ـ 1 ـ
تحكي أسطورة سومرية أن إلهة الجنس والجمال انانا (عشتار البابلية) نزلت في بستان فلاح اسمه شوكا ليتودا من أجل أن تستريح تحت ظلال شجرة وارفة. انتهز الفلاح ما وجد عليه انانا من نصب بعد جولتها السماوية، فواقعها دون أن تشعر بشيء من شدة التعب. في اليوم التالي علمت انانا ما حل بها، فأصابها غضب شديد، وقررت أن تنزل عقابها على الفلاح الذي لاذ بالفرار.
فلما صار الصبح وأشرقت الشمس
تلفتت انانا حولها خائفة
تلفتت انانا حولها فزعة
فانظر الأذى الذي أوقعته الفتاة من أجل فرجها
انانا من أجل فرجها ماذا فعلت
لقد ملئت جميع أبار البلاد بالدم
ففاضت كل الغابات والبساتين بالدم
من أجل فرد واحد أنزلت انانا الدمار بالبلاد. من أجل فرد واحد فقط عجزت انانا عن الإمساك به بعد أن ذاب وسط زحام الناس، ترسل انانا الكارثة تلو الأخرى على بلاد سومر، فتملى الآبار بالدم، ثم تطلق الرياح والعواصف العاتية.
ـ 2 ـ
ايرا إله الطاعون البابلي استمرأ الخلود للراحة مما أغضب أتباعه من الآلهة الذين بدأ الصدأ يزحف على أسلحتهم والعناكب تنسج بيتها فوق عتادهم. نجح الآلهة في شحن قلب ايرا ضد الإنسان وكل مظاهر الحياة.
انهض وسر قدماً يا ايرا
أيها المتسكع في أرجاء المدينة كعجوز مريض
أيها الزاحف في البيت كطفل هرم
لقد بتنا نأكل طعام النساء، كمن لا يركب السهل ابدأ
حتى مردوخ العظيم سيد البشر والآلهة كان أضعف من أن يمنع ايرا من إلحاق الدمار بالبشر
افتح لي الطريق (يقصد مردوخ) لأسير على الدرب
فقد فات الوقت وانقضى الميعاد
أعاهدكم على أن أحطم شعاع الشمس
واحجب وجه القمر في منتصف الليل
وسأقول (لأدد) أوقف ينابيع بئرك
واطرد الغيوم وأوقف الجليد والمطر
يمضي ايرا بعزم لا ينال منه محاولات وزيره الطيب (ايشوم) لامتصاص ثورته العارمة، فيدمر بابل ويقضي على سكانها، ثم يتوجه إلى مدينة ايريك المخصصة للبغايا المقدسات والغلمان المخصيين فيلحقها بسابقتها.
سأظهر مزيداً من الفتك والانتقام
فأستلب روح الابن
ويدفنه أبوه ثم استلب روح الأب
ولا يجد أحداً ليدفنه
أخيراً تنجح مساعي الوزير ايشوم في إطفاء نار ايرا، واحتواء ثورته المنفلتة، ليبقى ايرا على من تبقى وليكف يده عنهم.
ـ 3 ـ
تروي أسطورة الطوفان السومرية أن الناس الذين خلقتهم الآلهة لتحمل مشقة العمل قد تكاثروا في الأرض، وزاد ضجيجهم لدرجة أن الآلهة في الأعالي ما عادت تقدر على النوم والاستمتاع بالراحة. لهذا قرر انليل إله الهواء العظيم أن يتخلص من إزعاج البشر بإرسال طوفان لا يبق منهم أحداً ولا يذر. لكن انكي ـ إله الحكمة والماء العذاب والقريب دوماً من البشر ـ بعدما فشل في إثناء انليل وباقي الآلهة الغاضبة عن قرارهم القاسي، قام بإفشاء السر إلى زيوسدرا الحكيم البابلي.
إنا مرسلون طوفاناً من المطر..
فيقضي على بني الإنسان..
ذلك حكم وقضاء من مجمع الآلهة
أمر آنوا انليل
نصح انكي زيوسدرا بالإسراع ببناء سفينة، وأن يشحنها بالزاد والحيوانات وبعض البشر. وفي اليوم الموعود سالت المياه من فوق، وتفجرت الينابيع والسدود في الأرض
هبت العاصفة كلها دفعة واحدة
وعها انداحت سيول الطوفان فوق الأرض
ولسبعة أيام وليال
غمرت سيول الأمطار وجه الأرض
إضافة تعليق جديد