لا يزال صدى قضية صفقة اليمامة للأسلحة بين بريطانيا والسعودية، يتردد على صفحات معظم الصحف البريطانية الصادرة نهار السبت.
ومن هذه الصحف من خصصت صفحتها الأولى وعدة صفحات داخلية للحديث والتعليق على آخر مستجدات القضية، المتعلقة بالعمولات الباهظة التي وزعت على بعض الأمراء السعوديين.
"من الواضح أن القضية غامضة"
الغارديان خصصت إحدى افتتاحياتها للتعليق على تضارب المسوغات التي تقدمت بها السلطات البريطانية أواخر السنة المنصرمة، لوقف التحقيق فيما وُصف بعمليات مالية مشبوهة تمت في إطار صفقة اليمامة التي تناهز مبلغها أربعين مليار دولار.
وتقول الصحيفة:"إذا كان ثمة خلاف على الطرق السرية التي نُقلت عبرها المبالغ المرصودة للعمولات (وتناهز مليار جنيه استرليني)، فلا أحد يماري بشأن صرف هذه المبالغ، أو مداها أو صلتها بأضخم صفقة سلاح بريطانية."
وتعليقا على رد فعل السلطات البريطانية تقول الصحيفة إن رئيس الوزراء طوني بلير مُجبر على توضيح موقف لندن من قرار تعليق التحقيق في قضايا الفساد المالي المرتبط بالصفقة، ولكن مسوغاته قد لا تقنع العديد.
فعندما يتحدث عن الآثار الاقتصادية -تقول الغارديان- لا يعدو بلير أن يعبر عن رأي، قد لا يصمد أمام رأي وزراء آخرين يعتبرون أن دعم التشغيل في قطاع التسلح قد يعرض الازدهار للخطر.
أما عندما يلمح بلير إلى الجانب الأمني وما قد يجلب استكمال التحقيق في القضية من وبال على الأمن القومي والعالمي، فإنه موقفه يتضارب مع خبراء جهاز الاستخبارات البريطانية الذين أكدوا للصحيفة -على حد قولها- أن الرياض لن تستطيع إنهاء تعاونها في هذا المجال مع لندن، لأنها لو فعلت ذلك فستكون قد قطعت صلاتها مع واشنطن، وهذا مستبعد الحدوث.
تورط السلطات البريطانية نابع من رغبتها في بيع هذه الطائرة التي لا يرغب فيها الكثير ( التايمز)
فلا يوجد بلد معرض لخطر القاعدة أكثر من السعودية حسب الصحيفة.
"ضعف" حجة رئيس الوزراء البريطاني فيما يتعلق بقرار وقف التحقيق في قضايا الفساد المالي المرتبط بصفقة اليمامة- حضر ضمن صفحة التعليق في الفاينانشل تايمز.
فقد نشرت الصحيفة رسما كاريكاتوريا من توقيع إينغرام بين، يُظهر رئيس الحكومة البريطانية عاريا وهو يحاول التستر على القضية بفوطة هي عبارة عن الراية البريطاني، يتوسطها شعار "الأمن القومي".
وفي الخلفية تتطاير أوراق مالية و طائرات عسكرية تحمل شعار شركة BAE Systems التي أبرمت الصفقة.
"الكيل بمكيالين"
في صحيفة التايمز، يُفضل ماثيو باريس، ألا يتوقف عند الجانب الأخلاقي الفاضح في القضية، فهو يعتبر أن تجارة السلاح، هي تجارة قذرة، كما أن طوني بلير لم يخترع "الفساد" المالي بل ورثه.
لكن ما يثير الكاتب في القضية هو تذبذب رئيس الوزراء البريطاني وتضارب مسوغاته عندما يتعلق الأمر بتبرير قرار وقف التحقيق في مزاعم الفساد المالي في قضية اليمامة.
كما يُثيره تخبط الحكومة وتورط عدد من أعضاءها السابقين، في صفقة مثل هذه مع السعودية.
ويرد باريس قائلا:" إن سبب هذه الورطة هو إصرارنا على بيع مقاتلة ( تايفون)-التي لا يرغب فيها أحد- مهما كان الثمن."
بلير يواجه استجوابا صعبا الاثنين في مجلس العموم
ويتوقف كارنيه روس -في صفحة الرأي بالغارديان- حيث انتهى زميله في التايمز: استغلال أموال دافعي الضرائب لخدمة شركات خاصة.
