آخر الأخبار

نهر السن: حكاية موت نهر

أولا يجب التفريق بين نهر السن والبحيرة , فنهر السن هو ذاك النهر المتشكل من الفائض الذي يذهب هدرا من مفيض بحيرة السن ,ومن التسربات التي تنشأ من بحيرة السن ,وكذلك من رافد يلتقي به في منتصف المسافة إلى البحر هو نهر أبو بعرة.

هذا النهر يفيض شتاءا نتيجة زيادة الوارد المائي ويشح صيفا حتى يكاد يقتصر على بقايا مخلفات الصرف الصحي ومخلفات المعامل .

فمن البحيرة بات لا يذهب شيء من مياهها بعد أن يتم ضخ جميع المياه الواردة إليها للشرب والري والأعمال الصناعية , بل وإنها تعاني هي الأخرى من نقص واضح في الوارد المائي مما أدى لتقنين كبير في مياه الري وباتت لا تكفي حاجة المزروعات ,وهذا من أسباب عدم انتهاء العمل بسد السخابة الذي من المفروض أن يكون في الإستثمار حاليا , والذي أقيم لضخ مياه السن الفائضة شتاءا ليتم تحرير بحيرة السن صيفا لأغراض الشرب فقط.

ومن نهر أبو بعرة لا تأتي منه حاليا سوى الملوثات بنوعيها :الصرف الصحي ومخلفات المنشآت الصناعية.
ويضاف لذلك رمي القمامة على جانبي النهر .

ونتيجة لوجود أخبار وشكاوي من نفوق الأسماك في المجرى الأدنى للنهر (بعد منطقة التقاء نهر أبو بعرة بالسن) توجهنا للمنطقة وكان هذا التقرير:

أشار بعض الأهالي القاطنين في قرية عرب الملك بالقرب من نهر السن وعلى بعد مئات الأمتار غربي بحيرة السن الى ظاهرة نفوق الأسماك في مياه النهر وفي مزرعة للأسماك الملاصقة له، بالإضافة لنفوق بقرة نتيجة شربها من تلك المياه.

ويقول صاحب مزرعة الأسماك حمزة أحمد: أقوم بضخ مياه نهر السن الى المزرعة والتي استخدمها في عملية تربية الأسماك ومنذ عدة ايام لاحظت وجود كميات كبيرة من الأسماك النافقة وبنسبة 95%، ما ألحق بي خسائر كبيرة وعندما استقصيت عن السبب بواسطة خبير زراعي اكد ان السبب هو التلوث الناجم عن رمي المعامل لمخلفاتها الصناعية والكيماوية في مياه النهر، وإهمال الجهات المختصة بمراقبة ومتابعة تلك المعامل التي تلوث مجرى نهر السن.

وفي لقاء مع مدير مؤسسة الأسماك ورئيس جمعية حماية الأحياء المائية الدكتور أديب سعد قال: إن نفوق الأسماك هو مؤشر حيوي لا يقبل اي تأويل او شك بأن مياه النهر اصبحت ملوثة وغير صالحة حتى لتربية الأسماك ناهيك عن شرب الحيوانات ومن المشاهدة هناك كمية من الأسماك النافقة وبعض الأحياء الأخرى التي تشكل مجموعة التنوع البيولوجي والحيوي في مياه النهر، كما لاحظنا ان لون المياه يميل الى الاخضر الغامق في بعض المناطق والى الابيضاض في مناطق اخرى وهذا مؤشر على وجود تلوث صناعي ناتج عن تفاعل مخلفات مياه مصانع مع مياه النهر، فطرح المواد السامة في النهر ونقص الاوكسجين في المياه ادى الى نفوق الاسماك والكائنات الحية الاخرى. ‏

ويضيف ان نهر السن يعد من أهم الشرايين الحيوية المائية في الساحل السوري، وأهمية المحافظة على نظافة هذه المياه ونقاوتها تعتبر ضرورة قصوى وأساسية لكونها تشكل جزءاً من حياة أهل المنطقة وكل الادعاءات بالاستثمار والتنشيط السياحي كلام لا معنى له ما دام هذا النهر الاساسي يتعرض للتلوث يومياً، فنظافة نهر السن لا يمكن ان تعوض ولا تقدر بثمن، وهناك قوانين صارمة لحماية البيئة وخاصة المجاري المائية، لذلك المطلوب منّا كجهات حكومية وجمعيات أهلية وإعلام ان نتعاون في تطبيق القانون. ‏

ويشير أيضاً الدكتور سعد: لا بد من تطبيق الاشتراطات البيئية وبصرامة لإقامة اي منشأة صناعية خاصة على ضفاف الأنهار تحت طائلة الإغلاق، لأن إغلاق اي معمل افضل بكثير من عمله ملوثاً للبيئة، فالأموال التي يجنيها يمكن تعويضها بأي مشروع آخر بينما المياه عصب الحياة لا يمكن تعويضها بأي ثمن ولا سيما في هذه المرحلة الراهنة التي نعاني فيها من شح ونقص في المياه. ‏