آخر الأخبار

"العنّاب"معجزة نباتية عمرها آلاف السنين

تمتلئ المرتفعات الجبلية في المنطقة الساحلية في الموسم الحالي بأشجار العناب المثمرة التي تزين أشكالها الجميلة مختلف قرى اللاذقية و حقولها و بساتينها وهو من أغلى الفاكهة الموسمية لطيب مذاقه وقيمته الغذائية العالية بالإضافة إلى صعوبة جنيه وطول مدة قطافه التي تتطلب مراحل عدة تستهلك الكثير من الجهد و الصبر و الوقت.

وقال المهندس الزراعي معتز بغداد إن العناب هو نبات جبلي شائك متطاول الأوراق يصل ارتفاع الشجرة منه إلى عشرة أمتار في بعض الأحيان وهو من النباتات المعمرة حيث يصل عمر الأنواع الجيدة منه إلى ما يزيد على مئة عام تأخذ ثماره شكل عناقيد تتحول كل ثمرة من اللون الأخضر إلى الأصفر لتصبح لدى اكتمال نضجها متماوجة اللون بين البني و الأحمر و هي بيضوية الشكل ذات لب أبيض هش شبيه إلى حد كبير بلب التفاح.

و أضاف بغداد أن زراعة العناب لا تتطلب الكثير من الجهد لكن جنيه يتطلب تعاون كافة افراد العائلة إذ غالباً ما ينمو هذا النوع من الأشجار بريا معتمدا على ماء المطر في سقايته رغم أنه بدأ يدجن في السنوات الأخيرة وتسعى العديد من البيوت الريفية إلى زراعته في فناء المنازل أو الحقول القريبة لكونه بات يشكل مصدراً للرزق لكثير من العائلات بسبب ارتفاع ثمنه.

و نوه إلى أن أسباباً أخرى تدفع إلى تدجين هذه الشجرة منها انخفاض تكاليف زراعتها ولاسيما و أن العناب من الأشجار التي قلما تصاب بالأمراض التي تأتي على باقي الأنواع النباتية المثمرة و ربما تكون ذبابة البحر المتوسط هي الداء الوحيد الذي يصيب ثمرة العناب في وقت محدد من العام و لذلك يعمد المزارعون إلى رش الشجرة بالمبيدات المناسبة لمرة واحدة فقط خلال العام تسبق موعد إقبال هذه الذبابة التي تصيب الثمرة مشكلة في ما بعد دودة في داخلها.

ولفت بغداد إلى أن غلاء العناب يعود إلى صعوبة قطافه بالدرجة الأولى حيث تعتبر الأشواك الحادة و الطويلة التي تتخلل أوراقه عائقاً أمام الجني السريع والسهل للثمار التي تنضج بدورها بشكل متفاوت ما يتطلب من الفلاح أن يختار الثمار الناضجة لقطفها و ينتظر الأخرى مدة كافية من الزمن لجنيها و هو ما يجعل الشجرة الواحدة تحتاج إلى الكثير من الأيدي العاملة ليتم قطف ثمارها تباعا و على مراحل زمنية مختلفة قد تصل إلى خمس مرات خلال الموسم ذاته.

وأوضح بغداد أن سعي الكثيرين من منتجي العناب و مسوقيه إلى تصديره للبلاد العربية والأوروبية في الخارج يعتبر سبباً مهماً إضافياً لارتفاع ثمن الكيلو الواحد و الذي يصل في بعض الأحيان إلى 150 ليرة سورية و يتضاعف هذا المبلغ مرات عدة في الأسواق الخارجية ما يشجع المزارعين على تصدير هذه الثمار موسمياً وخاصة إلى دول الخليج العربي ولاسيما أن الثقافة الطبية الحديثة للمستهلك عموما أكدت على القيمة الدوائية و الوقائية للعناب.

