هل تعتبر الاتهامات الأمريكية الأخيرة لإيران وسوريا بل كوريا الشمالية علامة على صحوة ما تبقى من صقور البيت الأبيض، على أمل إيقاع مواجهة أخيرة ضد أحد أضلعه "محور الشر" أو كلهم مجتمعين، قبل نهاية رئاسة جورج بوش فى يناير المقبل؟.
هذا هو السؤال الكبير الذي يهيمن على الدوائر السياسية فى هذا الأسبوع الأخير من أبريل، خاصة اثر تقرير المخابرات لأمريكية للكونغرس حول تورط كوريا الشمالية المزعوم فى بناء مفاعل نووي فى سوريا، دمره سرح الطيران الاسرائيلى فى سبتمبر الماضي.
ويرى عدد من الأوساط السياسية أن توقيت التقرير الاستخباراتى ومحتواه، قصد إثارة التوتر بين واشنطن ودمشق من ناحية، وبينها وبين وبيونغ يانغ من ناحية أخرى، لإخراج قطاري التفاوض الأمريكي- الكوري الشمالي والوساطة التركية بين إسرائيل وسوريا، عن خطهما.
الواقع أن نائب الرئيس ديك تشيني، المعروف باعتراضه الشديد على التفاهم مع كوريا الشمالية وسوريا وتأييده لمبدأ "تغيير أنظمة الحكم" فيهما، قد ضغط بقوة من أجل عرض تقرير المخابرات على الكونغرس، مما قد يفسر التكهنات الرائجة حول اشتداد ساعد "صقور" البيت الأبيض بغية عكس الوضع الذي هيمنت عليه الدبلوماسية خلال ولاية بوش الثانية.
أضف إلى هذا الإشاعات الرائجة حول احتمال استقالة كريستوفر هيل مساعد وزيرة الخارجية المعنى بالمفاوضات مع كوريا الشمالية، جراء الهجمات الحادة التى شنتها ضده جون بولتون، سفير أمريكا السابق لدى الأمم المتحدة وصديق تشيني الحميم،على خلفية الاتفاق الأخير الذي توصل اليه هيل فى سنغافورة مع مندوبي حكومة بيونغ يانغ.
وأضف أيضا تسمية الجنرال ديفيد بتراوس، قائد القوات الأمريكية فى العراقية، لتولى منصب رئيس القيادة العسكرية الوسطى هذا الصيف، ثم الاتهامات المتصاعدة لتدخل إيران المزعوم فى العراق والتى أطلقتها وزارة الدفاع الأمريكية فى الآونة الأخيرة.
كل هذه التطورات يراها عدد من المحللين السياسيين كجواب على تمنيات المحافظين الجدد الذين بدا وأنهم فقدوا الأمل فى إقناع الرئيس بوش بشن هجمة على المرافق النووية الإيرانية قبل انتهاء ولايته.
فقد كرر الجنرال بتراوس فى بداية الشهر اتهاماته لمجموعات شيعية خاصة تدعمها إيران ، بمهاجمة الحكومة العراقية والقوات الأمريكية. تلي ذلك علامات "القلق الشديد" التى أعرب عنها الأميرال ميكل مولين بشأن "النفوذ الايرانى الشرير والمتزايد" فى العراق وغيرها من دول المنطقة.
كما أعلن مسئولون بوزارة الدفاع الأمريكية أنهم سيقدون معلومات للصحفيين فى الأيام القليلة القادمة عن اكتشاف مخابئ جديدة للأسلحة فى العراق يقولون أنها تبرهن على أن إيران لم تلزم بالتعهدات التى قدمها الرئيس محمد أحمدين جاد لرئيس الوزراء العراقي نورى المالكي بشأن وقف شحنات السلاح عبر الحدود.
وهناك أحداث أخرى مدللة من بينها استقالة رئيس القيادة الوسطى الأميرال ويليام فالون المباغتة اثر ما تردد عن اعتراضه على سياسات بوش والحرب على إيران، وتصادف اتهام سوريا ببناء مفاعل نووي بمساعدة كوريا الشمالية مع الحديث عن وساطة تركية بين إسرائيل وسوريا منذ سنة واستعداد إسرائيل لإعادة مرتفعات الجولان.
*جيم لوب، مراسل "آي بى اس" ومحلل السياسة الخارجية الأمريكية وسياسات المحافظين الجدد.