لكن هذا الدبلوماسي السابق -الذي أنشأ مجموعة تفكير في القضايا الدبلوماسية - يعرج على تفريعات قضية اليمامة الأخلاقية فيقول:"إن القضية خطيرة من عدة جوانب، أولها تمكن شركة بريطانية من الإفلات من التحقيق."
ويرى الكاتب أن السياسة الخارجية لا ينبغي أن تنبني عن حزمة من المنافع الغامضة؛ كما لا ينبغي مقاربة مصالح بريطانيا في السعودية بمعزل عما يجري في العالم.
ويقول الكاتب إن ديدن الموقف الرسمي البريطاني من السعودية كان -خلال العقد الأخير- هو صفقة اليمامة، والضمان مصدر للمحروقات.
و قد أدى الموقف ببريطانيا إلى "غض الطرف عن ملف حقوق الإنسان في السعودية، رغم أنه لا يقل سوءا عما هو الحال في سوريا وإيران."
ويتساءل الكاتب عن مدى "واقعية" الدبلوماسية البريطانية في تعاملها مع السعودية قائلا:" ألا يعتبر انتهاك حقوق الإنسان، مصدرا من مصادر الإرهاب؟"
"مستعمرة أمريكية في الشرق الأوسط"
حضر الشرق الأوسط على صفحات الصحف البريطانية كذلك عبر عدة ملفات، من بينها العراق.
فتحت عنوان "الانسحاب لن يحدث" كتب باتريك سيل على صفحة الرأي في الغارديان، يقول:" في غمرة ما يحدث في العراق، لم تثر الاهتمامَ تصريحات صدرت مؤخرا عن البيت الأبيض والبنتاغون، أكدت ما كان الكثير يشتبه فيه: الولايات المتحدة تخطط للمكوث طويلا في العراق."
ويذكر الكاتب في هذا الصدد بما صرح به وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس عندما كان يزور هونولولو -عاصمة تاهيتي - في الواحد والثلاثين من شهر مايو/ أيار، من أن بلاده تنوي البقاء لمدة طويلة، بموافقة من السلطات العراقية.
تنوي اولايات المتحدة المكوث بصفة شبه دائمة في العراق (الغادريان)
ويقول الكاتب، إن هذه التصريحات تفرغ الجدال القائم في الولايات المتحدة حاليا حول ضرورة الانسحاب من العراق- من محتواه.
فواشنطن تريد إلى تعزيز حضورها في العراق لأسباب قوية ومهمة، أولها إحكام السيطرة على مصادر النفط؛ وبسط النفوذ الأمريكي على كل منطقة الخليج وما بعدها، ومواجهة إيران وسوريا، وحماية إسرائيل وتعويض خسارة عدد من القواعد الأمريكية في السعودية.
ويرى الكاتب أن المشروع الأمريكي هو -من هذه الزاوية- مشروع استعماري على شاكلة المشروعين "الإمبراليين" الفرنسي والبريطاني، توقعه الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، وأثار استياء رئيس القيادة الوسطى السابق أنتوني زيني.
لكن إقامة 110 قاعدة عسكرية في العراق، من بينها 14 من المرجح أنها ستصير قواعد دائمة في كردستان ومطار بغداد ومحافظة الأنبار، وبناء أكبر سفارة أمريكية في العالم، يشير إلى أن الإدارة الأمريكية لن تلتفت إلى الانتقادات في سبيل تحقيق هدفها.
بلير والقذافي مجددا
تنقل صحيفة الديلي التلغراف، استياء الحكومة المحلية في اسكتلندا، بعد ورود أنباء عن إمكانية نقل المواطن الليبي محمد علي المقراحي -الذي يقضي عقوبة بالسجن في اسكتلندا، بعد إدانته في قضية لوكربي - إلى ليبيا.
و تذكر الصحيفة أن رئيس حكومة اسكتلندا ألكس سالموند احتج لدى نظيره البريطاني على مذكرة التفاهم التي أبرمها مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لتبادل السجناء بين البلدين.
وكانت الحكومة البريطانية، قد نفت أن تشمل المذكرة المقراحي.
لكن وزير العدل الاسكتلندي كيني ماك أسكل، اعتبر أن إبرام هذه المذكرة دون استشارة الحكومة الاسكتلندية:" قرار يفتقر إلى اللياقة."
وأوضح أن المذكرة لا تذكر المقراحي بالإسم، ولكن "ليس لدينا سجين ليبي سوى المقراحي."