في الوقت الذي عقدت فيه القيادات السياسية والعسكرية اجتماعات ماراثونية للبحث في الوضع الناشئ من جراء التحركات العربية، كان وزير الخارجية الاسرائيلي، أبا ايبن، يشارك في اجتماعات الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وهناك دارت معركة أخرى في الساحة الدبلوماسية.
كان أبا ايبن قد اجتمع مع وزير الخارجية الأميركي، هنري كيسنجر، في الرابع من أكتوبر 1973، وهو لا يعرف شيئا عن الأبحاث الجارية في اسرائيل ولا توجد لديه ـ كما يقول في مذكراته الشخصية ـ أية فكرة عن الاستعدادات الحربية. بل انه بحث مع كيسنجر في امكانية أن يعود الى الولايات المتحدة في الشهر التالي من أجل دراسة السبل في تحريك المسار السياسي. وقد أعطى كيسنجر رأيه في ان شهر أكتوبر لن يشهد اية تطورات درامية في الشرق الأوسط بسبب الانتخابات العامة في اسرائيل المقرر اجراؤها في نهاية الشهر (تم تأجيلها الى نهاية السنة في أعقاب نشوب الحرب).
ويكتب ايبن في مذكراته بأنه خرج من اجتماعه مع كيسنجر مرتاحا للغاية لأنه رأى في تحريك المسار السياسي حلما لطالما تحدث عنه في اسرائيل في الشهور الأخيرة، بل انه جعله الموضوع الأساسي في الدعاية الانتخابية التي شارك فيها باسم حزب العمل الحاكم. ووجه ايبن يومها انتقادات واسعة للجنرالات في الحكومة وفي الجيش الذين وضعوا لأنفسهم مخططا حربيا لمزيد من التوسع، من دون أن يعطي تفاصيل. وكان الجنرالات ينتقدونه على ذلك لأنهم لم يريدوا الابتعاد عن فكرة الحرب. ويتحدث عن هذه الفترة الجنرال في الاحتياط، حايم نيدل، في أطروحة الدكتوراه التي أعدها سنة 2002، فيقول بأن قادة الجيش ومعهم الجنرالات الذين أصبحوا وزراء مؤثرين في الحكومة، وخصوصا موشيه ديان، وزير الدفاع، وضعوا لأنفسهم خط تفكير استراتيجيا منذ الشهور الأولى بعد حرب 1967 تقضي بضرورة شن حرب أخرى. ويتضح ان أبحاثا عديدة طرحت في الأطر السرية حول هذا الخط استمرت حتى الأيام الأخيرة قبل حرب أكتوبر وأن الاتجاه الأساسي السائد فيها كان على النحو التالي: حرب 1967، رغم انها انتهت بانتصار ساحق لنا (لإسرائيل)، فإنها فشلت في تحقيق أهداف سياسية استراتيجية. فالعرب لم يغيروا من سياستهم تجاه اسرائيل ويواصلون التفكير في الطريقة القادمة القائلة بأن اسرائيل أقيمت بالعدوان ويجب ازالتها. ولاءات مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، لا للاعتراف باسرائيل ولا للتفاوض معها ولا للسلام معها، هي خير دليل على ذلك. وتجاهل الجنرالات بذلك كل المبادرات السلمية التي وافق عليها الرئيس المصري جمال عبد الناصر وأنور السادات والملك حسين، مثل مبادرة روجرز ومبادرة يارينغ وتقارير «الموساد» الاسرائيلي بأن السادات مستعد لسلام مقابل سيناء ورأوا بأن على اسرائيل أن تدير حربا أخرى يتم فيها «توجيه ضربة قاضية تجعل العرب يغيرون من سياستهم للمدى البعيد» كما قال رئيس اركان الجيش، دافيد اليعازر، في ذلك الوقت. واضاف: «أنا لست واثقا من أن حربا يمكنها أن