نتائج الانقلاب الثاني وأسباب الخروج من سوريا
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند ما حدث من صراع بعد الانقلاب الثاني الذي قدته في 28 مارس/ آذار عام 1962 والانقسام الذي حصل في الجيش والقرارات التي توصل إليها الضباط لإبعادك لكنك قلت إن هناك اجتماعا آخر لم يتطرق إليه أحد في مذكراته أن قرار إخراجك وإبعادك من سوريا كان قرارك أنت ولم يكن قرار الضباط في حمص.
عبد الكريم النحلاوي: هذا صحيح.
أحمد منصور: ما تفاصيل ما حدث؟
عبد الكريم النحلاوي: وقت وجدت على أنه صار عصيان في حمص وخشيت أن يكون هناك صدام مسلح وأنا العقبة أمامهم قلت لهم أنا ما أقدمت على 28 أيلول مشان أستلم الحكم، لو كنت أريد الحكم كنت من هداك الوقت استلمت الحكم في سوريا والجيش تقريبا كله كان مؤيدا لوضعي لذلك أنا فضلت أن أبتعد فترة زمنية عن البلد خارج سوريا حتى أفشل مشروع عبد الناصر في تدخله في سوريا لأن كل العمليات اللي صارت في حلب كلها كانت بدافع من عبد الناصر.
أحمد منصور: أما تعتقد أن حركة 28 مارس/ آذار هي التي أدت إلى عصيان 31 مارس/ آذار في حمص وحلب؟
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا، الوضع كان في سوريا معقدا، لو لم أقم أنا في 28 آذار لكان قام بعض الحزبيين وبعض الكتل الثانية في هذه العملية وكانت النتيجة ستكون أسوأ بكثير مما حصل.
أحمد منصور: السمان انتقدك بشدة، مطيع السمان في مذكراته وقال "كان عمل النحلاوي ومن سار في ركابه في 28 مارس/آذار عام 1962 مثل الحجر الذي يبقيه غير مدرك في مستنقع ماء راكد آسن هو الذي أفسده بيده فسبب بعمله الطائش تصاعد الروائح الكريهة وتطاير الذباب".
عبد الكريم النحلاوي: إني آسف أن يتكلم مطيع السمان بهالعبارات السيئة جدا لأن السبب في هذه الكلمات لأنه أبعد عن مركز القيادة وكان بيتوقع أن يكون في مجموعة الضباط القيادة لذلك أبعد وعين مدير الأمن العام بعيدا عن قيادة الجيش.
أحمد منصور: إذا ده وصف منتقديك، وصفك أنت إيه لانقلاب 28 آذار؟
عبد الكريم النحلاوي: 28 آذار كان عبارة عن تصحيح لوضع السياسيين وخشية من عودة عبد الناصر إلى سوريا لأنه في هديك الفترة صار في له أتباع كثيرون في سوريا للأسف بسبب سوء تصرف السياسيين، هذا الموضوع منقول إنه ليش تدخل العسكريين، لو لم يتدخل العسكريون في 28 آذار لكان عبد الناصر عاد لسوريا بمذبحة أو بفتنة كبيرة.
أحمد منصور: نتائج 28 مارس/ آذار العصيان الذي وقع في حمص وحلب ورجوع السياسيين مرة أخرى وإبعادك إلى خارج سوريا ألم يكن هذا فشلا لانقلاب 28 آذار؟
عبد الكريم النحلاوي: لم يكن إبعادي خارج سوريا وإنما خرجت من سوريا بإرادتي الشخصية.
أحمد منصور: حتى لو خروجك بإرادتك ألم يكن هذا دليلا على أن هذا الانقلاب يعتبر انقلابا فاشلا؟
عبد الكريم النحلاوي: حسب رأي بعض الناس، بعض..
أحمد منصور (مقاطعا): هل حقق أهدافه؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، ما حقق أهدافه بدليل..
أحمد منصور: فاشل.
عبد الكريم النحلاوي: حقق أهدافه بإعادة ناظم القدسي اللي كنا طلبنا منه بقاؤه في الحكم وتشكيل حكومة حيادية، إذاً عاد ناظم القدسي كرئيس جمهورية وشكل حكومة حيادية برئاسة بشير العظمة..
أحمد منصور (مقاطعا): يُنظر إلى هذه الحكومة.. كثير من السياسيين كتبوا عن هذه الحكومة التي أسسها بشير العظمة بأنها لم تكن حكومة دستورية لأن الحكومة الدستورية كانت حكومة معروف الدواليبي التي اختيرت من مجلس نيابي منتخب.
عبد الكريم النحلاوي: كل سياسي يتكلم كما يشاء، السياسيون يتعارضون بأفكارهم وبيتبادلوا آراء متناقضة بين بعضهم، أساسا معروف الدواليبي كانت لعبة من قبل ناظم القدسي باعتبار قلنا له نحن الوجوه القديمة يجب أن نبتعد عنها ونعتمد على الوجوه الجديدة ذات الكفاءة العالية من الشباب، للأسف رجعوا عينوا نفس الوجوه القديمة وهي الأمور اللي سببت المصائب فيما بعد ووصلنا لـ 28 آذار.
أحمد منصور: هم دول الناس الموجودون في البلد، حيجيبوا لك ناس منين؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، عفوا، صار في كثير شباب مثقفين وأكفاء من مختلف الاختصاصات..
أحمد منصور (مقاطعا): الحكم قصة ثانية..
عبد الكريم النحلاوي (متابعا): أما نرجع للسياسيين اللي كانوا في الخمسينات وهم سببوا المصائب وبعهدهم صارت الانقلابات يردوا يرجعوا للحكم بنفس العقلية وبنفس المسير، هم اللي سببوا قسما كبيرا من المآسي اللي حصلت في سوريا.
أحمد منصور: يعني أنتم عايزين سياسيين جدد يكونوا ألعوبة في أيديكم أنتم العسكريين..
عبد الكريم النحلاوي: لا، إطلاقا، نحن كنا بنريد شبابا مثقفا كفوئين يقومون بإدارة البلد وحكم البلد بكل إخلاص وبكل تجرد.
أحمد منصور: هل القرار قرارك أنت بأن تخرج من سوريا ثم قرار الضباط اللي اجتمعوا في حمص بخروجك من سوريا يعطي إشارة على أن عبد الكريم النحلاوي أصبح هو العقبة أمام استقرار الأوضاع في سوريا؟
عبد الكريم النحلاوي: ما استقرت الأوضاع يعني..
أحمد منصور: لا، القرار هذا أما يدل أنك..
عبد الكريم النحلاوي: لأن القطعات في قطنا كلها رفضت خروجي وإنما خرجت أنا..
أحمد منصور (مقاطعا): بعدين، لكن في الوقت ده لما خرجت في 2 أبريل 1962 القطعات رفضت؟ ما حدش رفض، الرفض جاء بعدين في يناير لما..
عبد الكريم النحلاوي: الرفض بعدين كان أثره بعدين..
أحمد منصور: لا، أنا بأسألك عن 2 أبريل يوم ما خرجت.
عبد الكريم النحلاوي: 2 أبريل طبعا اجتمعوا الضباط في قسم كبير منهم في قسم منهم اللي اجتمعوا بحمص طبعا أرادوا أن يحلوا هالمشكلة لربما إذا خرجت من سوريا ممكن تهدأ الأوضاع ويفشل عبد الناصر في مخططه وهذا الواقع..
