هذه المرثية من المراثي ذات الشكل الأدبي الذي ابتدعه السومريون والأكاديون وذلك للتعبير عن حزنهم تجاه الاجتياحات العديدة والمتكررة لمدنهم ولمعابدهم. ويمكن إرجاع المراثي الأولى في سومر إلى فترة حكم الملك أورو- كاجينا ، إذ ترك لنا أحد النساخ المعاصرين له ، لائحة مفصلة عن تدمير وتدنيس معابد لغش التي أحرقها وسلب محتوياتها ملك مدينة أوما عدوة لغش. وهذا التعداد ، مع ما رافقه من مرارة وألم وخضوع أمام الإرادة الإلهية يمثل الشكل البدائي لما تم تطويره فيما بعد وخاصة بعد تأسيس سرجون الكبير لامبراطوريته الأكادية وكذلك بعد اجتياح قبائل الجوتو ، مما جعل الشعراء والمنشدين يؤلفون المراثي للتفجع والبكاء على مدنهم ولكنها كانت تنتهي ببارقة ثقة وبأمل في مستقبل يحرر ويعيد البناء.
اعتمد المؤلف لهذه المرثية ، البنية المسرحية، فهي موزعة على أناشيد يشترك في أدائها أشخاص المسرحية بالتناوب بين المجموعة( الكورس) ورئيس المجموعة وإلهة مدينة أور، وأحد الكهان من مقيمي الطقوس. وفي هذا الأداء الذي كان يتم بجوار خرائب المعبد كانت المجموعة، تنوب عن شعب مدينة أور.
من النشيد الثاني
رئيس المجموعة :
أيتها المدينة، كان لك اسم، ولكنه تهدم مع خرابك
أيتها المدينة، كانت جدرانك قائمة
لكنك أبدتِ مع بلادك
يا مدينتي،مثل نعجة أمينة،
تم تمزيقك مع حملانك
يا أور، مثل عنزة أمينة،
تمت إبادتك مع جديانك
أيتها المدينة، أصبحت طقوسك
قوة العدو وزهوه
وإلى قوانين العدو، حُوّلت قوانينك.
من النشيد الثالث
الآلهة جاشان- جال:
من تلك العاصفة الهوجاء،
يجتاحني الأنين،
كم كنت، أمام عويل العاصفة،مرعوبةً
أنا ، السيدة، من تلك العاصفة
الهوجاء، يجتاحني الأنين
في ذلك اليوم، امتدت العاصفة
الأليمة حتى وصلت إليّ
أنا شخصيا، أمام ذلك اليوم،
بدأت أرتجف
أمام عنف ذلك اليوم،
حرّمت الخروجَ على نفسي
أمام تلك العاصفة الساحقة،
الأيام السعيدة لحكمي، الأيام
السعيدة لحكمي، لم أعد أرى مجراها.....
في بلدي تفجع مرير كان يرتفع
عندئذ ومثل بقرة تجاه عجلها
أديت واجب أمومتي.
عن بلدي، لم يتمكن الخوف
ولا العنف عن تحويلي.
في مدينتي، تفجع مرير كان يرتفع
عندئذ ومثل طير في السماء
أطلقت نحوها جناحيّ...
أمام تلك العاصفة الساحقة
على معبدي، موضع السعادة.
على معبدي المقدس الخرب
لم تعد تتوقف العيون!...
معبدي، الذي أسسه رجال ذوو استقامة
مثل كوخ قصب في بستان
انهار على جنبه
في الحقيقة، المصير الذي كان من نصيبه
هو المصير الذي تقرر لي.
مثل خيمة،ومثل عنبر، أفرغت
منه حبوب الموسم
وترك بعد ذلك للأمطار.
أور، حيث غرفتي،وكل شيء
فيها متوافر بكثرة،معبدي ومدينتي المملوءان بالثروات
تم سحقهما!
تم سحقهما ،بكل تأكيد
وكأنهما حظيرة راعٍ !
ممتلكاتي التي كانت في المدينة
مكدسةَ ، التهمها ارتفاع المد !
المجموعة :
بدموعها، بدموعها، غرقت أور.
من النشيد الرابع
الآلهة جاشان-جال:
.....عن بلدي، أنا، لم أحول نظري
أمام آن، سكبت دموعي
أمام الإله مو أوليل أطلقت
شخصيا تفجعي:
"يجب ألا تهدم مدينتي" قلت لهم
" يجب ألا يباد شعبها"
ولكن آن ، لم يستجب لهذه الكلمات،
والإله مو أوليل، عندما قال" حسنا
حسنا" ، لم يشف غليل قلبي
وللمرة الثانية، عندما عقد اجتماع
المجلس الموسع
وعندما اتخذ الأنونا الإلهيون أماكنهم
وهم الذين تصبح بواسطتهم،
كلمات الآلهة ارتباطا
وهنت عند ذلك ساقاي
ومددت ذراعي راجيةَ...
أصدروا قرارهم بتدمير المدينة،
بتدمير أور ، أصدروا قرارهم
ولشعب أور قرروا الإبادة
وبما أنني أبلغتهم، كل ما أمكن لفمي قوله،
أنا, أبعدوني عن مدينتي
وأبعدوا مدينتي عني...
المجموعة:
مدينتها دُمرت، شرائعها تبلبلت.
( من ديوان الأساطير: قاسم الشواف)
يتبع...