تصنع سلاما. ولكنني واثق من أن هزيمة جدية وقوية لمصر يمكنها أن تغير الوضع في المنطقة لعدة سنوات. ولذلك فيجب أن نحدد لأنفسنا هدفا لحسم الحرب وليس حسم الصراع، في وقت قصير ومن خلال التسبب للعدو بخسائر ضخمة وتحقيق النقاط والامتيازات السياسية والعسكرية» ويفسر موشيه ديان هذه «الامتيازات» بالحديث الصريح عن تعديل الحدود الاسرائيلية الى ما بعد حدود الاحتلال الذي تحقق في 1967، أي احتلال المزيد من المناطق العربية، ليجبر العرب على التنازل عن مطالبتهم باستعادة الأراضي التي احتلت العام 1967 (كتاب ضابطي المخابرات الاسرائيلية، دافيد أربل وأوري نئمان). وحسب المصدر نفسه، رأى ديان أهداف الحرب، التي يريد أن يجر العرب على اليها، هي:
«على الجبهة المصرية: السيطرة على الضفة الغربية من قناة السويس وعلى بور سعيد، اقامة رأس جسر في الطرف الآخر (الغربي) من قناة السويس يمكن القوات البرية (الاسرائيلية) من تدمير الصواريخ المصرية المضادة للطائرات بهدف ضمان سماء نقية لسلاح الجو (الاسرائيلي) يخفف عنه مهمة منع (المصريين) من تنفيذ الهجمات أو قصف المواقع (الاسرائيلية) الحصينة، السيطرة على مصادر النفط (المصري) في الضفة الغربية من خليج السويس ردا على احتمال محاصرة السفن التي تنقل النفط الى اسرائيل. وعلى الجبهة السورية: التمركز في المنطقة الواقعة شرق نهر الليطاني (في لبنان) والممتدة حتى شارع بيروت دمشق بهدف تشكيل حاجز بين سورية ولبنان وتوجيه ضربة للمخربين (يقصدون المقاومة الفلسطينية في لبنان في ذلك الوقت)، السيطرة على جميع مناطق جبل الشيخ بحيث تنصب الرادارات القادرة على رصد اية حركة في الشمال، خلق فاصل ما بين سورية ولبنان».
ويضيف الكاتبان بأن ديان صادق في 17 مايو (أيار) 1973 على الخطة الحربية «أزرق أبيض» (التي سبق ذكرها وتتحدث عن انتظار هجوم عربي لكي ترد اسرائيل بشكل قوي وتحطم الجيوش العربية وتواصل التقدم في العمق السوري والمصري)، وفي 21 مايو (أيار)، قاد ديان اجتماعا لهيئة رئاسة أركان الجيش تم فيه تلخيص الاعداد للحرب، محددا النقاط التالية: يجب أن نأخذ بالاعتبار بأن مصر وسورية ستبادران الى الحرب في النصف الثاني من الصيف القادم، وفي الحرب شتشارك بالإضافة الى سورية ومصر فرق من جيوش العراق وليبيا والسودان، بينما الأردن لن يشارك. ويجب الإعداد لتوجيه ضربة أولى قبل أن يستأنف العرب الحرب. وعلى جيش الدفاع الاسرائيلي أن يستعد لإلحاق هزيمة ساحقة بالعرب وأن يعبر الحدود القائمة في العمق السوري والمصري «أنا لا أستبعد أمكانية الوصول الى النيل». كما يجب العمل على ان تنتهي هذه الحرب في وقت قصير، بضعة ايام فقط، حيث انه بعد ذلك سيتم تدخل أميركي روسي يلزم بوقف اطلاق النار. وربما يستخدم العرب سلاح النفط للضغط على الغرب، وعلينا أن نكون أقل ارتباطا بالنفط المستورد من الخليج وعلينا ان نزيد مصادرنا النفطية.
واختتم ديان بقوله: «نحن، الحكومة، نقول لهيئة الأركان: يا جنتلمانز، تفضلوا واستعدوا للحرب».