أحمد منصور (مقاطعا): يعني عبد الناصر كان قاصدك أنت تحديدا؟
عبد الكريم النحلاوي: كان قصد عبد الناصر أنا تحديدا أنه إذا أنا خرجت ممكن يحقق هدفه بالعودة إلى سوريا ولكن خاب أمله لأنه ذكرنا في حلب كيف أن الإذاعة اللي استولى عليها جاسم علوان وبدأ يناشد عبد الحميد غالب في بيروت من أجل إرسال الأسلحة وإرسال الأموال لهم ولكن كمان فشل في هدفه.
أحمد منصور: ما أنتم نسفتم الإذاعة بالطيران.
عبد الكريم النحلاوي: نسفنا الإذاعة حتى نعيد الوحدة لصفوف الجيش كلها.
اللقاءات مع وفود عبد الناصر خارج سوريا
أحمد منصور: في 2 أبريل 1962 غادرت مع رفاقك من مطار دمشق، كانت الساعة الرابعة بعد الظهر. من كان معك؟
عبد الكريم النحلاوي: كان معي عبدالغني دهمان، منيب هندي، هشام عبد ربه، زهير حموي، ممدوح حناوي وضباط آخرون، تسعة تقريبا تسعة ضباط.
أحمد منصور: هل أنت اخترت الوجهة التي ستذهب إليها؟
عبد الكريم النحلاوي: كنا أردنا أن نخرج رحنا لسويسرا تقريبا قعدنا 24 ساعة بعدين رحنا لألمانيا ومجرد ما وصلنا لسويسرا وجدنا مخابرات المصرية تلاحقنا.
أحمد منصور: مستنينك هناك.
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: إيه اللي صار من المخابرات المصرية؟
عبد الكريم النحلاوي: والله انفردوا بأحد زملائنا وهو هشام عبد ربه وبدؤوا بقى يأخذون ويعطون معه على أساس هم صحفيون ولكن بالواقع كانوا هم مخابرات رغم أنني حذرت زملائي كلهم أصدقاءنا أن لا يتعاطوا مع أي إنسان غريب يلتقون هم وإياه، ردوا كمان لاحقونا ببون وقت وصلنا لألمانيا..
أحمد منصور (مقاطعا): لا، أنا عايز أقف عند سويسرا دلوقت.
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: أنتم إزاي ناس عسكريون والمفروض ناس منضبطون وأنت قلت لزملائك ما يتعاطوش مع حد وراحوا هؤلاء إذا كانوا مخابرات أو صحفيين مصريين جلسوا معهم والصحف المصرية استندت إلى هذه المقابلة بعد ذلك وكتبت أنكم أخذتم عشرين مليون دولار من السعودية.
عبد الكريم النحلاوي: عشرة ملايين.
أحمد منصور: ما هم عشرون.
عبد الكريم النحلاوي: بيجوز ضاعفوهم وأخذوا العمولة معهم!
أحمد منصور: في عشرة راحوا، من اللي أخذ العشرة الثانية؟!
عبد الكريم النحلاوي: عمولة العشرة ملايين، نعم!
أحمد منصور: الخطأ اللي ارتكبه..
عبد الكريم النحلاوي: الصحافة المصرية إذا بتراجع الصحافة المصرية بتلاقي قسما كبيرا منها نسبة كبيرة منها بتلاقي تضليلا ونفاقا وتشويها للحقائق للأسف وما زالت.
أحمد منصور: أنتم بتعتبروها كده لكن هي سلاح في أيدي من يستطيع أن يستخدمها.
عبد الكريم النحلاوي: هي سلاح قوي جدا إذا كان أحسن استخدامه للمصلحة العامة ولكن للأسف يسخر لمصلحة أشخاص وحكام، هذا الواقع.
أحمد منصور: كنتم ناويين يعني الخروج اللي أنتم خرجتم فيه الآن كان إبعادا كان تعيينا دبلوماسيا كان إجازة، كان إيه بالضبط؟
عبد الكريم النحلاوي: خروجنا كان بإرادتنا حتى تهدأ الأوضاع ويفشل عبدالناصر في مخططه اللي قام به في حلب.
أحمد منصور: إيه الغطاء بتاع الخروج؟ أنا بأسألك أجازة، مهمة رسمية؟ كنتم خارجين أنتم تسعة ضباط اللي أنتم متخصصون في الانقلابات الآن.
عبد الكريم النحلاوي: ما متخصصين، نحن عملنا..
أحمد منصور (مقاطعا): أنتم عملتم انقلابين في ستة أشهر.
عبد الكريم النحلاوي: لا يعتبر الانقلاب الثاني انقلابا، عبارة عن حركة تصحيحية إذا أردنا نسميها تعديل..
أحمد منصور (مقاطعا): وفشلت وأدخلت البلاد في فوضى.
عبد الكريم النحلاوي (متابعا): لم تتدخل القوات المسلحة إطلاقا في هذه الحركة إطلاقا.
أحمد منصور: أنتم نسفتم الإذاعة بالطيران ويقال إنك طلبت تحريك قطعات من الجيش لضرب الذين تمردوا في حمص وفي غيرها.
عبد الكريم النحلاوي: صحيح، صحيح.
أحمد منصور: يعني كده كنتم عايزين تعملوا مجزرة بين الجيش السوري بينه وبين بعض.
عبد الكريم النحلاوي: لا، لأن عبدالناصر دائما ما هادننا من 28 أيلول وحتى الساعة الأخيرة وهو يلاحقنا ويحاول إثارة الفتن والمذابح في سوريا.
أحمد منصور: الانقلاب الكبير الأساسي 28 أيلول/ سبتمبر 1961 تم بدون إراقة دماء، الآن أنتم عايزين تريقوا دماء وتدخلوا في مصادمات بين الجيش السوري وبعضه؟
عبد الكريم النحلاوي: ما حصل الشيء هذا إطلاقا، حلنا دون حصول هالإراقة الدماء باصطدام الجيش مع بعضه.
أحمد منصور: ما جاوبتنيش على السؤال، ما هو الغطاء لخروجكم أنتم التسعة من سوريا؟ الغطاء إيه، كنتم في مهمة رسمية في إجازة رايحين ألمانيا تعملوا إيه؟
عبد الكريم النحلاوي: الابتعاد مؤقتا خارج سوريا حتى تهدأ الأوضاع وتستقر، يعني..
أحمد منصور (مقاطعا): من الذي شجعكم على الخطوة دي؟
عبد الكريم النحلاوي: والله أنا بنفسي أنا بإرادتي.
أحمد منصور: أما كنت تعتقد أن هذا الخروج يمكن أن يكون خروجا نهائيا ولا تتمكن من العودة إلى سوريا مرة أخرى؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، لا أعتقد إطلاقا..
أحمد منصور: ليه؟
عبد الكريم النحلاوي: وكنت أجزم وأفكر بأنني أستطيع العودة إلى سوريا في الوقت الذي أشاء لأن القطعات كانت كلها تقريبا وهذا واقع كانت موالية معي وخاصة قطعات قطنا، وأثبتت الأحدث ذلك.
أحمد منصور: حأجي لك بالتفصيل. أعيد ناظم القدسي رئيس لسوريا في 14 أبريل عام 1962، تم الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين الذين وضعتموهم في السجون، كلف الدكتور بشير العظمة -وهو كان وزير الصحة في حكومة الوحدة وله نوادر كثيرة في مذكراته حول هذا الموضوع- كلف بتشكيل حكومة وأعلنها في 16 أبريل عام 1962، لكن أيضا الأوضاع لم تستقر.
عبد الكريم النحلاوي: لأن عبد الناصر لا..
