في هذا اليوم، الثالث من كانون أول/ديسمبر 2014، تقيم منظمات المجتمع المدني من أعضاء الحملة العالمية لحظر الألغام المضادة للأفراد فعاليات إعلامية في نحو 50 دولة، بمناسبة إصدار تقريرها السنوي عن واقع الألغام في العالم والمستجدات في اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام، والتي تعرف باسم "المرصد العالمي للألغام"، وفي هذه المناسبة اجرينا اللقاء التالي مع الدكتور غسان شحرور منسق الشبكة العربية للأمن الإنساني والمشارك في الحملة العالمية الحائزة على جائزة نوبل للسلام.
-لدى سؤاله عن الحملة العالمية لحظر الألغام، حدثنا دكتور غسان:
الحملة العالمية لحظر الألغام المضادة للأفراد هي شبكة عالمية تضم نحو 800 منظمة من منظمات المجتمع المدني الفاعلة في نحو 100 دولة، تعمل معاً للحث على تعميم اتفاقية حظر الألغام ومساعدة الناجين من أجل عالم خال من الألغام، يحظى فيه فاقدو الأطراف بحياة كريمة وفرصاً تكفل المشاركة والمساواة، ويمكّنهم من الدمج والإحتواء في مجتمعاتهم المحلية.
-وبسؤاله عن اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام قال:
هي اتفاقية دولية ملزمة تحظر استخدام وتصنيع وتجارة ونقل الألغام المضادة للأفراد، وتلتزم بمساعدة الناجين وتأهيلهم ودمجهم، فتح التوقيع عليها في الثالث من كانون الأول/ديسمبر1997، ودخلت حيز التنفيذ في الأول من مارس/آذار 1999، وقد صادقت عليها 162 دولة، ولا تزال 35 دولة خارج الإتفاقية، في هذه المناسبة تقام فعاليات إعلامية مختلفة في نحو 50 دولة، من أجل تسليط الضوء على مرصد الألغام السنوي الذي تصدره عن واقع هذه الاتفاقية ومدى استخدام وتصنيع وتخزين الألغام وتطهير الأراضي الملغمة، ومساعدة الضحايا والمجتمعات المحلية المتضررة بها، وعن مدى الإلتزام باتفاقية حظر الألغام في جميع أنحاء العالم، وكذلك لتجديد الدعوة لبذل المزيد من الجهود لتحقيق عالم خال من الألغام.
-ولدى سؤاله عن أهمية هذه الاتفاقية، وماذا حققت حتى الآن، قال:
لقد حققت هذه الاتفاقية الكثير على طريق مكافحة الألغام، هذا السلاح غير الإنساني الذي لايميز بين المحاربين، والمدنيين الأبرياء، ويبقى عقودا طويلة يبعث الموت والرعب في مناطق تواجده، نعم، حققت الاتفاقية الكثير من الإنجازات كتطهير الأراضي الملوثة، ومساعدة الضحايا، وأدت إلى تراجع كبير في استخدام هذه الألغام والاتجار بها، لكن الكثير من الناس والمجتمعات لا تزال متضررة بحقول الألغام، ويعيش الكثير من الناجين، خاصة من فاقدي الأطراف حياة صعبة وقاسية، هذه التحديات التي نعمل جميعاً على تجاوزها والتغلب عليها.
لقد قدمت هذه الاتفاقية مثالا جلياً عما يمكن أن تحققه الحكومات والمجتمع المدني معاُ للتخلص من هذه الأسلحة غير الإنسانية، وبفضل هذه الجهود بلغ عدد الدول المنضمة إليها (162) دولة، وهكذا ارتبط هذا السلاح بوصمة جعلت معظم دول العالم حتى الغير المنضمة للاتفاقية تمتنع عن استخدام الألغام المضادة للأفراد.
