وخاصة حين باتوا يعتبرون الأصدقاء أعداء, ويتهافتون على الأعداء وكأنهم اعز الأحباب والأهل والأصدقاء. فلا عجب ولا غرابة, حين نرى البعض يصادقون أعداء أمتهم ومعتقداتهم,ويفاخرون ويجاهرون بهذه الصداقة المنحرفة و الآثمة. وحتى أن بعض الحكام راحوا يعادون بني جلدتهم ,وشعبهم وجماهيرهم,وكل مؤمن بالله, ويتزلفون إلى كل عدو ومجرم وقاتل وإرهابي ,ليروجوه لنا على أنه صديق حميم. ودافعهم إلى هذا الفعل القبيح, إما الخوف منهم.أو إرضاءهم ,وكسب مودتهم,والتزلف إليهم, لعلهم يضمنون حماية عروشهم. أو أن يلتمسوا المغفرة منهم إن ارتكبوا بحقهم وحق إسرائيل أية هفوة, قد يحاسبون عليها, لو قرروا خلعهم عن سدة الحكم.
والمضحك أن الإدارة الأمريكية التي تخدعهم بقولها أنهم أصدقائها وحلفائها, وأنها تجلهم وتحبهم, وتشيد فيهم. إلا أنها تتآمر عليهم في السر والعلن. ولا ترى فيهم أكثر من قطيع رقيق وأرقاء. تجلدهم متى تشاء,وإن تبرموا بهذا الوضع, تهرع لبيعهم بأبخس الأثمان متى تشاء. وهي العالمة بحالهم وتاريخهم وسلوكهم وأفعالهم وفسادهم. وهم يعرفون ذلك جيدا, ويخافون أن تقلب لهم ظهر المجن ذات يوم, فيذهب الجاه والسلطان, وكل ما جنوه من مال ومتاع في هذه الحياة, وعندها يخسرون دنياهم الفانية , كما هم خسروا حياتهم في الآخرة منذ زمن بعيد.
لا أحد ينكر أن الصداقة علاقة فطرية وضرورة اجتماعية, لا غنى عنها لكل امرؤ في هذه الحياة, وهذه هي من طبيعة الحياة.فالبيئة والتربية والعادات والتقاليد والمعاملات والظواهر النفسية السائدة, ودرجة الإيمان بالمعتقد, وطبيعة الحياة الاجتماعية داخل الأسرة والمجتمع, هي من تصقل شخصية المرء في بوتقتها, وتشحن النفس البشرية بالمتوفر منهم والسائد في بنيانهم. فيرى المرء فيهم من المسرات والمنغصات الشيء الكثير. وهي إما أن تجعل من الصداقة حافزا على النجاح, أو تدفع به نحو اليأس والقنوط , أو العزلة, أو تلقي به في بعض الأحيان في غياهب الشذوذ و الانحراف. والمرء لا يشعر بالسعادة بدون أصدقاء. فالأصدقاء عائلة يختارها المرء بنفسه.وما أسوأ اختياره حين يكون أصدقائه جورج بوش وتشيني ورامسفيليد وبرا يمر وزلماي زادة و بولتون, وبللير وأريل شارون ويهود أولمرت و موفاز وبيرس وباراك ونتناياهوا. والأصدقاء كنوز وافرة. وهؤلاء عصابة من الإرهابيين والمجرمين وأعداء الإنسانية, لا يستحقوا أن يكون لهم من صديق. فكيف يرضى أن يبيع الحر نفسه لمثل هؤلاء, ويخدع نفسه على أنهم أصدقائه؟. ومتى كان السيد أو النخاس يرتضي أو يرضى بأن يكون صديقا لعبيده أو لمن أرتضى أن يبيع نفسه لسيد على انه عبد؟ وأي عاقل يمكن أن يصدق ما يقوله الرئيس جورج بوش مخاطبا شعوب منطقة الشرق الأوسط قائلا لهم: لا صديق لكم أفضل من الولايات المتحدة الأمريكية. أو وهو يخاطب الشعب الايراني قائلا:أيها الإيرانيون لن تجدوا صديقا يفهمكم أفضل من الولايات المتحدة الأمريكية. ثم يقول بوش بصريح العبارة:منطقة الشرق الأوسط , منطقة ترتدي أهمية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. رغم أن الساسة الأمريكيين والأوروبيين يتهمون الرئيس جورج بوش قائلين بصريح العبارة في كل محفل: الرئيس جورج بوش أجج مشاعر عدائية ومناهضة للأمريكيين والأوروبيين.