أحمد منصور (مقاطعا): تاني عبد الناصر!
عبد الكريم النحلاوي: لا يريد أن تستقر سوريا.
أحمد منصور: يعني لو واحد -عفوا- انزلق في شارع في دمشق حيقولوا عبد الناصر هو اللي حط له قشرة موز اتزحلق فيها!
عبد الكريم النحلاوي: عبد الناصر صار له أعوان نتيجة الفلوس اللي كان يدفعها..
أحمد منصور (مقاطعا): يعني تعليق كل الأمور على عبد الناصر لتبرئة ساحتكم أنتم..
عبد الكريم النحلاوي (متابعا): وبعدين في فئة من الضباط كمان بيتأثروا من الوحدة أنه الوحدة صار في الانفصال وهم كمان بيرغبوا بوجود الوحدة يعني عناصر كانوا إذا أردنا نسميهم عملاء وعناصر كانوا مخلصين في اندفاعهم لموضوع الوحدة يعني مو كلهم كانوا سيئين إطلاقا.
أحمد منصور: الآن وضع عبد الناصر شماعة لكل أخطائكم أنتم العسكريين والسياسيين في سوريا بعد الانفصال هو نوع من الهروب من تحملكم أنتم للمسؤولية.
عبد الكريم النحلاوي: لا، الأحداث اللي حصلت في العالم العربي غير سوريا تثبت وتؤكد على أن عبد الناصر هو أساس هذه الأحداث كلها اللي مرت وذكرتها سابقا إن كان بالعراق أو باليمن أو بلبنان أو الجزائر أو خلافه.
أحمد منصور: انتقلتم من سويسرا إلى ألمانيا، هل صحيح بدأ اتصال عبد الناصر بكم بعد وصولكم إلى ألمانيا مباشرة؟
عبد الكريم النحلاوي: صحيح.
أحمد منصور: إيه أول اتصال تم؟
عبد الكريم النحلاوي: أول اتصال كان من الوزير اللي كان سفيرا بفنزويلا..
أحمد منصور: وفيق إسماعيل؟
عبد الكريم النحلاوي: وفيق إسماعيل وكان ملحقا عسكريا حمد حاتم ببون وكنا ساكنين نحن في فندق بسيط جانب..
أحمد منصور: السفارة.
عبد الكريم النحلاوي: الملحق العسكري.
أحمد منصور: طبعا أنتم كنتم تعتبرون لسه جزءا من الحكومة السورية؟
عبد الكريم النحلاوي: إيه نعم.
أحمد منصور: فبتتعاملوا مع السفارة في المكان اللي بتروحوا فيه.
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: لا زال مرضيا عنكم.
عبد الكريم النحلاوي: اتصل معي العميد حمد حاتم الملحق العسكري وقال لي في العميد فلان بيريد يتصل معك..
أحمد منصور: وفيق إسماعيل.
عبد الكريم النحلاوي: وفيق إسماعيل..
أحمد منصور: وفيق إسماعيل سوري طبعا.
عبد الكريم النحلاوي: سوري، رحبت به واجتمعنا في مكتب الملحق العسكري.
أحمد منصور: ماذا دار بينكم وبين وفيق إسماعيل؟
عبد الكريم النحلاوي: دار بيننا وبين الوزير هذا العميد أن عبد الناصر ما كان له خطة أو ما كان له هدف بما حصل في حلب فتنة حلب، قلت له نحن اتفقنا أساسا وبعثنا وفدا لعبد الناصر نخفف أو نقطع هالمهاترات اللي كانت الإذاعية والإعلام ما قبل وبعثنا له الوفد أول مرة وثاني مرة مشان إعادة العلاقات كمان ما قبل إلى أن عمل الفتنة هذه في حلب وقام فيها جاسم علوان للأسف وانفصلت الإذاعة وبدأ يذيع الجمهورية العربية المتحدة ويناشد عبد الحميد غالب سفير مصر في بيروت من أجل تزويده بالسلاح وبالعتاد، طبعا هذه عبارة عن غدر نحن عم نحاول نتفاهم مع عبد الناصر ونعمل تقارب من أجل إعادة الوحدة وهو بيغدر فينا وبيقوم بهالعمل هذا.
أحمد منصور: هل وفيق إسماعيل قال لك إنه جاي من طرف عبد الناصر ولا كان فقط جاي للدردشة؟
عبد الكريم النحلاوي: قال لي وفيق إسماعيل أنا أؤكد لك تماما أن عبد الناصر ما كان عنده علم بعملية حلب بالعصيان اللي قام في حلب، قلت له أنا بأؤكد لك تماما أنه كان هو له اليد الطولى في فتنة حلب بدليل أن جاسم علوان من أعوانه وهو اللي قام باحتلال الإذاعة وبمناشدة عبد الحميد غالب، لو ما كان في صلة كان ممكن يقوم بهالأعمال؟ حلف لي بشرفه أنه ما عنده خبر عبد الناصر، قلت له كيف عم تحلف بشرفك؟ قال لي امبارح أنا كنت عنده وهو كلمني بهالكلام هذا قمت أنا جاوبته بكلام قاسي جدا بحق عبد الناصر ما كان يتحمل حمل حاله وغادر المكان.
أحمد منصور: أنا سؤالي هنا، وفيق إسماعيل لما كان مع عبد الناصر قبل بيوم وطلب أن هو يشوفك هل هذا كان بطلب من عبد الناصر أم باجتهاد شخصي من وفيق إسماعيل؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، كان بطلب من عبد الناصر ليشوف وجهة نظري لأن عبد الناصر أدرك بعد ما خرجنا من سوريا على أنه نحن كنا مظلومين وكنا الوحيدين اللي كان لنا اتجاه سليم وصحيح في الوضع في سوريا.
أحمد منصور: عبد الناصر كان عايز منكم إيه؟ أنت خلاص بقيت بره سوريا لم يعد لك وجود في السلطة.
عبد الكريم النحلاوي: ما زالت القاعدة الأساسية القوية كلها في سوريا كانت تابعة لنا.
أحمد منصور: ماذا كان يريد عبد الناصر منك بالضبط؟
عبد الكريم النحلاوي: والله أنا ما سألت عبد الناصر في هالموضوع شو بيريد، أنا تقديري الخاص أنه بيريد كمان أن يسعى أن نتعاون نحن وإياه من أجل إعادة الوحدة رغم أنه نحن.. لأنه كثيرين أشخاص اللي قابلوا عبد الناصر إن كان وفيق إسماعيل أو جادو عز الدين أو أكرم ديري أو الأمير رشيد الخطابي..
أحمد منصور (مقاطعا): لا، أنا لسه جاي ما تسبقليش الأحداث.
عبد الكريم النحلاوي: نعم، إذاً كلهم..
أحمد منصور: أنا لسه الآن في أول اتصال تم معك في خلال أول أسبوعين أنت وصلت فيهم إلى بون، في خلال الأسبوعين دول أصدر عبد الكريم زهر الدين قراره بتعيينك أنت وزملاءك ملحقين عسكريين في بعض الدول وأنت رفضت هذا الأمر..
عبد الكريم النحلاوي: طبعا.
أحمد منصور: ليه؟ كان شعورك أن دي عملية إبعاد؟
عبد الكريم النحلاوي: عملية غدر هذه عملية غدر لأنه نحن طلعنا..
أحمد منصور (مقاطعا): غدر من عبدالكريم زهر الدين؟
عبد الكريم النحلاوي (متابعا): طلعنا بإرادتنا..
أحمد منصور: ما أنت اللي جبته.
