المشهد الأول بعد المائة : جرس الباب يقرع ، هناك ورقة تبليغ من محكمة تحترم نفسها جدا وتحترم المواطن الى حد أعجز عن وصفه ولا تستخف به وبملكاته العقلية أبداً
ورقة من المحكمة الجزائية المطبوع فيها حكم جزائي نصف اسم المشتكي والمحكوم عليه نصف الاسم الآخر لقد تقاسموني مناصفة هذا هو العدل وإنه لقسمة ضيزى , طبعا لا حاجة لتوقيع القاضي ( فالمخرج لتدقيق هذا المشهد غير فاضي ) ويكفي أن يوقع رئيس الديوان فقط ( أهو من أصدر الحكم وذلك لإنشغال القاضي بشؤونه الخاصة ؟) ولا حاجة لملء الفراغات التي يوجب القانون ملئها (على كل مو بيناتنا ما حدا ح يشوف شي ) لاحظ معي ودقق : تحت اسم المشتكي ركانة محمد مــ وتحت اسم المحكوم عليه ــطيع حمور وهذا الحكم الجزائي لاتاريخ له , لا ذكر للأسباب الواردة في ضبط المحاكمة نسبة لأحكام مادة ما , لا توقيع للقاضي فقط وتحت اسم رئيس الديوان يكتب وبخط بغاية الرداءة براءة لميا غانم وتوقيع على ختم ما حصل على كفايته من االمحبرة .
ماذا نسمي مثل هذه الورقة ( التي يجب أن نعدها رسمية ) فأي قضاء يحكم ؟و أي الأحكام هذه الأحكام (الرجاء ملاحظة أن هذا المسلسل يتم إنتاجه بوفرة ويوزع على المشاهدين الذين لا يملكون الا الحق وجيوبهم فارغة ) اسمحوا لي أن أوصل صوتي لرئيس مجلس العدل الذي أعرفه أنه يشغل هذا المنصب مع أنني تلقيت تصريحات وأوامر من مسؤول هام حول خطأ معلومتي هذه (ولمن أراد الإطلاع على هذا الحديث يمكنه مراجعة مقالي بعنوان دمي ليس برخيص ) على كل ماحدا فاضي غير لـ........ وبالكاد يستطيع القضاة إنهاء شرب قهوتهم وإنهاء مكالماتهم الهاتفية وهم على القوس ومن الطريف أنني قرأت منذ مدة تعميما ملأ أروقة القصر العدلي يمنع على القضاة شرب القهوة و استجواب المتهمين أو الشهود عبر الهاتف ولكن يبدو أن أحدا لم يقرأ كل هذه التعاميم بحكم عادة عدم القراءة .
المشهد ... مكرر جدا : القاضي يرمق المدعي أو المدعى عليه ( حسب المواثيق أعلاه ) هذا إن قام بإزعاج نفسه أشد الإزعاج ونظر إليه أصلا ثم الالتفات الى الكاتب وسؤاله هل قمت بتحضيره أو ها فيجيب الكاتب الآن ويكتب أنه قد قرأ علينا المذكرة وبالطبع هذا غير صحيح ,أصلا القضاء عبارة عن أوراق متراكمة متراكبة لايقوم القاضي بقراءتها أو حتى الاطلاع عليها (على كل كله حبر على ورق )والأمر لا يعدو كونه مؤسسة بريدية: ضع طابع, ضع طوابع, قدم مذكرة, واذهب في جولة, فوق تحت للتمرين وحفاظا على رشاقة وصحة المواطنين الذين فقدوا كل شيء فلم يتبقى لهم إلا أشباه الصحة.
وحينها ينبري القاضي قائلا استمهال أو تدقيق أو استكمال تدقيق للمرة العاشرة على التوالي أو تفصل القضية بالخفاء لتتوارى بعيداً عن الأعين وتنتهي المدة القانونية ويتعب القاضي نفسه أشد التعب ويسأل الكاتب متى ستكون الجلسة القادمة؟ فيجيب الكاتب كذا .... وانتهت الجلسة . يلا اللي بعدوا .