وقد ورد في الحديث القدسي عن النبي محمد صلاة الله وسلامه عليه قوله:المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. وقوله أيضا: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يجذبك ,أو أن تبتاع منه, وإما أن تجد منه رائحة طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك, او أن تجد منه ريحا خبيثة. وقوله أيضا: لا خير لك في صحبة من لا يرى مثل الذي ترى له.ثم هناك من يرى: أن الحياة بلا صديق موت بلا شاهد. وآخر يقول:أن الإنسان بلا صديق كشمال بلا يمين.كذلك ليس من الضروري وجود التشابه بين الأصدقاء,بل يكفي التعاون فيما بينهم كأصابع اليد الواحدة في المعصم, لأن الأصدقاء كأصابع اليد الواحدة في المعصم. وما يحبه الصديق من صديقه,إنما هو التقدير والاحترام. وهذا دليل على أن من يصادق إدارة بوش أو حكام إسرائيل,أو يسره تقديرهما, فأنه أشبه بمن ضل الطريق ,فلم يعد يميز بين العدو أو الأخ أو الصديق.وقال البعض:أن العداوة سمكة والصداقة إخطبوط. وحتى بعض المتشائمين اعتبروا: أن البحث عن صديق كالبحث عن جوهرة في رمال الصحراء. حتى أن باسكال قال: لو عرف الجميع ماذا يقول بعضهم عن البعض الآخر لما بقي في العالم أربعة أصدقاء. ولكن على الأقل فإذا صادق المرء فليصادق من ينسى معروفه عنده. وأحيانا تجود الدنيا على المرء بصديق أشبه بأخ لم تلده له أمه. أو تقذف إليه بصديق طباعه أقرب إلى الذئب,أو صديقا بضاعته الجهل والكذب والمكر والنفاق وكل خلق ما هو بحميد. كالرئيس جورج بوش وصقوره ومحافظيه وحلفائه من حكام وساسة إسرائيل المجرمين. وكم هو محزن أن يفاخر البعض بصداقاته للبعض من هؤلاء. ويستأنس بعوائهم, ولا يستأنس بذكر الله وبإخوانه, أو بشقيقتهم سوريا التي تذود دفاعا عنهم وعن الجميع.وقال بعض الحكماء: الصاحب رقعة في قميص الرجل,فلينظر أحدكم بما يرقع قميصه.وقولهم أيضا:الصديق للصديق كالرقعة في الثوب,إن لم تكن مثله شانته. وقولهم أيضا : إذا أردت أن تصادق رجلا فأنظر من عدوه. وقالوا أيضا: الصداقة ليست كلمات تقال بل هي مواقف وسلوك. وقالوا أيضا: الصداقة هي الحب ولكن بدون جناحين.وقول آخر: إذا أنقطع رجائك من صديقك فألحقه بعدوك.وقول آخر: لا تقطع صديقا وإن كفر, ولا تركن إلى عدو وإن شكر. وقول حكيم: الصداقة مشروع حضاري تخلى العصر عنه. وقول آخر: الصديق من كانت مجالسته غنيمة, وصحبته سليمة, ومؤاخاته كريمة, وهو كالمسك إن بعته نفق, وإن تركته عبق. وميخائيل نعيمة يقول:نختار أصدقائنا بالغريزة, ولكن نبقيهم بالعقل والقرار.ونذكر هؤلاء البعض الذين أخطئوا في اختيارهم لصداقاتهم وأصدقائهم. وخلطوا بين الصديق والعدو. وفقدوا البوصلة التي ترشدهم إلى الاتجاه الصحيح:
فالصديق الصدوق: صادق في عمله,لا يعرف النفاق والإجرام والعدوان طريقا إليه,حريصا على أصدقائه كذاته, طبعه الوفاء, والأمانة من سجاياه, والنبل والكرم من أصله, و من خصاله الصدق والحب والمحبة والتعاون والإحسان, ولا يفعل بصديقه كل ما هو مؤذي أو مضر أو حرام. ورحم الله الخليفة عمر بن الخطاب حين قال: رحم الله امرؤ أهدى إلي عيوبي. والإمام علي كرم الله وجهه أوجز الصديق بحكمته البليغة حين قال: لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث, في نكبته وغيبته ووفاته. والإمام الشافعي رحمه الله أوجزها بهذين البيتين:
صديقك من يعادي من تعادي بطول العمر ما سجع الحمام.
ويوفي الدين عنك بغير مطل ولا يمنن به أبدا دوام.
فإن صافى صديقك من تعادي ويفرح حين ترشقك السهام
فذلك هو العدو بغير شك تجنبه فصحبته حرام.
وقول حكيم: أصدقائك ثلاثة , صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك. وشي يدعو للعجب والاستغراب
أن يصادق البعض من يعتبر نفسه كجورج بوش حليف إستراتيجي وصديق لإسرائيل, ويربط أمن
ومصالح وسياسات بلاده بمصالح الصهيونية وإسرائيل!