وبعد هذه التعليمات الواضحة، دأب رئيس أركان الجيش على اطلاع ديان باستمرار على مدى التقدم في الاعداد لتطبيق هذه الخطة، وفي شهر أغسطس (آب) أخبره بأن سلاح المدرعات أتم التدريب على هذه الخطة في الجبهة السورية بمشاركة 515 دبابة، تشمل وحدة من جيش الاحتياط. وان الجيش يستعد بطريقة تجعله قادرا على نقل المعركة الحربية الى ساحة العدو في أقرب وقت ممكن من بدء اطلاق النار. ويتحدث أبا ايبن عن هذه المواقف وكأنها كابوس، ويعرب عن مخاوفه من عظم سيطرة ديان على الدولة، حيث انه الأقوى في الحكومة والأكثر شعبية بين الناس ايضا وكذلك في الصحافة «لقد اعتادت الصحافة على تفضيله عن الآخرين ونشرت النص الكامل لخطاباته بشكل منهجي، وهو الأمر الذي لم تفعله الصحافة حتى لرئيسة الحكومة»، يكتب في مذكراته. ويقول انه واصل التصدي لهذا النهج عدة شهور، الى أن هدأت الأوضاع في شهر أغسطس (آب)، عندما وصلت الى المخابرات الاسرائيلية معلومات مؤكدة من عدة مصادر، تفيد بأن «مصر تراجعت عن نيتها اعلان الحرب في هذه المرحلة». ودلت الصور الجوية على انه تم بالفعل تخفيض جدي في الحشودات المصرية.
لهذا خرج أبا ايبن، وزير الخارجية الاسرائيلية، سعيدا من لقائه مع كيسنجر في 4 أكتوبر. وشعر بأن الأميركيين ينوون تحريك المسيرة السلمية بشكل جدي. وكتب في مذكراته بأن كيسنجر لمح اليه بأنه يخطط لاجراء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع مصر، حيث قال ان وزير الخارجية المصري سيتواجد في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في واشنطن، ودعاه (ايبن) الى الحضور في نفس الوقت. ولكنهم، في اليوم التالي، اتصلوا به من القدس وابلغوه أن عليه أن يستعد لطلب اجراء لقاء آخر مع كيسنجر لأمر طارئ، فأجابهم بأن الساعة تقارب الثالثة فجرا، فما هو الأمر الطارئ الذي يمكن ايقاظ كيسنجر بسببه. فقالوا انهم سيطلعونه على ذلك فيما بعد. فراح يتخبط بينه وبين نفسه كيف يقدم على فعلة كهذه. وبعد دقائق اتصلوا به ثانية وطلبوا منه التريث وعدم ايقاظ كيسنجر. فيكتب بأنه ارتاح جدا من هذا التراجع، لأن كيسنجر معروف بعصبيته، وسيغضب كثيرا إذا شعر أنهم أيقظوه لسبب تافه في نظره. ولكن ايبن بقي قلقا من السبب الذي دفعهم الى طلب اللقاء العاجل. فاهتم بمعرفة ما يجري فاخبروه بأن رسالة ستصله عبر السفارة بالبريد السري.
وتبين في ما بعد بأن الرسالة تحتوي على رسالة من غولدا مئير الى البيت الأبيض ومعها تقرير من الاستخبارات العسكرية، يحذر من تحركات غير عادية على الطرف العربي من الحدود ويطمئن في الوقت نفسه بأن العرب لن يشنوا الحرب. واتفق على أن يرسل التقرير الى كسينجر عن طريق البيت الأبيض، وأرسلوه الى سكرتير مجلس الأمن القومي، برينت سكوكروفت، وهو بدوره قام بتحويله الى كيسنجر في نيويورك. وبعد حرب أكتوبر بعدة شهور التقى ايبن مع كيسنجر في اسرائيل واهتم بمعرفة رد فعله عندما قرأ هذا التقرير في 5 أكوبر، فأجاب بأنه نام الليل الطويل من دون قلق. وكشف له بأنه لم يعتمد فقط على التقديرات الاسرائيلية، بل طلب من المخابرات الأميركية أن تعطي رأيها في مضمونه، فأبلغته بعد ساعات بأن التقويم الاسرائيلي صحيح، فالعرب لا يملكون الجرأة ولا القرار للخروج الى حرب مع اسرائيل لأنهم غير واثقين من أن تنتهي حربا كهذه لصالحهم. وأعربوا عن تقديرهم بأن الاتحاد السوفياتي يحاول اقناع العرب بالحرب لأنه يريد استغلال حالة الضعف التي يمر بها الرئيس الأميركي، ريتشارد نكسون، بسبب فضيحة ووترغيت. وأن العرب أدركوا خطورة «المؤامرة السوفياتية». فرفضوها.