عبد الكريم النحلاوي: لأن عبد الكريم زهر الدين بعدما خرجنا من سوريا عين معه أعوانه بعض ضباط يساريين وأصبحوا هدول اليساريون لهم تأثير كبير في توجيه زهر الدين لمصلحة الاتجاه اليساري يعني كان في توجيه زهر الدين وبنفس الوقت كان ناظم القدسي كمان له تأثير مع خالد العظم فيما بعد مع بعض الضباط في القصر الجمهوري يعني كان في صراع بدأ صراع جديد موجود في الحكم بدمشق.
أحمد منصور: صلاح نصر في الجزء الثاني من مذكراته عمل فصلا خاصا بعد كل اللي قاله عن الوحدة والانفصال لكن عمل فصلا خاصا مسميه "رأي النحلاوي في المنفى"، أنت قرأت ده؟
عبد الكريم النحلاوي: لا.
أحمد منصور: ما قرأتهوش. روى في هذا الفصل بالتفصيل الوفود التي أرسلها لك عبد الناصر وأنت موجود في ألمانيا، يقال إنه أرسل.. أو هو يقول إنه أرسل لك وفدين، لكن في وفد بقي عندك أسبوعا من 17 إلى 24 مايو 1962 في ألمانيا في بون، ونشر التقرير عن الوفد ده اللي كان فيه أكرم ديري وجادو عز الدين، طبعا دول كانوا من الوزراء العسكريين اللي كانوا مع عبد الناصر واللي كانوا أقاموا في سوريا، عبد الناصر بعث لك الاثنين دول واجتمعوا معك مرات عديدة..
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: قل لي بقى بالتفصيل إيه اللي دار بينك وبينهم.
عبد الكريم النحلاوي: بعد وفيق إسماعيل كمان اتصل معي أكرم ديري للمكان اللي أنا كنت نازل فيه بالفندق وقال لي أنا فلان بأريد أجتمع معك قلت له أهلا وسهلا لأن صلتي مع أكرم ديري وجادو عز الدين كانت صلة حسنة وجيدة وفي معرفة تامة وفي ثقة مطلقة بيني وبينهم، صار اجتماع في أحد المطاعم ببون وبدأنا نتبادل الأحاديث..
أحمد منصور: هل قال لك أنا جاي من عند عبد الناصر؟
عبد الكريم النحلاوي: قال لي أنا جاي طبعا مبعوثا من عبد الناصر، أوفدنا عبد الناصر لنلتقي معك ونجتمع معك وننظر في وضع الحالة في سوريا.
أحمد منصور: أنت كنت تعتقد أن عبد الناصر الذي كان أسدا جريحا في ذلك الوقت وأنت الذي تسببت له في هذا الجرح كان ممكنا أن يرجع يتحالف معك مرة أخرى وكبرياؤه الذي كان يهز فيه العروش العربية يهزها أمامك ولا كان بيستدرجك لشيء؟
عبد الكريم النحلاوي: أنا شخصيا بأعتبر نفسي بعيدا عن السياسة ما مارست السياسة بحياتي ولا انتسبت لأي حزب سياسي..
أحمد منصور (مقاطعا): كل اللي أنت بتعمله ده وما مارستش سياسة!
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا..
أحمد منصور: بتعين حكومات وبتشكيل حكومات ورئيس جمهورية..
عبد الكريم النحلاوي: قمت بعمل لتصحيح الأوضاع وإنما أجبرنا لاتباع هذا الأسلوب اللي لجأنا له إجباريا وابتعدنا عن سوريا ولم أتدخل في الوضع السياسي إطلاقا إلى أن جاءني أكرم ديري وجادو عز الدين وبدأنا نتحدث عن الماضي بتفاصيله وذكرتهم لأكرم ديري وجادو عز الدين عندما زرتهم قبل الانفصال في بيتهم وفي مركز الوزارة كمان وذكرتهم أنه كيف الأوضاع على فوهة بركان الأوضاع أصبحت سيئة جدا وممكن في أي يوم تنفجر ومفروض فيكم أنتم كوزراء وقريبين..
أحمد منصور (مقاطعا): وهم كانوا سلبيين جدا معك..
عبد الكريم النحلاوي: كانوا سلبيين لأبعد الحدود..
أحمد منصور: وأنت رويت لنا القصة بالتفصيل.
عبد الكريم النحلاوي: نعم؟
أحمد منصور: رويت القصة بالتفصيل كيف كانوا سلبيين هما الاثنان.
عبد الكريم النحلاوي: إيه نعم، قال هلق عبد الناصر اعتبر وفكر بإجراء إصلاحات، قلت له طيب شو المطلوب؟ قال المطلوب أنه مثلما قمت بـ 28 أيلول المفروض أنت تقوم باعتبار ما زالت القطعات تثق فيك وتؤمن منك لذلك أن تعمل على إعادة الوحدة بنفسك أنت، قلت له أنا لا أستطيع أن أعيد الوحدة وأغدر بالشعب السوري وبالجيش..
أحمد منصور (مقاطعا): يعني عبد الناصر الآن طلب منك الآن بشكل رسمي أن تعيد الوحدة بين مصر وسوريا بانقلاب جديد؟
عبد الكريم النحلاوي: مو بشكل رسمي..
أحمد منصور: ما هو قال لك الوحدات العسكرية معك.
عبد الكريم النحلاوي: يعني هو مسك عبد الناصر وعرف على أنه لا أحد يستطيع أن يعيد الوحدة إلا أنا موجود ورغم أنني موجود خارج سوريا، قلت له أنا لا أستطيع أن أقوم بغدر الشعب والجيش السوري وأنا قلت لكم قبل هلق عبد الناصر إذا بده يريد ترجع الوحدة يجب أن يصدر قرارات تصحيح أوضاع والحكم اللي كان ماشي فيه بسوريا، قال لي هو كان على وشك أن يقوم بإصلاحات ولكن أنت سبقته ما تركت مجال -هذا الكلام نفسه- ما تركت له مجال أن يقدم على هالخطوة هذه وبدأ في إقالة السراج من وزارة الداخلية، قلت له ما كان يمنع عبد الناصر بإجراء إصلاحات ولو بعد 28 أيلول، حتى الآن يستطيع أن يقوم بإصدار قرارات وإصلاحات تزيل في الإساءات اللي كانت ارتكبت وسببت مصير البلد لهالوضع هذا. طبعا هم رفضوا أن عبد الناصر ما بيستطيع يقوم بهذا، قلت لهم أنتم كنتم تستطيعون أن تقوموا بأي عمل وأنتم وزراء؟ هل كان عندكم إرادة وعندكم اتخاذ أي قرار؟ طبعا سكتوا في هالموضوع هذا وعرفوا على أنه كان لا إرادة لهم وهم وزراء، قلت لهم عبد الناصر لا يمكن أن تعود الوحدة كما كانت إلا إذا أقدم على إصدار قرارات بتصحيح الأوضاع اللي كانت سائدة، قال عبد الناصر لا يمكن أن يقوم بإجراء أي شيء إلا بعد أن تعود الوحدة يعني هذا كان ملخص الاجتماع..
أحمد منصور: يعني المطلب الأساسي لجمال عبد الناصر منك الآن وأنت في المنفى الاختياري يعني..
عبد الكريم النحلاوي: إعادة الوحدة بالشكل اللي بيريده هو ويعود إلى عمل ما أراد في الشعب السوري والجيش السوري.
أحمد منصور: وترجعوا ثاني تشيلوا العربية وتزحفوا على..
عبد الكريم النحلاوي: نعم هذا كان يفكر بهالموضوع هذا، نعم.