-لدى سؤال د. غسان عن واقع مشكلة الألغام ومخلفات الحروب في بلادنا العربية، أجاب قائلاً:
يبقى حتى الآن في العالم نحو 70 مليون لغم، أكثر من ثلثهم لا يزال جاثما في الأرض العربية مثل العراق، ولبنان، ومصر، وسورية، واليمن، والسودان، وليبيا، والمغرب، وموريتانيا والجزائر. تبعث هذه الألغام وباقي مخلفات الحروب الموت والرعب في المناطق المتضررة، وتعيق التنمية البيئية والصحية والاقتصادية بشكل كبير، وما يجري الآن من نزاعات مسلحة مريرة في عدد من الدول العربية يجعل من مخلفات الحروب مثل الألغام والقنابل العنقودية ومختلف أنواع الذخائر، مشكلة كبيرة تواجه مستقبل الإنسان العربي لسنوات وربما عقود طويلة.
لقد انضمت إلى الاتفاقية معظم الدول العربية كالمغرب والجزائر وتونس وموريتانيا والسودان والصومال وجيبوتي، وجزر القمر، واليمن وعمان وقطر والعراق والكويت والأردن وعلينا العمل على حث باقي الدول العربية إلى الإنضمام إلى هذه الاتفاقية في اقرب وقت ممكن.
-بسؤاله عن أهم ما جاء في مرصد الألغام لهذا العام 2014 قال د. غسان شحرور:
من أبرز نتائج هذا التقرير:
- شكل المدنيون الأبرياء نحو 79% من مجموع المصابين.
- تميز بتناقص كبير في أعداد ضحايا الألغام مقارنة بالسنوات الماضية، حيث سجل نحو 3300 مصاب في عام 2013، أي ثلث عدد الإصابات المسجلة في مرصد الألغام الأول عام 1999.
- توقف إنتاج الألغام عالمياً.
- بلغ عدد الألغام التي جرى تدميرها منذ بدء العمل بالاتفاقية نحو 48 مليون لغم، كما تناقص عدد الألغام في مستودعات أكبر الدول في العالم كالصين والولايات المتحدة.
- فقط اليمن من الدول الأطراف (المصادقة على الاتفاقية)، التي ثبت استخدام الألغام فيهاـ وقد طالب المرصد الحكومة اليمنية بتحري خرق الاتفاقية والعمل على الالتزام بها.
- لاتزال الألغام تستخدم في دول غير موقعة على الاتفاقية مثل سورية وميانمار.
- لاتزال المجموعات المسلحة غير الحكومية تستخدم الألغام في أفغانستان، كولومبيا، مينامار، تونس، باكستان، وسورية واليمن.
- من المؤلم أن نرى خلال السنوات القليلة الماضية عودة استخدام الألغام الأمر الذي ألحق الأذى في صفوف المدنيين الأبرياء، وتسبب بإدانة واسعة من قبل المجتمع الدولي.
- كما شدد التقرير على أن ما يقدم من دعم دولي لحاجات ضحايا الألغام وفاقدي الأطراف لاتلبي حاجاتهم الأساسية من تأهيل وتدريب وفرص عمل، ويتواصل نداء المجتمع المدني في الحملة العالمية لحظر الألغام إلى الدول المانحة لتعزيز دعمها برامج تأهيل ودمج الضحايا ومساعدتهم في جميع أنحاء العالم.
-كيف تنظر إلى مستقبل جهود نزع السلاح في العالم؟
أجاب د. شحرور:
تعهدت دول العالم المشاركة في المؤتمر الثالث لمراجعة اتفاقية أوتاوا الذي انعقد في مابوتو عاصمة موزمبيق في يونية حزيران 2014 بالعمل على إخلاء العالم من سلاح الألغام المضادة للأفراد بحلول عام 2025، ويعد هذا الإلتزام إيجابياً، ومن جهة أخرى، حفزت جهود الحملة العالمية لحظر الألغام وجهود منظمات المجتمع المدني الناشطة في نزع السلاح للعمل على توسيع هذه الجهود لتشمل أسلحة أخرى مثل القنابل العنقودية، وأسلحة اليورانيوم المنضب، والأسلحة النووية، وهي جهود تحتاج إلى المزيد من الدعم والتأييد من الجهات المدنية والحكومية.
في هذه المناسبة، لايسعني إلا أن أدعو جميع حكومات العالم إلى الانضمام إلى هذه الاتفاقية التي تسعى إلى طي صفحة هذا السلاح الذي طالما اتسم بالوحشية، وأعاق التنمية، وسبب الكثير من الويلات في حياة المدنيين الأبرياء.
حوار:ا .محسن المحسن.
إضافة تعليق جديد