يفرض حضوره في أي مكان يحل به ، معروف بحساسيته المرهفة ومواقفه الجريئة تجاه ما يجري على الساحة الفنية ، إنه الفنان بسام كوسا الممثل والكاتب والنحات والمخرج المسرحي ، خريج كلية الفنون الجميلة - قسم النحت، خلال تواجده في مهرجان جبلة الثقافي الخامس لمشاركته في ندوة حول الدراما التقيته وكان الحوار التالي :
خطورة
o كيف ترى وضع الدراما في الوقت الحاضر...؟
مثل أي سنة أخرى .. فالدراما هي فعل بشري وتمر بخط بياني مضطرب،يهبط في عام ، ويصعد في عام آخر وهذا أعتبره ظاهرة صحية ، وأرى أن داخل الدراما السورية كل عناصر تطورها ، وفي داخلها كل عناصر هبوطها ، وهناك قسم كبير يحاول أن يدفع باتجاه تطوير هذا النوع من الفن وهناك آخرون ، بقصد أو غير قصد يسحبوها نحو الخلف ،ويجب أن لا ننسى أن الدراما مرتبطة بالقرار السياسي في كل العالم ، ورغم كل ما يجري حولنا ما زالت تطرح الدراما السورية إلى الأسواق العربية بشكل أقوى وجيد وهذا ما يدعو للتفاؤل، وهذا يضعنا أمام مسؤوليات عديدة أمام هذا النوع من الفن كي نستدرك أخطائنا وكي لا نقول في يوم من الأيام يا ليتنا فعلنا كذا ....
لكن الخطورة أن هذا الفن أصبح مغرياً لرؤوس الأموال و بالنسبة لدول وتحديداً دول الخليج التي كانت تقدم التمويل من أجل إنتاج عمل درامي سوري ، الآن بدأت تفكر بما أنها تقدم الأموال لماذا لا تقدم الأفكار وتفرض عليها ما يجب أن تقول .
o ما هو دور الدراما في المجتمع ...؟
مهمة الدراما أن تلقي الضوء على مسالب المجتمع فتقول أن في المكان الفلاني مشكلة، لكنها لا تقدم حلولاً وهذا ليس من مسؤولياتها بل مسؤولية الجهات المعنية -إذا كانت جادة- تقوم بإيجاد الحلول وإصلاح الخلل ،وكذلك تطرح الدراما آمال وآلام وطموحات المجتمع.
سطحية وممطوطة
o ما رأيك بما يقدم من أعمال تركية .. ؟
الشركة التي تستقدم الأعمال التركية لا تمتلك إحساس المسؤولية تجاه الدراما السورية ، لديها إحساس ومسؤولية فقط تجاه ما ستجنيه اقتصادياً باعتبارها حالة ربحية ، وهم يجلبون الأعمال الرديئة والأرخص والأقل جودة فتكون الإساءة مضاعفة فهي إساءة للذوق العام عندنا ،وأيضاً فيها إساءة للدراما التركية نفسها ، فهنالك أعمالاً تركية أهم بكثير مما يأتون به ، ومشكلة ما يقدم حالياً من أعمال أنها سطحية وممطوطة لأن هدف صناعتها مادي وتسويقي ، أنا لست ضد استقدام أعمال من أي مكان تركي .. مكسيكي ..ياباني ، لكن شريطة أن تكون أعمالاً لبقة ومبينة بطريقة فنية عالية وتطرح قضايا جيدة ، فالجودة هي المعيار والحكم والمقياس ، والغريب والمدهش في الأمر أن لنا زملاء شركاء بهذا العمل وهم على الدوام يحكون عن الفن النظيف .
o ما هي أبعاد تأثيرها على الدراما السورية وهل هي غيمة صيف عابرة ..؟
قد تكون غيمة وقد لا تكون ، ومرت علينا فترة مشابه من الأعمال المكسيكية ، لنترك الأمر حتى يأخذ حده وبعده ، لأنه لا يمكن أن تقول لأحد أن يتوقف ، فإذا لم يكن لديه وازع وضمير مهني وإنساني تجاه المكان وتجاه الشيء الذي يقوم به لا يمكن أن تزرعه به. و ما داموا هم " مستمرقين " هذه الحالة سيظلون يستقدمون مسلسلات جديدة .
همروجة
o وكيف ترى وضع السينما وإلى متى ستبقى في قفص الإهمال..؟
لم يبق من السينما غير المهرجان السينمائي ، وحتى الآن لم تستطع المؤسسة العامة للسينما أن تحقق أي شيء ايجابي باستثناء هذه الهمروجة التي تصنعها في افتتاح مهرجان دمشق السينمائي ، وإدارة هذه المؤسسة على مدى طويل لم تؤد إلا رداءة بالإنتاج كماً ونوعاً ، وإذا ثبت أني مخطئ فأنا مستعد للاعتذار أمام كل الصحافة .