أحمد منصور: لكن أنت رفضت هذا.
عبد الكريم النحلاوي: أنا رفضت إلا يقوم هو في إصلاحات مبدئيا، وعاد أكرم ديري إلى بيروت وكان في ضباط خارجين من دمشق ضباط زملاؤنا وبدأ يجتمع معهم ويقول لهم أنا رحت اجتمعت مع عبد الكريم النحلاوي في ألمانيا ووافق على أساس إعادة الوحدة، أراد يخدعهم مشان حتى يرجعوا لسوريا كمان يقودوا الوحدات لإعادة الوحدة مباشرة مع عبد الناصر.
أسباب التخطيط للمحاولة الانقلابية الثالثة
أحمد منصور: صلاح نصر كتب، طبعا هم رجعوا هم الاثنان رفعوا تقريرا لعبد الناصر، صلاح نصر كان عنده نسخة من هذا التقرير وكتب ملخصا وموجزا لها في الفصل اللي كتبه تحت عنوان "رأي النحلاوي في المنفى" ومعظم اللي كتبه صلاح نصر هو خلاصة للي أنت أدليت به حوالين أسباب الانفصال في خلال الفترة الماضية، لمن أراد من المشاهدين أن يرجع لمعرفة ما نقله الوزيران إلى عبد الناصر وكمان لو أنت رجعت عشان تشوف بعد خمسين سنة قالوا إيه لعبد الناصر عن هذا الاجتماع اللي دار بينك وبينهم. إبعادك كملحق عسكري في باكستان، رحت أنت باكستان ورفضت أن تبقى وقررت أن تعود مرة أخرى إلى دمشق، عدت إلى دمشق غاضبا في أبريل 1962، لم عدت إلى دمشق؟
عبد الكريم النحلاوي: عندما التحقت بباكستان وجدت السفارة والملحق العسكري في وضع مزري جدا للغاية، للأسف أن أقدر أتكلم فيه بالوقت الحاضر، كان مكتب الملحق العسكري عبارة عن غرفة بسيطة متواضعة عادية في بناية في الطابق السفلي من إحدى البنايات وفيها الملحق العسكري أو القائم بالأعمال بهداك الوقت سعيد صباغ وكان من الضباط الاشتراكيين سابقا جماعة أكرم الحوراني يعيش مع سكرتيرة باكستانية تعلمه اللغة الإنجليزية ما كان يتعلم اللغة الإنجليزية معها ويدير بعض الأمور التافهة البسيطة، شعرت بتقزز وبألم جدا أن يكون مكتب الملحق العسكري لبلد سوريا بهالشكل هذا وطبعا وجدت نفسي كأنه أنا مبعد أو بمنفى لذلك قررت العودة إلى سوريا.
أحمد منصور: رجوعك أزعج المسؤولين السوريين.
عبد الكريم النحلاوي: وقت دخلت إلى سوريا تفاجؤوا في المطار طبعا رجال الأمن الموجودين خبروا أعتقد القيادة وأسرع اللواء نعمت كمال رئيس الأركان إلى المطار واجتمعت معه،قال لي كيف هيك يا عبد الكريم؟ قلت له والله أنتم بعثتوني على منفى ولا بعثتوني على شيء مؤسف في باكستان؟ قال كيف؟ قلت له وصفت له الوضع، قال لي طيب شو بتريد؟ قلت له أنا بأريد أرجع لبلدي كمواطن عادي ما بأريد أي منصب أو أي، قال لي بتعرف أنت إذا رجعت هلق بده يصير قلاقل ومشاكل، قلت له ليش؟ أنا إنسان عادي وخلص انتهينا من كل، قال لي لا يمكن لأن القطعات كلها لسه عم تنتظر مجيئك وما صدقنا إمتى الوضع استقر لحد ما، عودتك هلق بده يصير قلاقل ومشاكل بين الضباط، قلت له ليش هلق أنا إنسان عادي أنا ما بيحق لي أرجع لوطني؟ حاول بشتى الوسائل وحاول يغريني قال لي ودعاني يعني بأي شكل على أساس من أجل هدوء البلد واستقرارها أن أطلع وين ما بأريد..
أحمد منصور: الكل خائف منك.
عبد الكريم النحلاوي: والله ما موضوع خاف وإنما هذا الواقع شعوري أني ما بأريد أتدخل لا بالسياسة ولا بالجيش بأريد أرجع لوطني أعيش كمواطن عادي وإنما هم أرادوا هذا الوضع يعني هذا كان موقفهم بالنسبة لي.
أحمد منصور: ماذا كانت النتيجة؟
عبد الكريم النحلاوي: النتيجة أنني سافرت إلى المغرب..
أحمد منصور: أرسلوك ملحقا عسكريا للمغرب.
عبد الكريم النحلاوي: ملحق عسكري للمغرب، استقبلني السفير سهيل عشي وكان ضابطا في الجيش وبقيت عدة أيام كمان موجود معه..
أحمد منصور: طبعا من يوم ما العسكر سيطروا على السلطة في الدول العربية بقيت الخارجية عسكر بقيت الشركات عسكر بقيت الدنيا كلها عسكر..
عبد الكريم النحلاوي: والله هذا الموضوع اللي لجأ له عبد الناصر هو اللي بدأبإحالة الضباط..
أحمد منصور: وأنتم قلدتوه مباشرة.
عبد الكريم النحلاوي: لا، هو سهيل عشي كان متقاعدا ما كان عسكريا، سابقا كان عسكريا.
أحمد منصور: ما هو عسكري يروح يشتغل سفير، خلاص..
عبد الكريم النحلاوي: اللي عينه ناظم القدسي..
أحمد منصور: محافظ، وزير.
عبد الكريم النحلاوي: اللي عينه ناظم القدسي يللي عينه نظام ديمقراطي مو القيادة اللي عينته.
أحمد منصور: طيب خليني أرجع للقصة، ذهابك للمغرب.
عبد الكريم النحلاوي: رحت للمغرب وقعدت عدة أيام في الفندق وكان هو السفير أساسا نازل بالفندق ما كان في دار للسفارة، بعدين بيزورنا مستشار الملك..
أحمد منصور: عبد الهادي بوطالب.
عبد الكريم النحلاوي: عبد الهادي بوطالب وبيرحب فيني وبيقول لي أهلا وسهلا فيك ونحن منعتز بوجودك ومنتقبلك كضيف عنا أما كملحق عسكري بتعرف الأوضاع بيننا وبين عبد الناصر في مصر في إشكالات كثير بده يسبب لنا وجودك كمان إشكالات ومشاكل..
أحمد منصور: حتى ملك المغرب خائف منك!
عبد الكريم النحلاوي: حتى ملك المغرب كان يخشى من عبد الناصر، هذا الواقع، قلت له والله أنا ما بأريد سبب لكم أي إزعاج وأنا بأتصل بالقيادة عنا وبألاقي كمان ممكن أطلع خارج.. قال لي إذا بتريد كضيف أهلا وسهلا أما كوظيفة هنا بقى الإشكال. طبعا السفير سهيل عشي بعث خطابا للقيادة وجرى تعديل على تعييني وذهبت إلى بلغاريا، التحقت في بلغاريا ومعي كان فايز الرفاعي أعتقد وبعثت جبت عائلتي وقعدنا نستقر لحد ما ما منريد أي إزعاجات لبين ما تستقر الأوضاع في سوريا وتعود الأمور إلى مجراها من الناحية العسكرية ومن الناحية السياسية إلا أنه لم يستتب هذا الموضوع.
