أينما اتجهت في أحياء وأزقة دمشق القديمة وشوارعها تجد باعة متجولين يدفعون أمامهم عربة خشبية أو يقفون هنا وهناك وينادون على الترمس وبسبب تكرار تلك الظاهرة وشيوعها وللتعرف على هذا النوع من الحبوب الذي اعتبرته تقليدا وطابعا يميز تلك الأحياء سعيت إلى البحث في مكنونات هذه الحبوب التي تشبه حبوب الحمص وقلت في داخلي ما هو الترمس .
فالترمس نبات بقلي مشهور كثيرا وهو من الفصيلة القرنية ينبت بريا وبستانيا ويكثر في سورية ولبنان ومصر بشكل بري وبستاني ولكنه لايزرع على نطاق واسع وكثيرا ما يزرعه الفلاحون لتقديم عشبه طعاما للابقار والخيول والخراف ولبيع حبوبه التي تشبه حبوب الحمص في لونها ويحتوي على مواد فعالة مثل البروتين بنسبة 30 بالمئة ومادة الليسيتين وهي مادة مكونة من الكالسيوم والفوسفور ولهذا فهو مقو جيد للأعصاب ومنبه للقلب كما يحتوي على قلويدات هي مواد لها تأثيرها السام إذا تم أكله قبل أن تذهب مرارته وسميته عن طريق غسله عدة مرات كما فيه املاح معدينة وغير ذلك.
ومن خلال احصائيات وزارة الزراعة لعام 2007 تبين أن نبات الترمس لايزرع إلا في محافظة طرطوس وعلى شكل بعل بمساحة لاتتجاوز 10 هكتارات وبانتاج سنوي لايتجاوز 10 اطنان ويلاحظ غياب زراعة هذا المحصول عن باقي المحافظات ويعود السبب الرئيسي لقلة استخدامات هذا المحصول غير الاستراتيجي.
وفي الطب الشعبي القديم كان يعتبر الترمس أقرب إلى الدواء من الغذاء وله فوائد علاجية وكان يستعمل لعلاج الامراض الجلدية والباطنية المعدية حيث يزيل الكلف والقروح والثبور في الوجه ودقيقه مع دقيق الشعير ينفع اوجاع الخراجات ويضمد به لعرق النسا ويسكن اوجاع المفاصل ويفتح سدد الطحال والكبد.
أما الطب الشعبي الحديث فلم يخالف ما ورد في الطب الشعبي القديم وهو بالاضافة إلى ذلك فقد وصف بانه مقو جيد للاعصاب ومنبه للقلب ومدر للبول ومضاد لبعض الامراض الجلدية كالاكزيما والصدفية ويساعد على تخفيض السكر لدى المرضى كما تبين من خلال الابحاث الطبية الحديثة ان الترمس اغنى الحبوب بالالياف وهذا ما يجعله من الاغذية المناسبة لمرضى السكر خاصة ان هذه الالياف تبطئء من امتصاص الجسم للغلوكوز السكر البسيط الناتج عن تحلل النشويات والسكريات ما يقاوم ارتفاع مستوى السكر بالدم كما تبين ان هذه الالياف تقاوم كذلك ارتفاع مستوى الكولسيترول وتقاوم حدوث الامساك وتحمي الاصابة بسرطان الامعاء الغليظة الا ان تناوله بكثرة يؤدي إلى تسمم الجسم نظرا لاحتوائه على قلويدات وهي مواد لها تأثيرها السام.
ولتحلية الترمس وجعله صالحا للأكل أو مقبولا يغلى بالماء طوال ثلاث أو أربع ساعات ثم ينقع بعد ذلك لمدة يومين أو ثلاثة أيام على أن يتم تبديل الماء يوميا وعندما تذهب مرارته يرش عليه الملح حسب الرغبة والحالة الصحية ومن ثم يؤكل.
غياث مخول