آخر الأخبار

مِن مَن سيحموننا يا فضيلة الامام

لم أكن أتوقع أن يكون لمقالتي "عيد الميلاد المجيد وخطبة الجمعة" والتي نشرتها في "عالم بلا حدود" كل هذا الصدى الايجابي، التي نقلت فيها صورة بسيطة عن محبة كل السوريين (وليس انا وحدي) لبلدهم، ولعيشهم مع بعضهم البعض، ولرئيسهم.

لا شك أن تسليط الضوء الذي قمت به أمام مجموعة من الدبلوماسيين، هو ضروري أمام الإعلام العالمي الجارف، الذي يعتمد الإثارة، من خلال عرض تخيلات غير صحيحة غالباً، وبشكل دراماتيكي وباستخدام طرق البروباغندا.

اشكر كل الذين عبًروا من خلال التعليقات، والذين أرسلوا نسخاً كثيرة عن المقالة للغير، والذين بحثوا عن أرقام هاتفي ليتصلوا بي، والصامتين، اشكرهم كلهم لأنهم لم يقولوا ان كتابتي جميلة، بل قالوا أنني عبرت عن مكنونات صدورهم.

لن افتخر بما كتبت، لأنني انقل واقعا وليس لوحة رسمتها انا من مخيلتي، ولن أقوم بتحميلِ جميلٍ الى بلدي، فلقد درست مجاناً في جامعات هذا الوطن، وهو لم يحملني جميلاً ولم يمنن عليَ، ولذلك ما أقوم به قولا أو عملا، ما هو إلا رد جزء بسيط من الجميل لهذا البلد، إن لم أقل انه واجب أخلاقي.

يضخم الإعلام (غير المسؤول) الصورة السيئة عن سورية، ويضيف اليها المنكهات الخاصة ليوجه ما يريد من مذمة ويتم تصديق هذا الإعلام لشديد الأسف لعدم وجود الفكر المنهجي الإعلامي الذي يعطي الصورة الحقيقية (ولا أقول الصورة التجميلية).

منذ ثلاثة أشهر، طلبت السفارة الكندية تأمين لقاء لرئيس مجلس أئمة كندا حميد سليمي مع مفتي عام سورية د. احمد حسون. وكنت اعلم أن سماحته سيسافر الى اندونيسيا في هذا الوقت ولن يستطيع أن يلتقيه، واتفقنا على أن أقوم باستقباله، وفي الموعد المحدد استقبلته في مطار حلب قادماً من عمان، وبرفقته المستشارة السياسية في السفارة الكندية بدمشق، وبعد كلمات الترحيب المعتادة بهذه المناسبات، انتقلنا الى الفندق وبعدها كنت قد أمنت له لقاءين مع رئيس أساقفة الكلدان في سورية (مقره حلب) والنائب الرسولي لقداسة البابا في سورية (مطران اللاتين في سورية ومقره حلب) ومساء دعوته الى عشاء حضره راعي الكنيسة الإنجيلية في حلب وفي صباح اليوم الثاني زار د. عكام مفتي حلب بحضور نجل سماحة المفتي العام للجمهورية، ثم توجهنا الى حمص حيث اعددنا له طاولة حوارية في مطرانية الروم الكاثوليك بحضور مفتي حمص ورئيس المجلس الاسماعيلي والأساقفة وفعاليات دينية مهمة أخرى، ثم أقام مطران الروم مأدبة غداء على شرفه.

حتى هنا والكلام الذي أقوله يقع ضمن البروتوكول، إلا أن ما قاله على المائدة كان مهماً، قال : أنهم في كندا لديهم تصور أن سورية بؤرة للإرهاب، وان الأقليات لا تحظى بالحريات، وان هناك خوفاً من كل من هو سوري، ثم قال لم أكن أتوقع أن يستقبلني مسيحي باسم مفتي سورية، كما أنني لم أر سيارات الشرطة أمام الكنائس للحماية، وقد قال لي باسل "ممن تريدهم أن يحموننا يا فضيلة الإمام؟" كما وجدت النساء يسرن أمام المساجد أو الكنائس - محجبات أو غير محجبات - بشكل طبيعي، وهو ما لا ينقله إعلامنا في كندا ولا إعلامكم في سورية، إن الصورة عن سورية سيئة لدينا وقد قلت لباسل، انني انا الكندي ورئيس مجلس أئمة كندا، دخلت الى سورية بجواز سفري المغربي بعد أن تم تخويفي في كندا من استخدام الجواز الكندي.

أين مغتربوننا الذين يقع عليهم واجب أخلاقي بنقل صورة صحيحة عن بلادهم، قد يكون هناك من هو سافر وفي قلبه ضغينة ضد شخص ما، ومنهم من سافر وأراد أن ينسى أن له ماضياً سورياً، وأين إعلامنا وبعثاتنا التي نموِلها بـ "رموش العين"، انظروا إلى السوريين الأرمن وتعلموا الوفاء إلى بلادكم، منذ عشر سنوات قدم الى سورية فاتيي سركيسيان رئيس وزراء أرمينيا السابق، ولقد اجتمع مع محافظ حلب وقال له "ان الشعب الارمني لن ينس ما قدمته لهم سورية خلال محنته، وان كل ارمني يخدم سورية فلكأنه يخدم أرمينيا".

اللهم اشهد اني بلغت

مستشار مفتي الجمهورية العربية السورية

Fax : +963-21-2115785