أحمد منصور: إلى متى بقيت في بلغاريا؟
عبد الكريم النحلاوي: بأعتقد ببلغاريا رحت بأول عام 1963.
أحمد منصور: لا، ده أنت رجعت إلى سوريا في نهاية العام 1962، صلاح نصر في صفحة 283 من الجزء الثاني يقول إن "النحلاوي تسلل في شهر ديسمبر 1962 مع بعض رفاقه وحاول مع جماعة الإخوان المسلمين والعناصر التابعة لهم في الجيش القيام بحركة انقلابية لكنه أخفق وأعيد إخراجه مع رفاقه خارج سوريا"، أنا عايز بالتفصيل قصة عودتك الآن مرة أخرى أنك خططت مرة أخرى لعمل انقلاب جديد وعدت إلى سوريا.
عبد الكريم النحلاوي: بـ 1/1/1963 صدر قرار من دمشق بإحالتي لوزارة الخارجية..
أحمد منصور: أيوه 31/12/1962.
عبد الكريم النحلاوي: 1963.
أحمد منصور: لا، 31/12/1962.
عبد الكريم النحلاوي: أيوه بنهاية العام 1962 صحيح. صدر قرار إحالتي لوزارة الخارجية أدركت أن هذا الموضوع طبعا بدافع غير نظيف..
أحمد منصور: القرار صدر من رئيس الأركان، قائد الجيش زهر الدين.
عبد الكريم النحلاوي: من زهر الدين نعم.
أحمد منصور: اللي أنت حطيته.
عبد الكريم النحلاوي: عرفت أن هذا عبارة عن غدر قام فيه مشان يتصرف بالجيش كما يشاء وهو يعلم على أن الجيش ما زال يثق بي ثقة كاملة لذلك أنا قررت العودة إلى سوريا وبدون أي منصب وزاري يعني ما بدي لا ملحق عسكري ولا وزارة الخارجية، اتصل معي كان في لنا صديق كمان ملحق عسكري في أنقرة اسمه فخري عمر وأرسلوا لي من دمشق ضباط القطعات أرسلوا لي أحد أصدقائنا محامي اسمه نذير الخطيب إلى أثينا ليجتمع معي مشان يبلغني على أن الضباط رفضوا إحالتي إلى وزارة الخارجية.
أحمد منصور: آه، يعني قرار إحالتك للخارجية الآن الضباط التابعون لك..
عبد الكريم النحلاوي: هو اللي سبب إثارة الضباط القطعات بكاملها ولم يقبلوا، رفضوا هذا الأمر.
أحمد منصور: وهذا شجعك على العودة لسوريا لترتيب انقلاب مع هؤلاء الضباط.
عبد الكريم النحلاوي: أنا قبل أن أعلم بهذا الخبر قررت بنفسي العودة إلى سوريا لأعود مواطنا عاديا بدون قبول أي منصب وزاري أو منصب خارجية أو منصب..
أحمد منصور: أنت تقدر تقعد مواطنا عاديا؟
عبد الكريم النحلاوي: طبعا هذا كان شعوري أنا.
أحمد منصور: شعورك إزاي وأنت عارف الجيش كله تبعك وبيشجعك وكلهم عايزينك تبقى الزعيم بتاعهم؟
عبد الكريم النحلاوي: هذا الواقع هذا اللي صار، هذا الواقع. عدت بالسيارة مع فايز الرفاعي إلى أنقرة وانضم لنا فخري عمر وعدنا كمان بسيارتين عاديتين على الطريق واجتزنا الحدود بشكل نظامي وواقعي..
أحمد منصور: يعني الآن عرفوا أنك دخلت؟
عبد الكريم النحلاوي: ما عرفوا، حاليا ما عرفوا.
أحمد منصور: مش بتقول بشكل نظامي؟
عبد الكريم النحلاوي: دخلنا بشكل نظامي بس رجال الأمن ما أدركوا ما عندهم معلومات بمنعنا أو باتخاذ إجراءات بحقنا، أنه كمواطنين عاديين وجوازات عادية رجعنا يعني وضع عادي.
أحمد منصور: لكن رجال الأمن كانوا لسه طيبين وما بيبلغوش أن فلان داخل وفلان طالع؟
عبد الكريم النحلاوي: بعد ما دخلنا دمشق بيظهر علموا بالوضع وخبروا القيادة بدخولنا إلى دمشق، كنا ما دخلنا للبيت تبعنا دخلنا واجتمعنا في بيت معين..
أحمد منصور: علشان ترتبوا الانقلاب.
عبد الكريم النحلاوي: لا..
أحمد منصور: أمال إيه اللي بترتبوا له؟
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا ما فكرنا في الانقلاب وإنما اجتمعنا مع بعض الضباط وقالوا إنه نحن مستعدون وجاهزون لعمل انقلاب، قلت لهم أنا رفضت أن يقوموا بأي عمل، قال طيب هلق أنت حولوك للخارجية بكره بيحولونا كمان نفس الشيء، يعني صار الوضع بيتعلق فيهم، إذا أنت طلعت بالخارجية أنت وبعض إخوانك كمان هم نفسهم بدهم يلحقونا، قلت لهم طالما أنتم موجودون في قطعاتكم ما حدا بيقارشكم وأنا بأفضل أنه هلق تتريثوا ما يقوم أي أحد بأي حركة منكم، وذهبوا على هذا الأساس أنه ما عاد في أي حركة..
أحمد منصور (مقاطعا): تفتكر تاريخ الاجتماع اللي عقدته معهم؟
عبد الكريم النحلاوي: والله يمكن بـ 2..
أحمد منصور: 2 يناير؟
عبد الكريم النحلاوي: 2 يناير إيه بأول سنة 1963.
أحمد منصور: طبعا على الصعيد السياسي حكومة الدكتور بشير العظمة استقالت في أيلول/ سبتمبر وخالد العظم شكل وزارته الخامسة والأخيرة ودي فضلت لحد انقلاب 8 مارس/ آذار عام 1963 لكن على الصعيد العسكري كان لا زال الوضع متوترا.
عبد الكريم النحلاوي: الوضع متوتر واللي سببه هو زهر الدين بإحالتنا لوزارة الخارجية وأنا بهداك الوقت فعلا شعوري كان أن أرجع كمواطن عادي دون التدخل في قضايا السياسية أو العسكرية إلا أن ضباط الجيش أبوا إلا أن.. وخافوا على مصيرهم طالما أنا صدر أمر بنقلي لوزارة الخارجية معناتها هم كمان نفسهم بدهم يصفوا خارج الجيش.
أحمد منصور: أشيع خبر عودتك، أصبح هناك استنفار في الجيش وأصبح هناك مخاوف أن عبد الكريم النحلاوي رجع من أجل القيام بانقلاب جديد.
عبد الكريم النحلاوي: هذا شعورهم هم أو تفكيرهم هم، هذا تفكيرهم هم.
أحمد منصور: أنت كنت أيضا على اتصال بالضابط في القطعات.
عبد الكريم النحلاوي: بالقطعات لا، اتصلت مع بعض الضباط في أحد البيوت، حتى اتصلنا في الاجتماع الثاني بعدما قلت لهم إنه ما بأريد أنا تقوموا بأي عمل روحوا لقطعاتكم والأوضاع خليها تستقر والبلد ما بحاجة لهزة ثانية يكون فيها مشاكل يستغلها عبد الناصر، راحوا لقطعاتهم، بعد يوم أو يومين كمان بيطلبوني لاجتماع حصل في بيت فايز الرفاعي.