وأما في اسرائيل فقد أجريت الأبحاث بشكل مكثف من دون اعطاء التفاصيل لوزير الخارجية. وكان هدف ديان من اخفاء تلك المعلومات هو منع توصيل رسالة الى الأميركيين يفهم منها بأن اسرائيل قلقة وهلعة. فهو يريد أن تبقى اسرائيل قوية في نظر الأميركيين. لكن الضابطين أربل ونئمان يضيفان بأن الاحتمال الأكبر هو أن يكون ديان معنيا بهذه الحرب، ضمن نظريته المعروفة (والتي ذكرناها في حلقات سابقة) بأن حربا في هذا الوقت ستحقق لاسرائيل مكسبا سياسيا وعسكريا يخدم الأهداف الأمنية الاستراتيجية في اسرائيل. وقد حاول الجنرالات استثمار هذا الموقف لصالح استباق المصريين وتوجيه الضربة الأولى من اسرائيل لمصر، التي تهدد بالحرب، وحتى لسورية، التي لم تهدد. ولوحظ بأن رئيسة الوزراء، غولدا مئير، لم تعترض على مبادرة شن الحرب. لكن ديان نفسه هو الذي رفض توجيه الضربة الأولى من اسرائيل. فقد رأى ان مثل هذا الأمر سيفسر في العالم على انه اعلان حرب من اسرائيل وهذا يضر بمصالحها. فقد كان ديان يعلق أهمية كبيرة على التأييد الدولي لاسرائيل. وفي مرحلة معينة من النقاش، سنلاحظ لاحقا، بأن غولدا تقول ردا على ديان: «القلب ينجذب الى توجيه الضربة... » و«.. من الأفضل أن يغضبوا علينا ونحن في وضع جيد». ولكن موقف ديان هو الذي انتصر في النهاية. وتقرر أن يتم الاستعداد من توجيه الضربة الرادعة.
واليكم في ما يلي حلقة أخرى من تقرير لجنة أغرنات القضائية للتحقيق في اخفاقات حرب أكتوبر في اسرائيل، وهي بالنص الحرفي. كل ما تحته خط فيها جاء من الأصل كما في الوثيقة الأصلية باللغة العبرية. وقد وضعت اللجنة في تقريرها تفسيرات وتوضيحات فأشارت اليها داخل قوسين من النوع التالي ( )، وقد أضفنا نحن في «الشرق الأوسط»، تفسيرات أخرى لأمور نعتقد أنها تفيد قارئنا العربي على التعرف أكثر على هذه المادة. وقد اشرنا لهذه التفسيرات بالقوسين التاليين: ( ). مادة التقرير:
بعدئذ، يبدأ نقاش طويل، حول امكانية منع الحرب بواسطة اصدار بيان الى العالم نقول فيه إننا نعرف عن هذه الحرب ـ وزير الدفاع : «نقطة نظام. أقترح أن نقرر أولا بشأن الاحتياط». (حسب وثيقة البينات رقم 57، ورقم 266: «تعالوا نقرر أولا بشأن الاحتياط لأننا نضيع الوقت»). رئيسة الحكومة: أنا أزن الموضوع. القضية هي في التأثير على الاقتصاد. إذا وقعت حرب فعلية، فذلك ليس مأساة. إذا وقعت الحرب لن يكون مفهوما لنا لماذا أخرنا 12 ساعة.. وبالنسبة للضربة المانعة، فإن القلب ينجذب اليها ولكن دعونا نرى لاحقا. (حسب وثيقة البينات رقم 266: «القلب ينجذب لذلك ولكنني لا أدري»).
