس للتصويت مع لا ئحة سعد الحريري ..قد حصلوا عليها بقانون سمي بقانون غازي كنعان الذي وضعه مع الحريري وجنبلاط!!

ومع أن الكثير من المراقبين الحياديين ينظر اليوم إلى قضية اغتيال رفيق الحريري على أنها تشكل استغلال قذر من طرف خارجي لأداء سيء للأمن السوري في لبنان ,وللسياسيين اللبنانيين وحساباتهم الخاطئه ..وأول هؤلاء جنبلاط .

مما أدى لأن يقع الجميع في الفخ ..

نقول مع ذلك -وإن كان السوريون قد وعوا أخيرا هذه الأخطاء التي هددت موقعهم الاستراتيجي بالعمق وبدأوا بعملية طويلة وشاقة للترميم -..يستمر هؤلاء تيار المستقبل وجنبلاط تحديدا في لبنان بالتصعيد والتحريض على سوريا ..بدل أن يرسلوا إشارات تطمئن السوريين إلى أن لبنان لن يكون فخهم المحتمل أو خاصرتهم التي ستطعنهم منها أمريكا مع أن الأمور سائرة في هذا الاتجاه .متجاهلين حقيقة أن أي تهديد وأخطار قد تصيب سوريا ستنعكس حتما على لبنان وليس بعيدا عن هذا الجو مطالبة القوات اللبنانية بالفيدرالية مؤخرا, وخطاب حراس الأرز بقتل الفلسطينيين ..إذ أن الطوائف والإثنيات ال 17 المشكله للموزاييك اللبناني هي هي التي تشكل الموزاييك السوري الحيوي ..

وإنهم بذلك من الذين يلحسون المبرد ويلعقون دمهم ومثلهم في ذلك مثل القط الذي غرق في لعق الدم الذي يسيل على المبرد بغزارة من دون أن يعرف أن ما يلعق ليس كسباً بل هو دمه السخي، وأن لذته العابرة ستنتهي سريعا, فدمه سوف ينزف كله فيموت من دون أن يدري.