آخر الأخبار

النظافة بين بناء الانسان والقانون

من أكثر ما يضحكني ويثير سخريتي الدرك الذي وصل إليه مجتمعنا من الوساخة للدرجة التي حدت بالمشرع استصدار قانون للنظافة ,والقانون هو نوع من أنواع القسر ,أي قسر الناس كي يتنظفوا ,وهنا يحضرني ما شاهدته بأم عيني في إحدى دول الإتحاد السوفيتي المنهار ,وغب انهياره أي في قمة الفوضى السياسية والأمنية في ذلك الوقت ,إذ بقيت الشوارع أنظف من الكثير من بيوتنا,رغم تهرب موظفو النظافة من مسؤولياتهم استغلالا للفوضى ,إذ لا يرى السكان عيبا في التعاون مع بعضهم لتنظيف شارعهم أو حيهم لحين إرسال عمال التنظيفات المتهربين بشكل أوبآخر ,هذا عداك عن اعتياد الناس التاريخي <عدم التوسيخ>واعتبار الشوارع جزء من حياتهم اليومية ,تماما كما بيوتهم وبالتالي يجب أن تبقى نظيفة ,ومن اللافت نظرات الشزر والاحتقار لمن تسول له قذارته أن يخرق هذا التنسيق الجميل ليذوب داخل ثيابه خجلا دون أي قانون يقسره على ذلك سوى قانون ثقافة الناس وبناء الانسان الذي جعل النظافة خلق بديهي من أخلاقياتهم,فالنظافة-أيها المسؤولون الكرام-لا تحتاج إلى تشريع أو قسر بل تحتاج إلى تربية وبناء ووسائل متاحة,أي تعاون متقابل بين الناس والدولة -نعم ..عليكم مسؤولية مقابلة ياأهل الحكم-:وفروا الوسائل بشكل حقيقي وجاد (لا ترقيع ونهب الفرق)بصراحة:وظفوا أموال النظافة فعلا للنظافة وستجدوا تفاعل الناس أكثر مما تتوقعون وأكثر مما سيقسره قانونكم الذي بحد ذاته سيصبح باب رزق وسخ جديد لمنفذيه.