بعد أن بحثت رئيسة الحكومة في مسألة البيان الى العالم، تدخل وزير الدفاع في أقوالها: «إذا وافقت على تجنيد كبير لقوات الاحتياط، فلن أستقيل. لكن توصيتي هي أن نجند سلاح الجو ولواء في الشمال ولواء آخر في الجنوب. إذا كان ضروريا أن نجند المزيد في الليل، فسنجند. الإعتبار عندي ليس اقتصاديا. أنا أخشى من أن تتهمنا كل وسائل الإعلام بأننا بادرنا الى الهجوم، فهذا تجنيد للاحتياط قبل أن تطلق أية طلقة رصاص علينا. حالا سيقولون بأننا العدوانيون. ليس من المستبعد أن يقول حتى الأميركيون بأنه لم تكن هناك حرب في الأفق، وأن اسرائيل والجيش الاسرائيلي قاما بدفع نحو الحرب».(حسب 266: «كل وسائل الإعلام وموسكو ستعلن اننا متجهون للحرب. إسرائيل قامت بتجنيد الاحتياط قبل أن تطلق الطلقة الأولى. وبعد ذلك اذهب واثبت من أطلق الرصاصة الأولى. إذا قمتم بتجنيد الاحتياطي فأنا لن أرتمي على الشارع (للوقوف في طريقكم)، لكنني لا أؤيد ذلك..»).
في الختام تلخص رئيسة الحكومة، تلخيصا جزئيا: «نسير على طريق «هشومير هتسعير» على مراحل («هشومير هتسعير» تعني بالعبرية «الحارس الصغير» وهو اسم منظمة الشباب الصهيوني اليسارية التابعة لحزب يدعى «مبام»، ذاب حاليا في اطار حزبي العمل وميرتس. وفي حينه، عشية قيام اسرائيل سنة 1948، كان هذا التنظيم يؤمن بالاعتدال ويطلب أن لا تحتل التنظيمات العسكرية الاسرائيلية كل المناطق العربية، فعندما اتهموه بالتخاذل وبأنه يمتثل لأوامر الاتحاد السوفياتي، كان يرد بالنفي ويفسر مواقفه بالقول انه يؤمن بسياسة الخطوة خطوة) 1) تجنيد ما لا يوجد حوله نقاش. وحسب الحديث مع الأميركيين نقوم بتعزيز القوات.
2) الضربة الرادعة، جذابة بشكل كبير. لكننا لسنا في سنة 1967. هذه المرة يظهر العالم (ضدنا) بكل حقارة. لن يصدقونا. إذا بدأوا في الجنوب، لن تكون عندها مشكلة. لكن دعونا نرى خلال النهار.
رئيس الأركان: أنا مستعد لتجنيد غير كامل. ولكنني أريد (كل) الألوية المدرعة. كل استعداداتي (مبنية على) ان الحرب ستنشب في الساعة السادسة مساء. نجند كل سلاح الجو و..ألوية المدرعات. أنا أبحث لنفسي عن وضع أفضل. كل الحديث هو عن إضافة 30 ألف شخص.
مساعد وزير الدفاع (الجنرال تسور): الحد الأدنى تجنيد 100 - 200 ألف. من ناحية التأثير، من يعلم إذا كان العدد 70 أو 100 ألف. رئيسة الحكومة: من ناحية التأثير السياسي، إذا لم نعلن عن تجنيد شامل فورا، فليكن 70 أو 100 ألف، فهذا لا يهم.
مواصلة (البحث) حسب وثيقة البينات رقم 266:
وزير الدفاع: أنا قلت ما عندي ولم أغير رأيي.
رئيسة الحكومة: ما هو العدد عندك؟
وزير الدفاع: «المشكلة عندي هي في العدد وليس في الجانب الاقتصادي. أنا أدرك ان من الأفضل أن تكون هناك تشكيلات احتياطية مجندة في حالة نشوب الحرب. نحن لسنا واثقين من أن الحرب ستنشب وما الذي نحتاج عمله فعلا مع القوات النظامية. نصل الى المساء ونرى. أما أن نقوم بالتجنيد الكامل، على الصعيد الداخلي وأمام العالم؟ الاعتبارات الداخلية ليست ذات أهمية بالنسبة لي، لو كنت أعتقد اننا بحاجة الى ذلك. لكنني أعتقد انه حتى مع وجود مصاعب كبيرة، من المحبذ لنا أن نبدأ بشكل جيد من الناحية الدولية، لأننا لا نتمتع بالحرية التي كنا نتمتع بها في سنة 1967. لن يكون هنالك فرق لهذه الليلة». استمرارا لسؤال رئيسة الحكومة، يقول وزير الدفاع: «باعتقادي انه لو هاجمنا السوريون، ما كان «دادو» يرسل أكثر من لواء واحد».