وما يتم دائما هو هذه الصورة الروتينية المملة تدخل الى مايسمى بقصر القضاء مبنى جميل أفقده جماله المشهد الممل الذي يتكرر كل يوم , أناس يدخلون وأناس يخرجون ولا ترى إلا دوامة من الناس , ماذا يفعلون ؟ لاأحد يعلم ( ربما ما حاولت نفسي أن أجده وهو إحقاق الحق ) ولكن هيهات فما يفعلون إلا إضاعة للوقت وللمال وللجهد وللأنفس فما تجده فقط مكان واسع قد ضاق بازدحام الناس , أصوات مرتفعة مزعجة تصم الأذان , أنفاس كثيرة خانقة لتسهيل التقاط الأمراض وتقصير العمر ، فأي فائدة أسمى من ذلك !!؟ ثم تدخل إلى إحدى الغرف المقررة و إذ بك بقاعة محكمة صغيرة جداً تزيدك اختناقا فتجد إما قاضي متفرغ لشؤونه وإما قاضية تذكرك بصبحية النسوان (لا بد أنه يوجد قضاة بما لهذه الكلمة من شرف المعنى ولكني لم ألتق أيا منهم للأسف ) ماذا اقترفنا ليكون هذا حالنا ؟! وما ذنبنا إن لجأنا إلى القضاء لإحقاق الحق ؟! وكل ما نطلبه هو تنفيذ القانون !!. ولكن أي حق هذا فأنت إن كنت لا تملك المال لا تملك أي أسلوب من أساليب إثبات الحق حتى ولو أقر من سرقك بجرمه . وإذا أردت لشكواك التغيير فما عليك إلا الذهاب الى وزارة القضاء ....؟ فترى ساحة واسعة لاجدوى منها الا إضاعة مساحات ثم غرف كثيرة ضيقة ولن تكون عندها قد وصلت الى ضالتك المنشودة فلن يعرك أحداً أي انتباه ( ما في حدا لا تندهي ما في حدا ) بس شو عم يساووا ؟! لست أعلم ، وللتغيير أيضا وزيادة لإرضاء نفسك عسى أن تجد منفذا لإظهار الحق الذي هدر أو بأضعف الإيمان لمن يستمع لشكواك فعليك بالذهاب إلى الهيئة العامة للرقابة وعندها تجد أنه لا رقابة إلا عليك أنت وهويتك الشخصية عدا ذلك سلامتك ., فأظن والعلم عند الله وحيث أنه لا وجود لتطبيقٍٍ للقانون والدستور فأنه من الأفضل ( لنا طبعا ) إغلاق كل هذه المنشآت التي تهدر كل هذا الكم الهائل من أموال وطننا العزيز مابين رواتب للموظفين وخلافه وأوراق وطابعات وطوابع وغيرها ونجعلها أماكن للتنزه وحدائق غناءة وذلك حفاظا على سلامة البيئة ورخاء المواطن .
ملاحظة صغيرة جداً :أما البراءة فهي لموظفة في أحد فروع المصرف التجاري تعتقد كامل الاعتقاد وتؤمن أن لها كل الحق باستخدام عناصر الجندرمة( و لم لا فبخصوص واقعتي معها حصلتُ من نفس المخفر على نسختي ضبط مختلفتين واحدة يبدو أنها لم تحصل على الرضى الكافي والثانية نسخة محسنة حسب الطلب ) الذين من المفترض أن يقومون على حماية أمن المصرف أنهم ما وُجِدوا الا لمصلحتها الشخصية لتقوم بطرد من لا يعجبها من ملاك الدولة فهي لا يهمها أحد حتى أنها قالت لي اذهبي واشتكي للوالي وأعادتها مرة أخرى على مسمع من رجال الجندرمة وهنا يحضرني ماقيل لي(التفاصيل في مقال دمي ليس برخيص ) عن الخطوط الحمراء أوليس الخط الأحمر هو الوالي أم ماذا؟ فغريب أمر هذا البلد عندما يطال الأمر ماهو معروف بأنه الخط الأحمر لا أحد يتحرك وعندما تطال أقلامنا ما دونه يطالب بنا الجندرمة ومكافحة التهريب والمخافر جميعها وكل من هب ودب , فما هي الحكاية !!؟ وعودة الى تلك الموظفة وعندما قمت برفع قضية بحقها تأجلت تلك القضية عدة مرات على مدار عام وهي وحيث أنها أولا لم تقم أي وزن للمحكمة و لم تزعج نفسها على الاطلاق بالحضور هي أو أي أحد من طرفها وحيث أنها ثانيا تستند على أشقائي بدفع المال وعليه تتضح تماما البراءة, والحكم كما ترون أعلاه, أفيدونا أفادكم الله.
وتحية للشاعر أحمد مطر اذ قال :
يقول حبري ودمي : لا تندهش ،
.من يملك القانون في أوطاننا ، هو الذي يملك حق عزفه