في أحد التعليقات على المقال الأخير حاورني اخ بكتابة تعليق كفى البكاء علىالأطلال,وعلينا ضرورة البحث عن حلول بما ان ماحدث قد حدث, وضرورة محاسبة المخطئ,وإيجاد حلول ومخارج للحالة الإنقساميةالسياسية,والجغرافية التي احدثها سيطرة العسكرعلى غزة..
وبما ان الطرح عقلاني,ويصب في جوهر الحقيقة والموضوع,وحتى لانغوص في الحرب الإعلامية المشتعلة بين الأوس والخزرج,ونجد أنفسنا تائهين بين الوثائق والمؤتمراتالصحفية,وخطابات عاش الملك مات الملك, وهيلاتتعدى خطابات احتفالية,وكرنفالات استعراضية إعلامية يدرك الجميع انهااستكمالاً للفصول السابقة ولن تجدي شيئاً,سوىمزيداً من التأزم والغرق في الوحل الذي غرقنا فيه.
نعود للبدايات حيث تميزت ثورتنا منذانطلاقتها بتعدد المشارب الفكريةوالايديلوجية,وطرح العديد من البرامج السياسية
التي كانت تشكل محور التجاذبات والاستقطاب السياسي والحزبي والجماهيري,حيث اعتمدت لغة الخطاب الايديلوجي كسلاح في حسمها للعديد من القضايا, وكان قادة هذه المناظرات هم قادة يحملون فكراً وايديلوجية,وقدرات اقناعية,استطاعت حسم شرائح عريضة من مجتمعنا الفلسطيني خاصة,والعربي عامة,وهذا لاينفي اشهار السلاح في بعض الحالات ولكن سرعان ماكان يتم الاحتواء والعودة للطاولة الفكرية والسياسية وحسمها سياسياً وايدولوجياً.
ومع التغيرات التي شهدها العالم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وسقوط القطب الثاني للمنظومة العالمية وسيطرت القطب الرأسمالي وتفرده وحيداً مع طرح العولمة كحل سحري للشعوب واقتحامها لكل الميادين اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً تغيرت ملامح المعركة وتحول الخطاب الفكري والسياسي الى خطاب ساقط لايجيده سوى
المتحدثون من فوهة البنادق وعليه شهد الخطا ب الحزبي تحولاً في عمليات حسم الصراع فلم تعد الفصائل تجيد الصراع السياسي في ظل غياب الوعي الجماهيري سياسياً وغياب منظروا السياسة والفكر,واصبحت الوجبات
الإعلامية السريعة على طريقة مطاعم ماكدونالدز هي اللغة التي تفهمها الجماهير.
اذن فالخطاب السياسي اصبح خطاب يعبر من فوهات البنادق والعاطفة الجماهيرية التي
تبحث عن منقذها من الجوع والفقر,والخوف وحالة اليأس التي تعيشها في ظل التساقطات السريعة لكل الاحلام والطموحات والخروج من ازمة لأزمة أكثر قسوة والماً..
وهذا ماحدث في فلسطين, حيث يعتبر النموذج
الثالث لما حدث في العالم العربي والاسلامي, فمن النموذج الافغاني الذي سيطرت عليه حركة طالبان واقصت الجميع واستفردت بالسلطة وكان سقوطها اسرع من كل التوقعات رغم مشروعيتة امام الهجمة العسكرية,ولكن السقوط السياسي هو الأهم,حيث انها لم تستطع اقناع شعبها للإلتفاف حول مشروعهاالسياسي,واندحرت الى معاقلها الأساسية,وكما النموذج الأفغاني تكرر النموذج الصومالي صعود سريع للمحاكم الإسلامية التي مارست نفس الدور,الإقصاء,والتفرد,وتسرب الغرور لها بالقوة العسكرية., وفشلت في حسم المعركة سياسياً كما فشلت طالبان,فكان
السقوط سريعاً كما كان الصعود سريعاً.
اما في فلسطين فالصورة منعكسة حيث حققت حماس انتصاراً سياسياً وتمكنت من قلب الصورة لتقدم نموذج مختلف عن النموذج ا لأفغاني والصومالي وتوجهت للعملية الديمقراطية, عبر صناديق الإقتراع.. وكان الحسم,هذاالحسم الديمقراطي السريع والمفاجئ بهذا الشكل, شكل بدايات الإنكسار للشعار الذي حقق هذه الإنجازات,حيث بدأت الحركة السقوط رويداً رويداً وتدفع ثمن الشرك الذي دخلته تحت مسمى الديمقراطية حتى اكتمل السقوط بالسيطرة على غزة واقصاء الشركاء
عسكرياً.
كثيراً من يتوقعوا ان الحالة الإنقسامية لغزة والضفة ستطول زمنياً وذلك وفقاً لقراءة الواقع, وهنا ربما المؤشرات تدلل
على ذلك,ولكن العملية ستأخذ اتجاهات معاكسة ومغايرة للواقع,لان هذه الحالة لن تنتهي سوى بسقوط سياسي لأحد الطرفين في غزة والضفة وهي معركة سياسية لن تحتاج لقادة ميدانيين يحملون البنادق وصواريخ ولاجيوش
تتحرك بتشكيلات للسيطرة على برج او حي, لا لقد اصبحت المعركة سياسية المعالم, سينتصر بها من يمتلك مقومات الإنتصار السياسي والتواصل وإدارة المعركة بعيداً عن التشنجات وردات الفعل حيث انه لايمكن للحسم
العسكري ان يتدخل في ظل تعقيدات الساحةالفلسطينية ورفض اي فلسطيني العودة على ظهر دبابة اجنبية او عربية.
إذن فعملية الحسم العسكري غير مطروحةوأصبح الملعب مفتوحاً للسياسة ورجالاتها والحالة الفلسطينية تخوض مرحلة المخاض العسير.
والضحية ستكون الجهة التي لم تمارس وتتوقع الخطوات التي قامت بها, وغيبت المنطق السياسي عن ممارساتها, فكانت البدايات التي خطت به البنادق كلمتها هي النهايات للمشروع السياسي الذي انطلق من صناديق الإنتخابات.
إذن فحالة التشرذم لن تطول وحالة الإنفصال السياسي والجغرافي نتيجة للإنكسار والسقوط...
والبقية تأتي..
26\6\07مـ