لذلك أمر السينما لم يعد يعنيني ، نعمل بالتلفزيون ونترك السينما إلى هذه المؤسسة ومن يديرها .
o وماذا بالنسبة للمسرح ..؟
دائماً نقول بأن هذه فنون لها حساسيتها وتحتاج لمؤسسات لرعايتها ، وهذه المؤسسات يبدو أنها ليست متفرغة لهذا الموضوع ، أو أنها مهتمة بأشياء أخرى ، فالمسرح في بلدنا وحتى عربياً يعاني من انحسارات وكذلك السينما ،حيث لا يوجد دفاعات وحماية وهذا هو دور القطاع العام بكونه حماية وطنية ، وعندما يكون هذا القطاع مساهماً بتأكيد وتعميق الأزمة فهنا الطامة الكبرى ويصبح "بلاه" أفضل . فالتلفزيون العربي السوري مهمته ليس فقط للإنتاج لكنه حماية وطنية من رأس مال قادم ومن أفكار قادمة ويؤمن فرص عمل للناس والتي أصبحت مساحتها عريضة جداً .
حراك
o كيف ترى حالة المهرجانات ... ومن بينها مهرجان جبلة الثقافي ..؟
هذا المهرجان هو واحد من النشاطات الهامة والجديرة أن تقدم لها كل الإمكانيات وكل المساهمات ، سيما وأنها أهلية وبالتالي ممكن أن تعبر عن وجهات نظر عديدة بالمجتمع بطريقة نبيلة وراقية وحتى لو لم تكن رسمية ، وألاحظ بأن هنالك اهتمام من المؤسسات الرسمية لتفعيل هكذا نشاطات ومهرجانات والتي تؤدي إلى نوع من الحراك الثقافي والجمالي والإبداعي والاحتكاك مع الآخر وتبادل وجهات النظر ، فهذا الإصرار من جمعية عاديات جبلة لتفعيل مهرجان جبلة الثقافي والذي يهدف لتحقيق حالة ثقافية في المجتمع هو بمثابة انعكاس لروح الأمة وتفعيلها وتحسين المزاج العام ....، فالمجتمعات التي ترى السينما والمسرح والفن التشكيلي وتسمع الشعر والموسيقى هي في روحها مختلفة عن المجتمعات التي لا تتعامل مع هذه الفنون .
o أين وصلت هوايتك في كتابة القصة ..؟
شكراً لكلمة هوايتك ... لأني فعلاً هاوي كتابة قصة قصيرة والمقالة إن كانت سياسية أو فنية أو ثقافية ، وهي نوع من النشاط الإنساني أحاول أن أبدي رأي من خلاله ...لم أصدر سوى مجموعة قصصية واحدة "نص لص" وهي عمرها حوالي عشر سنوات ، وأفكر بإصدار مجموعة أخرى لكن تحتاج إلى وقت ... قسم منها مكتوب .. والقسم الآخر ينتظر الفرج .... فأنا أترك الأمور عفو الخاطر دون أي قسر.
أمل ما فيه
o ما هو مصير " أمل ما فيه "...؟
نفكر بإقامة جزء ثاني ،لكن متى لا أدري ، حيث يجب أن تتحقق وتتوفر مجموعة من الشروط كي تكون بمستواها أفضل من الجزء الأول .....
o ما هي آخر أعمالك...؟
انتهيت مؤخراً من تصوير مسلسلين تلفزيونيين ، الأول سحابة صيف من تأليف إيمان سعيد وهي كاتبة جديدة ، وإخراج مروان بركات ويطرح مجموعة من الإشكالات المعاصرة بخطوط متعددة لشرائح مختلفة من المجتمع إن كان على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو التربوي أو الإنساني ، كما يحكي عن آلام وآمال وطموحات هذه الفئات بشكل عام ، وأعتقد أن هذا العمل يحترم عقل المتلقي .
أما المسلسل الثاني " زمن العار " تأليف حسن سامي يوسف ونجيب نصير ويتناول العار والذي هو مفهوم حساس وخطير جداً ، ويرتبط في مجتمعاتنا فقط بالأسباب الجنسية ، في حين كل العار المحيط بنا لا يؤخذ بعين الاعتبار بما يتضمنه من فساد على كافة المستويات والمجالات ، فهذا العار يغض الطرف عنه وهو مقبول ومسموح أما العار في الإطار الجنسي يشكل المسألة الشائكة الوحيدة التي تؤثر بالمجتمع .
و حالياً بصدد العمل بالجزء الثاني لـ"بيت جدي"والذي سيعرض خلال فترة شهر رمضان الكريم .