تخطط احدى الشركات العقارية التي يمولها احد اصحاب الملايين الامريكان لانشاء متنزه الملك داوود الاثري. ولاجل توفير المساحة المطلوبة يصار الى هدم منازل فلسطينية بحجة بنائها من دون التراخيص المطلوبة. في حين تم شراء عدد اخر منها من قبل المستوطنين. وقد سمح رئيس البلدية باركات بتنفيذ موجة من عمليات الازالة.
وهو ما يعني قيام اسرائيل بانشاء متنزه اثري فوق اراضي الفلسطينيين. اما الهدف من وراء ذلك?.. هو طردهم من القدس الشرقية.
كانت احدى الحضارات هي التي وضعت حدا لاحتجاجات اسرة الكردي التي طردت يوم 10 تشرين الثاني الحالي من منزلها الذي سكنته مدة تزيد على 50 عاما. وتحت نظر فوزية الكردي, المتعب غير المستكين, الاصمة عن سماع الشعارات التي يطلقها عشرات الفلسطينيين ودعاة السلام الدوليون والاسرائيليون, المحمية بواسطة مجموعات من افراد الشرطة, كانت جرّافة ميكانيكية ضخمة قد اقتلعت قبل يومين الخيام المنصوبة في حديقة المنزل, حيث كانت قد تركزت في الايام الاخيرة المظاهرات الاحتجاجية ضد غارات المستوطنين اليهود على الحي الفلسطيني في الشيخ جراح.
ثم بدأت الالية بتسوية الارض لاجل جعلها صالحة للبناء. هذا وقد اصدرت المحكمة العليا الاسرائيلية حكما مفاده انه قبل قيام اسرائيل كانت المنطقة بما فيها منزل اسرة الكردي تعود ملكيتها ليهود, واثبتت قانونية تسجيلها اليوم باسم منظمة دينية يهودية قانونية مستوفاة كما يؤكد القضاة, لكنهم لم يتحققوا من الملكية الاصلية لمئات المنازل في المنطقة اليهودية من القدس, التي يسكنها الاسرائيليون في الوقت الحاضر, لكن ملكيتها كانت تعود قبل عام 1948 للفلسطينيين, الذين طردوا منها, واجبروا على الهرب.
الشيخ جراح, الذي يستضيف قبر الحاخام شريف شمعون, هو فقط احد فصول الهجمة التي نظمت ضد القطاع الفلسطيني من المدينة المقدسة من قبل المستوطنين الاسرائيليين, الذين احتفلوا في الاسبوع الماضي بانتخاب رئيس البلدية مائير باركات, احد المستقلين من قوى اليمين, الذي سبق وان وعد اثناء حملته الانتخابية بتنفيذ موجة من عمليات تهديم للمنازل العربية غير القانونية, وبناء مستوطنة جديدة في ضاحية القدس الفلسطينية, وتبقى سلوان تمثل الهدف الرئيسي للتنظيمات اليمينية. وهي الارضية المفضلة للمستوطنين المنهمكين بالاستيلاء البطيء على المنطقة العربية. مرحبا بكم في مدينة داوود. هذا ما يقرأ على مخطوطة معلقة على مبنى تم تشييده في آخر الطريق الذي يلتف من حول الجدران القديمة, ويؤدي الى مدخل سلوان. هنا كان قائما في ماضي الزمان منزل فلسطيني, احتله المستوطنون ببداية اعوام التسعينيات: فقد قيل في حينه ان فلسطينيا يتقدم بعرض مبلغ كبير من المال على المالكين مقابل بضع عشرات الامتار المربعة. وبمجرد انتقال ملكيتها له, يعمد فورا الى تدويرها للمستوطنين اليهود. وقد بدأت اليوم لحظة الانطلاق لتشييد ما يسمى متنزه الملك داوود الاثري.
لقد كانت البداية بطيئة لكن بفضل حملة دعائية ماكرة شنت في الولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص كان قد تردد على متنزه الملك داوود الاثري في العام الماضي ما يزيد على 300 الف سائح. وقام المستوطنون قبل عدة اشهر بتنظيم حفل موسيقي حتى في سلوان بحضور المغني شلومو غرونيش, داعية السلام السابق, الذي تحول الى اليمين.
وتقوم على تمويل المشروع الاثري شركة ايلاد, الغامضة, المكفولة من قبل المليونير الامريكي ايروين موسكو ويتس. وهي شركة عقارية اتبعت منذ عام 1980 كافة السبل الممكنة من اجل الاستحواذ عبر الاجراءات الرسمية. بالاضافة الى الاقتناءات المشكوك في شرعيتها, على القسم الاكبر من اعداد المنازل المقامة في حي فلسطيني يمتاز بكثافته السكانية ما يزيد على 40 الف نسمة ويتمثل الهدف في العودة بعد مرور ثلاثة الاف عام للسيطرة على منطقة يزعم وفقا للتقاليد التوراتية انها كانت قد استضافت الملك داوود. وانبرت لتقديم المساعدة كل من سلطة الاثار وبلدية القدس بصفة خاصة, التي كانت قد عمدت في الفترة الاخيرة بالذات الى الشروع من جديد بتهديم المنازل غير المرخصة اخر اثنين في حي البستان قبل ايام قليلة, وذلك تنفيذا لبرنامج كان قد اقر في عام 2005 وقضى بتدمير 88 منزلا فلسطينيا.