رئيس الأركان: من الممكن الوصول الى دمشق بلواء واحد (حسب وثيقة البينات رقم 57: «إذا اجتاح السوريون في الجولان، سأضرب بإضافة لواء واحد نحو دمشق، (فقط) لواء واحد في الجولان»).
وزير الدفاع: أنا الآن لا أموت على ذلك. إذا احتجنا الوصول الى ذلك فسنصل. بالمعادلة الشاملة، فإن (خوض الحرب) مع القوات النظامية وتجنيد (الاحتياط) خلال الحرب، هو الأقل جودة. ولكن (تأجيل التجنيد) 7 ـ 8 ساعات كهذه، لن يغير شيئا عما أقترحه أنا. على كل حال فأنا لا أعاند، يا غولدا. هناك أمور إذا عاندت فيها فأنا أعاند.
رئيسة الحكومة تلخص:
يوجد عندي معيار واحد. إذا نشبت حرب حقا، فيجب أن نكون في أفضل وضع. بالنسبة للخارج، من المفضل أن يغضبوا علينا ووضعنا جيد. لا أحد يستطيع أن يقيس كم جندنا من جيش الاحتياط بالضبط. علينا أن نفكر مرة أخرى ونقرر. إذا نشبت الحرب فيجب ان نكون في أفضل وضع ممكن.
وزير الدفاع: أفضل وضع ممكن هو التجنيد الكامل.
رئيسة الحكومة: يجب ألا ينشأ وضع تؤدي فيه الضربة الأولى (للهجوم العربي) الى اصابة عدد أكبر، مما لو كانت لدينا قوات أكبر. مقياس واحد: فإذا الحرب، ليكن أقل عدد من الاصابات. أما بالنسبة للضربة الرادعة، فلن نستطيع تفسير ذلك. ولكن هنا أيضا، علينا أن نرى خلال النهار. إذا بدأ المصريون ولم ينضم السوريون، فإننا نضرب السوريين.
وزير الدفاع: واضح.
«في الساعة 9:20 يلخص وزير الدفاع بأن على رئيس الأركان أن يجند كامل التشكيلات وفقا لما كان اقترحه رئيس الأركان (حسب وثيقة البينات رقم 266: وزير الدفاع: «أنا أفهم بأنك تستطيع إصدار الأوامر لتجنيد كل التشكيلات التي سميتها»).
2. لقاء رئيسة الحكومة مع السفير الأميركي وجلسة الحكومة 33. في الساعة العاشرة من يوم السبت صباحا، التقت رئيسة الحكومة بمبادرتها مع سفير الولايات المتحدة السيد كيتينغ (نص تسجيل المحادثة في وثيقة البينات رقم 89 وكذلك أنظر الشهادة التي أدلت بها رئيسة الحكومة أمام اللجنة في صفحة 4493، وأقوال رئيسة الحكومة أمام لجنة الخارجية والأمن (البرلمانية) مساء السبت، السادس من أكتوبر، صفحة 21 من البروتوكول). رئيسة الحكومة أبلغت السفير انه بموجب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن سورية ومصر تنويان مهاجمة اسرائيل في ساعات بعد الظهر من اليوم نفسه. وأوضحت ان الهدف من اللقاء (مع السفير) هو إبلاغ الأميركيين بالمعلومة وبأننا لا ننوي شن الحرب. لا يوجد لدينا شك في أننا سننتصر. ولكننا نريد ابلاغ المصريين والسوفيات، بواسطة الأميركيين، بأننا لا نخطط لهجوم ولكن من الواضح أننا مستعدون لصد هجومهم. فإذا كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون مفاجأتنا، فمن المهم أن يعرفوا أنهم لن ينجحوا في ذلك. وفي الرد على سؤال السفير إن كنا سنوجه ضربة قبل أن يهاجمونا، أجابت رئيسة الحكومة بالنفي القاطع: لا، مع أن الأمر كان سيخفف عنا كثيرا. السفير قال انه سيبرق الى واشنطن فورا وبأقصى السرعة وبمنتهى السرية، لدرجة ستؤدي الى ايقاظ وزير الخارجية (هنري كيسنجر) من نومه. بخصوص الاتصالات السياسية التي جرت في الولايات المتحدة يومي 5 و6 أكتوبر اقرأ لاحقا في البندين 41 و42.