مسلسل الاجتياح مرة أخرى، لكن ليس للدفاع عنه، بل ربما للتأكيد على أن الإبداع مهما حاولنا تهميشه و التغاضي عنه، سيعترف به الآخرون رغما عنا، و هو نفس الأمر الذي حدث مع مسلسل الاجتياح الذي أنتج سنة 2007، و عرض في رمضان لنفس الموسم على قناة LBC، و لم تتجرأ بعد ذلك أي قناة على عرضه.
الاعتراف بقيمة البرنامج الفنية و الإبداعية جاءت من الغرب، بحصوله على جائزة إيمي الدولية، التي لم ترشح لها كل الأعمال الدرامية التي عرضت مع و بعد الاجتياح، و تهافتت عليها الفضائيات العربية لعرضها من باب السبق و الحصرية.
الاختلاف و التغيير هما أهم سببين جعلا مسلسل الاجتياح متميزا و مرشحا للفوز بالجائزة، الغرب يكره التكرار، التكرار يقتل الإبداع، و العرب مهوسون بالتكرار و التقليد، و لديهم رهاب التغيير و الأفكار الجديدة، يكفي أن ينجح عمل واحد عن إحدى الحارات العربية، لتتبعه باقي المؤسسات و القنوات لإنتاج و عرض كمية كبيرة من مسلسلات الحواري، و نفس الشيء مع مسلسلات الفترة الناصرية و غيرها من الأفكار المكررة و الأداء المكرر. التكرار و التقليد نجده حاضرا بدءا من جنيريك البداية إلى جنيريك النهاية، الأداء و الديكور و الملابس و القصة أيضا، و الممثلون أيضا لم يسلمو من التكرار و إسناد نفس الدور لنفس الممثل في أكثر من عمل له نفس القصة تقريبا.
الأمثلة عن الإبداع العربي المهمش في أوطانه و المعترف به في الخارج كثيرة، و كثيرون هم المبدعون في شتى المجالات ممن عانوا من غض البصر عن أعمالهم في بلادهم، و لما يأتي الاعتراف و التكريم من الغرب، يصفق العرب تلقائيا لذلك العمل، و كأنهم كانوا ينتظرون الإذن الغربي لفعل ذلك، و كأنها مسألة ثقة، أو مشكل غيرة من المميز و المختلف، أو خوف من أفكار مغايرة لما هو سائد، و عند الاطمئنان بأنها أعجبت الآخر و لم تغضبه (عكس ما كان متوقعا)، يأتي الاعتراف بعدها دون خوف.
ربما فوز مسلسل الاجتياح بجائزة إيمي، سوف يحفز البعض من أصحاب القرار و التنفيذ في ميدان الدراما العربية على خوض مجال الدراما الموجهة للقضية الفلسطينية و بنفس طريقة الاجتياح، هذا في أحسن الحالات، و هذا ربما أهم مكسب نكسبه بعد هذا الفوز، أما أن ننتظر أن يفهم هؤلاء الدرس جيدا، و يركبوا حصان التغيير، فهذا ما يعتبر حصوله بعيدا جدا، و حصان التغيير حسب ما يبدو، لا زال محتجزا، و لن ينطلق غدا.
_________ناشط اجتماعي جزائري
djameleddine1977@hotmail.fr