وأضاف علان أن ثمار العناب تقوي الجهاز المناعي للإنسان لاحتوائه على فيتامينات إي و سي و بي التي تعزز المناعة إلى جانب عناصر أخرى مهمة للجسم مثل الصابونينات و الفلافويندات و السكريات و معادن الكالسيوم و الفوسفور و الحديد مشيراً إلى أن العناب يستخدم للوقاية و العلاج من أمراض القلب و تصلب الشرايين إذ يساهم في تخفيض نسبة الكولسترول الضار في الجسم و أيضاً الشحوم الثلاثية التريغليسريدس ويعتبر عاملاً مليناً للأوعية الدموية .. كما ينفع في معالجة الأمراض الصدرية و أمراض الحنجرة و الربو إذ يخفف من خشونة و جفاف الحلق و يهدئ السعال و الإحساس بالحرقة الصدرية.

ولفت علان إلى أن هذه الثمرة تفيد في تسكين أوجاع الكلية و المثانة و الآفات الرئوية وخاصة إذا تم تناوله على معدة فارغة من الطعام و هو كذلك يحسن من عمل الكبد خلال عدة أسابيع إذا تم أكله بانتظام و يحسن المزاج و يخفف التوتر العصبي و يقي من قرحة المعدة و يقلل الشعور بالغثيان و يقوي العضلات و يخفف آلام الصداع ولاسيما الأوجاع النصفية منه و المعروفة بالشقيقة.

وأوضح علان أن العسل المعروف بعسل سدر العناب يفيد في تنشيط عمل البنكرياس في الجسم و تحسين آلية عمل خلاياه ما يساعد على تخفيض نسبة السكر في الدم لكون العسل الطبيعي يحوي على هرمون شبيه بالأنسولين و تجري حالياً العديد من الأبحاث لاختبار أهمية عسل سدر العناب و العديد من أنواع العسل الصيفي الأخرى التي تتسم بتركيبة مختلفة عن العسل الشتوي اعتماداً على نوع الرحيق و اكتشاف مدى قدرتها على مساعدة مرضى السكري لدى تناوله بجرعات محددة لم يتم الإعلان عنها بعد.

بدورها ذكرت خبيرة الأعشاب ميسون شرمك أن الزيت المستخرج من بذر العناب و الذي يشكل 50 بالمئة من وزن الثمرة يعرف عالمياً بزيت الجوجوبا و يعتبر هذا الزيت اليوم من أهم المستخلصات النباتية التي تدخل في تركيب الأدوية النباتية التي باتت اليوم تعتمد كعنصر أساسي في تصنيع أدوية ومستحضرات دوائية وتجميلية لعدد من شركات و معامل الأدوية.

و أضافت شرمك أن زيت الجوجوبا يدخل اليوم في مختلف مستحضرات العناية البشرة لما يحتوي عليه من خصائص و مكونات شبيهة بتلك التي تفرزها البشرة لدى الإنسان و لذلك فإن هذا الزيت يساعد على ترطيب الجلد و تأخير شيخوخته و مكافحة كافة أنواع البكتريا التي تصيب الجلد لاحتوائه على مضادات خاصة بهذه البكتيريا و لذلك فإنه يكافح و يؤخر الخطوط و التجاعيد الدقيقة التي تبدأ بالظهور على الوجه بعد سن الثلاثين مشيرة إلى قدرة زيت الجوجوبا على تنشيط خلايا الجلد و محاربة أعراض التقدم في العمر خاصة إذا تم استخدامه بانتظام.

ولفتت شرمك إلى أن مستخلص العناب من الزيت يساعد على معالجة الشعر التالف و المجهد بتدليك فروة الرأس بمعايير محددة من الزيت بعد تمديده بمستخلصات نباتية أخرى و تركه لعدة ساعات على الشعر كحمام زيت قبل غسيله مؤكدة أن تكرار هذا الأمر أسبوعياً يساعد على تقوية بصلات الشعر و تنشيط خلايا فروة الرأس خلال ثمانية أسابيع ليستعيد الشعر رونقه و لمعانه من جديد.

وأشارت إلى أن هذا الزيت يعمل بشكل فعال جدا في علاج الجروح و التقرحات الجلدية و بعض الأمراض الأخرى كالأكزيما و الفطريات و جفاف الجلد و تشققه من خلال التركيبة و الخواص الشمعية الطبيعية التي يمتلكها وخاصة أنه زيت سهل الامتصاص بالنسبة للبشرة و يوفر لها حماية طبيعية من المؤثرات و العوامل الجوية الخارجية. ( رنا رفعت -سانا)