تتحدث البلدية عن منازل شيدت بطرق غير قانونية, لكنها لا تجيب على التهمة القائلة انها لا تمنح تراخيص بناء للفلسطينيين ما يضطرهم للبناء بطريقة عشوائية هذا ما يقوله مائير مارغاليت, عضو المجلس البلدي عن حزب ميريتس, لكنه معروف اكثر اليوم كناشط في اللجنة الاسرائيلية المناهضة لعملية هدم البيوت الفلسطينية lcahd.
ثم يضيف مارغليت الى ذلك قائلا: هناك في سلوان خطر رؤية تلك المنازل الثمانية والثمانين وقد هدمت فعليا بشكل تدريجي, بحيث يهدم عدد قليل منها في كل مرة, وليست جميعها دفعة واحدة, وذلك تجنبا لاثارة ضجة وامكانية صدور احتجاجات دولية. وعلى ما يبدو فان ايلاد والمستوطنين قد اصبحوا مصممين على الذهاب لاخر المشوار, متمتعين بتمويلات ضخمة ودعم سياسي قوي, بامكانهم التسبب بعمليات هدم على اوسع نطاق للبيوت العربية, الامر الذي لم يحدث منذ عام ,1967 وقت ان اقدمت البلدية على تدمير حارة المغاربة الفلسطينية في البلدة القديمة من اجل العمل على توسيع ساحة حائط البراق.
وتمثل سلوان تربة خصبة بالنسبة لمشاريع المستوطنين حيث انها منطقة تتمتع بقيمة تاريخية اكيدة, اثرية ودينية. في هذه المنطقة على سبيل المثال, تم العثور على برك سليمان, نبع جيهون, نفق هيزيكياه, ومجرى وارين الشهير, الذي لاجل اعطاء مصداقية للعرف الديني يقال انه قد استخدم من قبل يعقوب, مبعوث الملك داوود من اجل التغلغل داخل القدس.
اماكن مثيرة للذكريات والعواطف ويتم ترديد ذكرها من قبل الادلاء لاجل التبرير امام اعين السواح مسألة الاستيلاء على سلوان وطرد الفلسطينيين منها, الذين يوصفون بالدخلاء, والمتطفلين, ولمنح قيمة اكثر لمغامرة المستوطنين, تتعهد ذلك عالمة الاثار ايلات ماتزار, التي تعمل منذ سنين عديدة في تلك المنطقة, فتقول ان الموجودات تؤكد دون ادنى شك ان الملك داوود كان حقا يملك قصرا في سلوان.
فرضية تلقى الفتور لدى خبراء اسرائيليين اخرين مثل البروفيسور رافي غرينبرغ من جامعة تل ابيب, الذي كان قد اجرى اعمال حفريات بالمنطقة التي يقع فيها المتنزه الاثري, وذلك باعوام السبعينيات. كما كانت الجامعة العبرية في القدس قد عمدت في عام 1998 الى التوجه للمحكمة العليا من اجل منع ايلاد من الاستمرار بمبادراتها في حي سلوان. كما احتج عالم الاثار الاسرائيلي يوناثان ميزراخي قائلا: يريدون استخدام الاثار التوراتية بهدف الحصول على موافقات وتبريرات لطرد الفلسطينيين. وهو الذي كان قد ترك سلطة الاثار, وينظم اليوم جولات سياحية بديلة لتلك التي تنظمها ايلاد.
يقول ميزراخي: يعمل المستوطنون منذ سنوات ضد القوانين والشرائع الخاصة بمهنتنا, ويكتفون بتسليط الضوء على الاثار التي يعتقدون انها تخدم اجندتهم السياسية. مقللين من قيمة ما تبقى, ثم يضيف لم يعثر ابدا في سلوان على اي برهان اكيد فيما يخص حضور الملك داوود واذا ما جرى في احد الايام عرض لافتة مكتوب عليها: مرحبا بكم في قصر الملك داوود فمن غير الممكن ان يمثل ذلك باي حال من الاحوال مبررا مقنعا من اجل طرد الفلسطينيين من سلوان.
ومع ذلك, فالمستوطنون ماضون في طريقهم, مدركين الدعم المهم الذي يلقونه على جميع المستويات, خاصة عندما تتعلق مشاريعهم بالقدس. واقدموا في السنوات الاخيرة على شراء او احتلال العديد من المساكن العربية, واصبح العلم الاسرائيلي يرفرف اليوم فوق عدد غير قليل من اسقف سلوان. أما الاجراءات الامنية المشددة التي لا بد ان تتبع وصول المستوطنين لمناطق ذات كثافة سكانية فلسطينية تعمل على تعقيد الاحوال المعيشية بما فيه الكفاية. داخل الحي باكمله, الذي يكون سكانه مجبرين كذلك على الاخذ بعين الاعتبار الاختناقات المرورية الناجمة في معظم الاحيان عن التحركات ونقاط التفتيش لرجال الشرطة ويتحدث بشأن ذلك احد المواطنين الفلسطينيين جواد صيام فيقول: لدينا كاميرات تلفزيونية في كل مكان. ويراقبوننا على مدى 24 ساعة وبامكاننا العثور في اي لحظة على حارس للمستوطنين يقف على مدخل البيت. كانت في سلوان بماضي الزمان ملاعب وحدائق, حيث كنت اذهب في طفولتي للعب مع اصحابي. وتحولت جميعها تقريبا لتصبح اليوم مناطق محظورة. يحدث ذلك باسم استعادة مدينة الملك داوود. الى 450 وصل عدد الالاف المؤلفة من المستوطنين الذين يحتلون الضفة الغربية والجزء الشرقي من القدس, في انتهاك فاضح لقراري الامم المتحدة ,242 338 اللذين ينصان على انسحاب اسرائيل من الاراضي الفلسطينية المحتلة.