------------------------------
إن إجراء الدراسات الدقيقة والكاملة بالوقت المحدد واحاطتها بأدق التفاصيل لأي مشروع هي الشرط الأساسي والكفيل بنجاح التنفيذ والإنجاز في الوقت المحدد ، فالتأخير في إنجاز الدراسات يوقع بعض الإدارات في مطب الوعود والتسويف ، فوعودها ببدء التنفيذ تأتي على وعود الجهات الدارسة بإنهاء الدراسة ، و نقص الدراسات وإغفالها للجزئيات يؤدي إلى ظهور المشاكل مما يستدعي لدراسات أخرى وتعديلات وملاحق عقود في تنفيذ المشاريع وهذا ما يسبب المزيد من الخسائر والتأخير في الإنجاز .
فمثلاً منذ سنوات طويلة ونحن نسمع عن دراسة عقدة الزهيريات وعقدة البرجان على أوتوستراد اللاذقية - طرطوس وغيرها ....، فإذا لم تنته الدراسة فهذه مشكلة عويصة وإذا انتهت الدراسة وما زلنا ننتظر فالمشكلة أكبر لأن تنفيذ تلك العقد لا يحتمل أي تأخير ، فالحوادث في تلك المناطق في ازدياد مطرد لتحصد المزيد من الضحايا يوماً بعد يوم بسبب اضطرار الموطنين لعبور واجتياز الأوتوستراد للوصول إلى أراضيهم أو منازلهم في الضفة الأخرى.
وكذلك ظهور بعض العوائق أمام بعض المشاريع والتي لم تلحظها الدراسة حال دون البدء بتنفيذها كما في مشروع جسري الرميلة والعسيلية في مدخل مدينة جبلة الشمالي ، وما زالا ينتظرن منذ سنوات لتنفيذهما تحت حجة إعادة الدراسة أو تعديلها رغم الحاجة الماسة لهذين الجسرين . وكذلك ينضم مشروع البرج التجاري في جبلة تحت هذا الإطار حيث لم يضع الدارسون والجهات المعنية في حسبانها بأن المنطقة أثرية وقد يظهر فيها أثار مهمة وقيمة وراحوا يحفرون بالآليات الثقيلة على بعد عشرات الأمتار من مدرج جبلة الأثري أكثر المناطق الأثرية أهمية في هذه المدينة التاريخية وما أدى إلى إيقاف تنفيذ المشروع حالياً، وهنا السؤال لماذا لم يتم دراسة المشروع في موقع آخر ، أو في الموقع نفسه مع استيفاء دراسة كافة العوائق التي يمكن أن تظهر كي لا يتم توقيفه أو تأخيره وكي لا تخسر المدينة مشروع بمثل أهمية البرج التجاري والذي تم الموافقة عليه وتمويله من رئاسة مجلس الوزراء .
كما أن نقص الدراسات بعقدتي الزراعة والريفيرا في اللاذقية أدت إلى خلق مشكلة كبيرة لعبور المشاة من جهة إلى الجهة المقابلة ، حيث لم يحسب حسابهم بمعابر أرضية أو فوقية ما يسبب في عرقلة السير وتعريض حياة المواطنين للخطر ، وكذلك ساحة اليمن التي دشنت مؤخراً والتي كان من المتوقع أن تقدم حلولاً أفضل للحركة المرورية ، فكان من المفترض تنفيذ النفق بحارتين وليس بحارة واحدة ، وتصغير مساحة الحديقة في الوسط التي جاءت على حساب الطريق الدائري في العقدة ، وأيضاً فتح بعض الشوارع في مدينة اللاذقية وجعلها باتجاه واحد بعد أن كانت باتجاهين ساهم إلى حد ما في التخفيف من الازدحام لكن هذه الدراسة كانت ناقصة فلقد خلقت مشكلة كبيرة لعبور المشاة وخاصة للأطفال والمسنين ووضع المطبات لم يقدم أي حل للمشكلة بل زادها تعقيداً .
فهل مشكلة نقص الدراسات وتأخرها يكمن في قلة الكوادر في الجهات الدارسة أم كفاءتها أم بسبب العبء الكبير المنوط بتلك الجهات وعدم وجود تعددية بالجهات الدارسة ، وهنا تبرز أهمية الجامعات كجهات بحثية ودارسة والتي ما زالت لا ترقى للدور المنوط بها بربط الجامعة بالمجتمع ، وكذلك من الأهمية بمكان المساعدة في تشكيل هيئات بحثية خاصة عالية المستوى تساعد المجتمع في حل مشاكله . وفي نهاية المطاف أرى بأنه يجب تحميل الجهات الدارسة المسؤولية لأي عيوب أو تأخير في الدراسات تؤدي إلى تأخير تنفيذ المشاريع
تشرين