ان يكون هسام طاهر هسام هو (غوار) فهذا يؤشر الى ان الآخرين أصبحوا معه وبه (حسني البرزان). اذ كيف (شرب) هؤلاء (المقلب) مع ان الرجل من اصحاب السوابق!. وأخرها محاولة خطف إمرأة كانت على علاقة به. قد نظمت مفرزة بيروت القضائية الثانية محضراً بالواقعة في 16/6/2005، اي قبل عشرة ايام من تقديمه لنفسه الى وزارة الداخلية كشاهد في جريمة اغتيال الرئيس الحريري. وهذا كله بحسب ما اشارت اليه احدى المجلات الاسبوعية المقربة جداً، أو من «ضمن البيت الواحد» بحسب تعبير الزميل فارس خشان.
لكن وبعد التدقيق قد نجد بأن هسام لم يكن (غوار)بقدر ما كان (بياع الهوى) في سوق متعطشة لبضاعته!
وربما بهذا المناخ جرى سحب ميليس الى مواقع ضبابية حتى وقع بما وقع به من تناقضات حملها تقريره، ثم كان آخرها ما قاله في لقاء صحفي من أن ما قدمه هسام من معلومات «ليس بالشيء الهام». فهل يعقل هذا والمذكور هو (الشاهد المقنع)!، الذي جرت مواجهته باللواء جميل السيد ما يعني بداهة انه يحمل كمّا كبيرا من المعلومات الهامة. بل وسنراه اكثر من هذا عندما نأتي على بعض الفقرات في تقرير ميليس.
اما اذا وجد مَن يكابر بأن هسام ليس هو الشاهد المقنع فاننا نحيله الى ما قاله شخص مطلع جدا - ومن «ضمن البيت الواحد» - وهو الزميل فارس خشان الذي جاء في بيانه بأنه شك بالمذكور بعدما ألحّ عليه مرارا «باجراء مقابلة تلفزيونية وصحافية». ما جعله يتسآل: «كيف يمكن لشاهد مقنع ان يصر الى هذا الحد على كشف هويته وصورته»!!
بعد هذا فان ما قالته خطيبة هسام ينطبق على الفقرة 102 من تقرير ميليس التي تشير الى ان المذكور تلقى اتصالا من ضابط كبير في المخابرات السورية يطلب منه مغادرة موقع الانفجار. ما يكشف بأن هسام هو الشخص المعني بالفقرات 96 وحتى 102 من تقرير ميليس: «شاهد سوري الاصل يعيش في لبنان..».
لكن وبعد استعراض الفقرات المذكورة يتساءل المراقب: لماذا ظل هسام حراً طليقا!!. في حين انه شريك في الجريمة تخطيطاً وتنفيذاً وذلك إذا أخذنا بما ذكره التقرير نفسه وفيه ما يلي:
1- معرفة (الشاهد) بالتاريخ الذي اتُّخذ فيه القرار باغتيال الرئيس الحريري: «بعد نحو اسبوعين من تبني مجلس الامن للقرار 1559» - الفقرة 96 -
2- اطلاعه على ادق تحركات مسؤول أمني «رفيع المستوى»، ذاكراً بالتفصيل اجتماعاته في دمشق «للتخطيط للجريمة»! - الفقرة 96 -
3- معرفته بكل ما يتعلق بأبو عدس: مصيره. تاريخ تسجيل شريط الفيديو والجهة التي سلمته واستلمته في بيروت - الفقرة 100 -
4- معرفته بأدوار الآخرين من أمنيين سوريين ولبنانيين. وتحديده للأشخاص الذين «قدموا تجهيزات لوجسيته لدعم العملية». ونوعية هذه التجهيزات! - الفقرة 101 -
5- قيامه في 13 شباط «بجولة في منطقة سان جورج برفقة ضابط سوري كبير على سبيل المراجعة النهائية لمنطقة العملية» - الفقرة 99 -
لندقق - من باب الاستطراد - بالعبارة: «المراجعة النهائية» ما يدل على ان المذكور عارف بمكان (دائرة الموت) ويوم التنفيذ أيضا. وهذا لا يتناسب مع ما جاء في الفقرة 102 من التقرير، ومع ما نسب الى خطيبته من انه لولا الاتصال الهاتفي لكانت هي وهسام في عداد الموتى!!.
على اي حال ليست هذه المفارقة هي الأهم. بل كيف يجوز ان تطلق صفة (الشاهد) على شخص بهذا المستوى من المشاركة الجرمية. وبأي منطق لا يودع السجن ليس أسوة بالجنرالات الأربعة الذين لم يعترفوا - كحال هسام! - ولم تتشكل بعد قرينة مادية تدينهم بدليل عدم صدور قرار ظني بحقهم بعد مائة يوم على توقيفهم وهو ما حدا بالدفاع لطلب الافراج عنهم!!
لعل ما سبق يقودنا الى ان هسام هو أحد احتمالين اثنين:
إما انه صياد استغل هوس من يعتقد بأن الفاعل هم السوريون دون سواهم.
او ان الرجل كان (مؤدباً) لدور جرى تلقينه به ليقول ما قاله امام لجنة التحقيق الدولية!!
لكنه في الحالتين كان بياعا شراء! وربما مع ضمانه ان يظل مجرد (شاهد) طليق يتمتع بالرفاهية التي عرفنا منها السيارتين المستأجرتين له.
اما ان يكون هسام كاذبا، افاكا، نصابا، اختراقا سورياً. فهذا ما عاد دليلا ضد احد بقدر ما هي تهمة ضد من تبناه. ما يحمل على الاعتقاد بوجود (جوقة) من المخرجين والمنتجين السينمائيين تفتش عن ممثلين تدفعهم الى لجنة ميليس التي ورطوها كما يبدو لتصبح أشبه باذاعة (يونس البحري من برلين)! وهي من احدى وسائل الاعلام الالمانية خلال الحرب العالمية الثانية. وكان لها جمهور واسع من المستمعين المتحمسين. حتى اذا ما سكتت. ذهب احد المهووسين بها ليسأل عن السبب. فقالوا له: لقد استسلمت المانيا. فأجاب بعد طول صمت وبحزن: (آذا استسلمت المانيا فانا لا استسلم)!
هكذا هو حال البعض الآن ممن لا يزال يكابر في حين ان ميليس أدرك ورطته فانسحب بفروسية.
انه ميليس الذي انتفض على نفسه حتى لا يتحول الى (اذاعة يونس البحري)!!
الديار
لؤي توفيق حسن