أحمد منصور: من فايز الرفاعي؟
عبد الكريم النحلاوي: أحد زملائنا اللي سافر معنا التسعة اللي كنا، قالوا لي نحن قررنا نقوم بعمل انقلاب ونزيح زهر الدين والضباط اليساريين اللي موجودين معه، قلت له أنا قلت لكم سابقا إنه ما أوافق ولا أقبل أن تقوموا بأي عمل يسبب إزعاجا في البلد، خلي البلد تستقر ما بحاجة لهزة جديدة، قال وضعوني تحت الأمر الواقع إما أنت معنا وإما غير معنا نحن بدنا نقوم بهالعمل، وضعوني تحت الأمر الواقع..
أحمد منصور: فقبلت أن تتزعم هذه المحاولة؟
عبد الكريم النحلاوي: أنا ما أحبيت أن أتخلى عنهم لأنه هم ضحوا بأرواحهم، قلت لهم أنا لا يمكن أتخلى عنكم بس بدي أشوف الموقف اللي بدكم تقوموا فيه أنه هل تقدير الموقف سليم أو صحيح أو لا، كان في ضباط من الطيران كلهم كانوا موافقين نفس الوضع ضباط قطعات بقطنا كمان موافقين بس لاحظت على أنه في أمور غير عادية..
أحمد منصور: مثل؟
عبد الكريم النحلاوي: مثلا أحد الضباط كان من القوميين العرب أو السياسيون كانوا بيريدوا يزجوا بالجيش بهالأتون حتى يتخلصوا من القيادة من زهر الدين وعناصره، هذا ناظم القدسي ومعروف الدواليبي، هذا اللي شعرت فيه وهذا كان مؤكدا وكانوا هم على علم بهذه العملية..
أحمد منصور: ناظم القدسي والدواليبي؟
عبد الكريم النحلاوي: ناظم القدسي والسياسيون كانوا على علم بهالعملية هذه..
أحمد منصور: عرفت منين؟
عبد الكريم النحلاوي: من بعض الضباط أنه هم دفعوهم لهالموضوع هذا من أجل إزاحة زهر الدين عن قيادة الجيش وتعيين قائد موال للحكومة يعني كان في تلاعب بهالضباط من أجل تسخيرهم لمصالحهم، ما كان عندهم نية سليمة في وضع البلد إطلاقا..
أحمد منصور: متى اكتشفت هذا؟
عبد الكريم النحلاوي: من وقتها حاولت أن أبعدهم عن هالموضوع، للأسف ما أمكن إلا أنهم أقدموا على عمل عصيان، قلت لهم طالما مقررين أنتم يكفي أن تنزل وحدة معينة بإمرة ضابط اسمه صدقي العطار للأسف ويقوم باعتقال زهر الدين والضباط اليساريين أما بالنسبة للوضع السياسي لا يمس إطلاقا لأنه كانوا السياسيون على علم بالموضوع.
أحمد منصور: صلاح نصر بيقول صدقي العطار ده كان من الإخوان المسلمين وأنت مرتب معه.
عبد الكريم النحلاوي: صحيح.
أحمد منصور: وأنت مرتب معه؟
عبد الكريم النحلاوي: لا.
أحمد منصور: أنت ما أنت قلت لهم الآن إن وحدة تنزل..
عبد الكريم النحلاوي: لا، لأنه هو كان ضابطا موجودا في القطعات ونفذ في 28 أيلول ولكن صدقي العطار كان هو مفروض ينزل بالوحدة هو يعتقل زهر الدين، للأسف غدر بإخوانه وراح اتصل بزهر الدين وأوجد نفسه أنه هو ما له علاقة بأي عمل بيحصل في المستقبل.
أحمد منصور: ما انعكاس هذا؟
عبد الكريم النحلاوي: نعم؟
أحمد منصور: ما انعكاس هذه الخطوة؟
عبد الكريم النحلاوي: ذهب للأركان اجتمع بالأركان.
أحمد منصور: بعدما أبلغ زهر الدين؟
عبد الكريم النحلاوي: بعد ما أبلغ زهر الدين، ما قال له إنه في حركة وإنما ظهر أمامهم أنه هو إذا ظهر أي شيء هو بعيد عن الموضوع ما له علاقة فيه ورفض أن يقوم بتنفيذ العملية.
اجتماع القصر الجمهوري وإنهاء عصيان قطنا
أحمد منصور: واضح أنه كان في عملية فوضى، هناك اجتماع عقد في القصر الجمهوري في 13 يناير 1963 دعي إليه كل السياسيين وكثير من العسكريين، أنت كيف دعيت إلى هذا الاجتماع؟
عبد الكريم النحلاوي: أنا كنت موجودا في منزل أخي موجود فيه ودريت أنه صار في عصيان بقطنا وكنت أتوقع أن تنجح الحركة بإزاحة فقط زهر الدين دون المساس بالوضع السياسي ولكن تطور الموضوع وهذا الضابط ما نزل ولا اعتقل زهر الدين لأنه صار عنده علم فيها وعندما علم توارى عن الأنظار مبدئيا إلى أن اجتمعت الحكومة والسياسيون اللي تكلمت عنهم في القصر الجمهوري، بدؤوا يفتشون عني إلى أن اتصلت مع أحد أصدقائي وهو العقيد سعيد عاقل مدير سلاح الإشارة قال لي يا أخي وين أنت موجود؟ قلت له والله أنا موجود بدمشق، قال إيه الدنيا قائمة وقاعدة وخربانة، قلت له خير؟
أحمد منصور: على أساس أنك أنت اللي وراء الانقلاب وحركة العصيان؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، لا، لا أعلم شيئا يعني فعلا ما كنت على علم بشيء شو صار، كنت غائبا جدا عما حدث. قال لي الوضع سيء جدا والسياسيون والعسكريون مجتمعون في القصر الجمهوري، قلت له والله أنا حاضر، قال عم يدوروا عليك يفتشوا عنك، تواعدت أنا وإياه في مكان ورحنا للقصر الجمهوري لقيت هرج ومرج السياسيين والعسكريين..
أحمد منصور (مقاطعا): إيه اللي لقيته في القصر الجمهوري لأن الاجتماع ده مهم جدا ومعظم الناس كتبوا عنه وعايز أعرف روايتك أنت له.
عبد الكريم النحلاوي: وجدت السياسيين..
أحمد منصور: من أهم السياسيين اللي لقيتهم؟
عبد الكريم النحلاوي: خالد العظم وأسعد الكوراني وعصام العطار وكثيرون ورشاد برمدا، كل السياسيين والوزراء كانوا موجودين وأكرم الحوراني كمان موجود، طبعا سلمت عليهم وأنا ذاهب بدي أسلم على ناظم القدسي رئيس الجمهورية بيشوفني زهر الدين كان موجودا بين الضباط..
أحمد منصور: نعم، رئيس الأركان.
عبد الكريم النحلاوي: بيقول لي يا أخ عبد الكريم، خير؟ قال لي روح شوف هدول جماعتك بقطنا عاملين عصيان، قلت له ليش عم تواجهني بهاللهجة هذه؟ مو أنت قائد الجيش كيف أصدرت أمرا بإحالتي وبتعرف أنه بده يكون نتيجتها هذا الدمار اللي أنت سببته لنفسك وسببته لهالبلد هذه؟ كيف أنت قائد جيش بتعتبر حالك قائد جيش أنت وبتصدر هيك قرار؟ يعني تكلمت كلاما طبعا واجهته وهو انصدم قال لي روح دبرهم، قلت له أنا ما لي علاقة أنا صفيت إنسان في وزارة الخارجية إنسان مدني خارج عن نطاق الجيش، أنت مفروض كقائد جيش أنت تقوم بتلافي هذا العصيان اللي سببته أنت بقراراتك وبإجراءاتك الخاطئة، طبعا همد هو..
