آخر الأخبار

خائف على مصر من توريث قد اقترب

(1)

الحق إن المرء خائف على مصر من شر توريث قد اقترب تسير فيه عصابة من الناس بالبلطجة، وباغتصاب حقوق الناس فى بلادى، وبانتهاب الدستور، وبالتزوير الممنهج وليس أدل على ذلك من دعوة رئيس الوزراء أحمد نظيف مذ أيام قليلة خلت لتزوير الانتخابات لمنع الإسلاميين من الفوز في المنطقة العربية حيث أكد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، أن مصر كانت «ضد» إجراء الانتخابات الفلسطينية التي أدت إلي فوز حماس منذ نحو عام، مشيرا إلي أن الأمريكيين أصروا علي إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية رغم تحذير الرئيس مبارك من الفوز المتوقع للمتشددين!!

وقال نظيف في حوار مع مجلة «نيوزويك» في عددها الصادر اليوم إن الفلسطينيين لم ينتخبوا حركة حماس بسبب اعتقادهم في مبادئها، ولكن بسبب رفضهم الوضع القائم.

واعتبر رئيس الوزراء أن إدارة الرئيس جورج بوش أهملت تقدير خطر انتخاب الإسلاميين المتشددين بدعمها القوي نشر الديمقراطية في المنطقة، مشيرا إلي أنه عند الحديث عن كيفية تشجيع الديمقراطية يجب أن يتم ذلك من خلال مراعاة معايير كل دولة وما تصريح نظيف أن النظام في مصر منع وصول 40 من مرشحي الإخوان للبرلمان المصري 2005 م عنا ببعيد.

(2)

والحق إن هذه التصريحات ليست غريبة على نظام الحكم عندنا وإن كانت ترسم بوضوح طريقته فى التعامل القادم مع انتخابات الرئاسة وغيرها، مما يعنى أن لدينا ما يسمى بنظام سياسى مضطرب يخشى المنافسة على الساحة السياسية ويحرص على وأد الحراك السياسى الذى بدا بقوة بعد تعديل المادة 76 من الدستور من قبل.

ويدلل على ذلك: استمرار قانون الطوارئ، ومذبحة القضاة، واعتقال المعارضة لا سيما الإخوان حتى من الشوارع كما حدث مذ أيام خلت بمحافظة الشرقية، بل مصادرة أموال الأفراد الذين يشتم منهم مساندة الإخوان حتى لو أدى ذلك إلى إلحاق الأذى بالبورصة المصرية ومن ثم الاقتصاد ومعاش الناس فى بلادى، واستفزاز الناس لتوريث الحكم من أجل تنفيذ مخططات تفتيت مصر ( يرجى مراجعة مشروع تفتيت مصر)، فضلا عن تجميد الحياة النقابية، وتجميد الحياة عموما فى الجامعات والنوادى وكل مؤسسات المجتمع المدنى.

لربما هدف نظام الحكم فى مصر إلى انتهاب الدستور ليصير دستور العائلة عبر تعديلات دستورية تشكل خطرا على الشعب المصرى ومستقبله حتى إن أحد نواب الوطنى (الحكومة) قد ثار ورفض ذلك، ولربما هدف إلى منع الإخوان من الترشيح لانتخابات الشورى وغيرها فيما هو قادم مما يرسخ فكرة الإقصاء، ولربما كان يمهد لتوريث الحكم لنجله عبر تعديلات دستورية عائلية، ولربما هدف إلى إيقاف الحراك السياسى فى المجتمع تمهيدا لتجميل صورته أمام العالم.....ولربما - وهو الأرجح- ما زال يهدف إلى كل ذلك.

(3)
بالأمس القريب سُرّبت معلومات عن اجتماع أمناء الحزب الوطنى من بعض المحافظات لتوكيد خطة التوريث وتوكيد أنها مسالة لا مفر منها، وقد أكد لى أحدهم صدق تلك المعلومات بل زاد أن هناك خططا لعمل دعايات لنجل الرئيس فى بعض المحافظات وهو ما أكده بعض الناس بالفعل.

هذه الأحداث تبعث على القلق، من حيث الإفراط فى استخدام البلطجة والتزوير واغتصاب إرادة الجماهير، وربما زيادة الاعتقالات فى صفوف جميع المعارضة سواء كانت ذات توجه إسلامى أو ليبرالى أو يسارى أو غير ذلك، لكنها لن تبعث على اليأس إن شاء الله تعالى فإن الأسباب إذا نفذت من يد القادرين( وما زلت أرى أن بأيديهم بعض أسباب القدرة، وأن التقصير فى استخدامها معصية تستوجب الاستغفار) تولى الله قصم ظهور الظالمين، وإنما الأمر ليبلو الله بعضنا ببعض فينظر كيف يعمل المخلصون.

(4)

الناس فى بلادي قد شغلوا أنفسهم حينا من الدهر ما بين مصدق ومكذب ومتهكم للتوريث ، وكأنهم ينتظرون من غيرهم تحريك بقية الكتل الصامتة فى مجتمعنا، والناس لا تتحرك من تلقاء أنفسها بل لابد لها من قيادة حكيمة موثوق بها تحركها نحو لا رفض التوريث بل منعه، وحتى يتحركوا بالناس فإنهم يحتاجون أن يحدث وفاق عام بين مختلف التيارات الفكرية والسياسية، وأن يسلموا قيادة الأمور للحكماء القادرين منهم ولو حتى حين.

النتيجة الطبيعية لغباء النظام الحاكم عندنا وبلطجته تجعله يفشل فى ما يريد أو النتيجة الطبيعية لطغيانه تجعله قد ينجح فيما يريد، ولكن فى داخل الناس بركانا من الغضب يعنى أن استقرار الأوضاع حين يتم التوريث مسألة محل شك ونظر ومن يستنيم لإهانة شعب لا شك واهم وخاسر، والندم جزاؤه طال به الزمن أم قصر.

أريد أن أقول إن حدوث التوريث ينذر بكارثة لا محالة حتى وإن وٌئدت مؤقتا تحت ضغط القهر والاعتقالات، فلا شك أن الأحداث لا تبعث على التفاؤل لا سيما وأن هذا النظام يلعب بالنار فى هذا الوطن.

ومما يؤسف له أن أصبحت هناك قناعة لدى كثير من عامة الناس فى بلادى بصعوبة وقف التوريث لكنهم يؤكدون أن استقرار الأوضاع بعد ذلك أمر مشكوك فيه ومستبعد ... وإن كانت صورة تفجر الأوضاع غير واضحة الملامح الآن ولكن الناس فى بلادنا يتساءلون ماذا يحمل الغد لنا ؟! أرجو ألا يكون امتدادا لمحنتنا .