الصديق المزيف: إنما هو كالظل يمشي وراءك عندما تكون الشمس ساطعة, ويختفي عندما تغيب .أو من تجمعهم عصابة من عصابات السطو و الضلال والمكر والنفاق والإجرام والإرهاب. ولذلك قال بعض الحكماء: العدو خير من الصديق المزيف. وقال بعض الحكماء : عدو عاقل خير من صديق جاهل, فكن في أمن ودعة من عدوك العاقل, لأن عقاه يجنبك الأذى والضرر.أما الصديق الجاهل فإن جهله يوقعك في كثير من المآزق والأذية حيث يظن أنه ينفعك. وجورج بوش جاهل وأحمق وغبي وكذاب , فكيف يقبل أن يتخذه البعض خليل وصديق وحليف؟
والعدو: إما أن يكون أحد الأشرار كجورج بوش وصقوره ومحافظيه وحكام إسرائيل. أو صديق دفعته مظاهر الجهل, أو الطمع أو الفساد أو الغباء أو الضلال وسؤ التدبير وضعف التقدير إلى معاداة غيره, كمن يعادون سوريا وفصائل المقاومة الوطنية في العراق ولبنان وفلسطين. والمثل العربي يقول: العدو ما بصير صديق أو حبيب ولو صار الحمار حصان أصيل. أما هنري كيسنجر فيقول: لا يوجد في العالم أصدقاء, ولكن أعداء بدرجات متفاوتة. والمثل الياباني يقول: إن الصديق هو عدو تحت التمرين. وقول حكيم : أعدائك ثلاثة, عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك. والخلاف والتباين بين الأصدقاء طبيعي ونسبي وليس مطلق. أما حين يمتهن المرء العداوة والبغضاء فهو عدو. وما تفعله وتمتهنه بشكل دائم كل من إسرائيل والادارة الأمريكية مع العرب وشعوب العالم من عداء وعداوة وعدوان لا ينتهجه من هم أصدقاء, أو يسعون ليكون لهم أصدقاء ومحبين, لأنهم عصابات قتلة وإرهابيين.
ورب العزة بين في محكم الكتب التي أنزلت على أنبيائه, أن المنافقين والكاذبين والظالمين والفاسقين والفاسدين, وحتى بعض من الأموال والأولاد من هم أعداء. وقصت علينا هذه الكتب قصص قابيل وامرأتي نوح ولوط وأبن نوح والسامري وهامان وقارون وأبرهة الحبشي وأبي لهب وامرأته وغيرهم الذين كانوا من ألد الأعداء لله ورسله وأنبيائه ورسالته وعباده, والذي يتخذ البعض من أمثالهم ونظرائهم القدوة والمثال والخليل والصديق.
ومع ذلك يصر زعماء ما يسمى بفريق الأكثرية في لبنان و زعيم تيار المستقبل الإستقواء بإدارة مجرمة كإدارة الرئيس جورج بوش ,واستماتتهم في صداقتها لمعاداة سوريا وإلحاق الضرر بلبنان وشعب لبنان. ويجاهرون بصداقاتهم لمن يحتل العراق ويدعم إسرائيل في عدوانها على لبنان وشعب فلسطين . وكذلك يفعل محمود عباس حين يصادق إدارة بوش وحكومات إسرائيل وهم سبب البلاء الذي حل بفلسطين وشعبها الأبي ومقدساتها الإسلامية والمسيحية. ثم هنالك عملاء العراق الذين باتوا يعتبرون العرب والعراقيين غرباء وأعداء ويعتبرون إدارات ومواطني وجنود القوات المحتلة للعراق أصدقاء وحلفاء. والمحزن تحالف بعض الأنظمة مع أصدقائهم كإدارة الرئيس جورج بوش في عدائهم لأشقائهم وشقيقاتهم من الأقطار العربية والإسلامية, كما يفعل البعض الآن في عدائهم لسوريا ولقوى المقاومة الوطنية في العراق وفلسطين ولبنان وقوى المعارضة في لبنان وحركتي حماس والجهاد في الضفة والقطاع. أو يقفون صفا واحدا مع إدارة بوش ضد إيران بذريعة خطورة مشروعها النووي, ويتعامون عن المفاعل النووي الإسرائيلي والذي يلحق أفدح الأخطار بدولهم و بالأرض العربية وشعبها العربي. وأنه لخطا فادح وجريمة التحالف مع الصديق للإضرار بالأهل والأشقاء والشقيقات, فكيف بمن يصادق ويتعاون مع إسرائيل, أو إدارة أمريكية يرأسها كذاب ومجرم وإرهابي كبوش في معاداتهم لشقيقتهم سوريا التي تذود دفاعا عن الجميع؟
الأربعاء: 19/3/2008م