أحمد منصور: كان قدام الجميع هذا الكلام؟
عبد الكريم النحلاوي: على مسمع جميع الحاضرين من سياسيين وعسكريين، طلبوا مني أن أطلع أنا لأنه أنا بأقدر مثلا على ادعائهم أنه بأستطيع أهدئ الضباط ويتراجعوا عن العمل اللي قاموا فيه، قلت لهم أنا لم أعد ضابطا حاليا أنا هلق إنسان مدني وما بيحق لي أن أروح، ترجوني وإجا بعض الضباط منهم كان مطيع سمان ومسلم صباغ وهاشم آغا ومحمد التل كلهم عقداء أقدم مني قال ما في إنسان حدا يقدر يجمد هالضباط ويردعهم غير أنت، قلت لهم أنا لا يمكن أن أخرج لأن الوضع صار معقدا وما بأعرف التيارات اللي داخلة فيهم والتيارات المضادة لهم أن أقوم بأي إجراء إطلاقا، إذاً بهالوقت هذا تشكلت لجنة أعتقد من هاشم آغا ومحمد التل وذهبوا إلى الضباط بعدما أخذوا وعودا من قائد الجيش زهر الدين بأن لا يمسهم إطلاقا إذا عادوا إلى ثكناتهم ويصدر أمرا بإعلان حالة طوارئ خلال هالفترة هذه ويعود الأمور إلى مجاريها.
أحمد منصور: فوضى.
عبد الكريم النحلاوي: نعم. أنا رجعت إلى البيت..
أحمد منصور (مقاطعا): قبل ما ترجع البيت، مطيع السمان في صفحة 260 يقول "إن رئيس الجمهورية ناظم القدسي صاح بأعلى صوته الله يخرب بيتكم يا عسكر، رايحين تضيعوا استقلال البلاد بتصرفاتكم، وانهمرت دموعه وعلا نحيبه أمام الجميع من الأوضاع المأساوية التي وصل إليها الوضع في سوريا".
عبد الكريم النحلاوي: غير صحيح ولا أعتقد ولا شفت أنا هالشيء هذا ما عندي علم.
أحمد منصور: ما شفتش المنظر ده؟
عبد الكريم النحلاوي: ما شفته لا إطلاقا.
أحمد منصور: ولا سمعت ناظم القدسي يتهمكم أنتم العسكر بأنكم السبب فيما وصلت إليه الأوضاع المتردية في سوريا؟
عبد الكريم النحلاوي: على الإطلاق لم يحصل شيء من ذلك إطلاقا أبدا وإنما كان اختلاقا من مطيع سمان.
أحمد منصور: ما جايز تم وأنت مش موجود، أنت لم تكن موجودا طوال الوقت.
عبد الكريم النحلاوي: أنا موجود.
أحمد منصور: لست من أول الأمر إلى آخره.
عبد الكريم النحلاوي: بيجوز، محتمل قبل ما أجي أنا.
أحمد منصور: نعم، قل لم أره لكن لا تكذّب الآخرين..
عبد الكريم النحلاوي: ما عندي علم قلت لك ما عندي علم.
أحمد منصور: لأن ممكن الآخرين رأوا أشياء من المشهد أنت لم ترها.
عبد الكريم النحلاوي: صحيح.
أحمد منصور: الآن بعدما عدت إلى بيتك لم قرروا إبعادك مرة أخرى إلى ألمانيا؟
عبد الكريم النحلاوي: في اليوم التالي بيزورني مطيع سمان قائد قوى الأمن الداخلي والعقيد أكرم خطيب رئيس شعبة التنظيم والإدارة في قيادة الجيش مكان أحمد زكي اللي كان موجود وبيعرضوا علي بيقولوا لي الوضع صار خطير جدا والوضع مبلبل بين السياسيين والعسكريين ووجودك هون كمان هو اللي سبب هالإشكال هذا وترجوني أن أطلع خارج سوريا والموضوع كان متفقين بعض الضباط وهم منهم، هاشم آغا ومطيع سمان على إزاحة الفريق زهر الدين من قيادة الجيش..
أحمد منصور: وأزاحوه بالفعل.
عبد الكريم النحلاوي: إزاحة زهر الدين من قيادة الجيش يعني ناظم القدسي والحكومة معروف الدواليبي وبقية المجموعة السياسيين قرروا إزاحة زهر الدين ولكن مجيئي إلى سوريا هو اللي..
أحمد منصور: لخبط المسألة.
عبد الكريم النحلاوي: لخبط الموضوع وغير العملية كلها، قلت لهم أنا رجعت لبيتي كإنسان عادي أرفض أن أروح لوزارة الخارجية أو للجيش بقى هذا حدا بيمنعني أن أرجع كمواطن عادي؟ قال وجودك لا يمكن يؤمن الاستقرار والأمن في البلد طالما أنت موجود، وترجوني أطلع لأي بلد لأي مكان وهم بس يستقر الوضع بيرجعوني أو أرجع للبلد كمواطن أو إلى أي وظيفة أريدها، قلت لهم موضوع أنا لا أرغب ولا..
أحمد منصور (مقاطعا): المهم في الآخر سافرت.
عبد الكريم النحلاوي: سافرت.
أحمد منصور: وكل الضباط اللي عملوا المحاولة تم سجنهم بعد ذلك.
عبد الكريم النحلاوي: سافرت إلى بون وخلال مغادرتي إلى سوريا زهر الدين غدر بالضباط بعدما أعطوهم تطمينات ووعدوهم أنه ما بيصيبهم أي شيء غدروا فيهم واعتقلوهم وحطوهم بالسجون. في بون بيجي وفد من سوريا برئاسة عزت الطرابلسي وزير الاقتصاد وخليل كلاس وزير المالية من أجل مشروع سد الفرات ومشاورة مع الحكومة الألمانية، في خلال دعوة عشاء بينطلق خليل كلاس وبيقول لي يا أخ عبد الكريم يا ريت بقى تتركوا هالبلد ترتاح ويبعد العسكريون عن التدخل في الأمور السياسية، قلت له العسكريون بألف خير لو السياسيون يبعدوا عنهم وتسييسهم في الأمور السياسية.
أحمد منصور: من ستين سنة والعسكريون والسياسيون في سوريا عمالين يرموا اللوم على بعض ولم تتوقف تدخلات العسكريين، وقع انقلاب في 8 مارس/ آذار عام 1963 أزاح البعثيون والناصريون الذين قاموا به بالسلطة القائمة حيث لا زال البعثيون يمسكون بالسلطة في سوريا إلى الآن، ما وقع هذا الأمر عليك؟
عبد الكريم النحلاوي: هذا شيء طبيعي نتيجة الفوضى اللي كانت وتسلط ومناورات السياسيين من جهة ومناورات العسكريين من جهة ثانية.
أحمد منصور: ألم تكن أنت سببا في هذا المأزق الذي وصلت إليه سوريا؟
عبد الكريم النحلاوي: والله هذا يعني أنا ما بأحكم عليه بيحكموا عليه المحللون السياسيون والعسكريون بيحكموا عليه.
أحمد منصور: ألم تكن الوحدة بكل عيوبها وبكل ما كان فيها أفضل من الأوضاع الضبابية والفوضوية التي وصلت إليها سور