نعم لقد دلّت الدراسات الإحصائية أن هذه الشريحة السكانية من المجتمع آخذة في الازدياد والنمو الأمر الذي يتطلّب تطوير البرامج والخدمات الصحّية والاجتماعية وإعداد العاملين في هذه الميادين، وتوعية كافة فئات المجتمع لتلبي الاحتياجات المتزايدة لهذه الفئة الجليلة من أبناء المجتمع. بل يتطلب مرصدا مجتمعيا يرصد وبشكل دوري الجهود والإنجازات ومواضع الضعف والقوة في كل مجتمع يسعى لتعزيز حقوق أبنائه من كبار السن.
ومع تسليط العديد من المنظمات العالمية الضوء على العام 2045 وضرورة الإعداد الجيد والبعيد المدى، لاستحقاقات هذا العام، وهذه المرحلة التي تحتاج إلى سنوات طويلة من العمل والجهد في الميادين التشريعية والصحية والاجتماعية والاقتصادية في كل مجتمعات العالم، لابد لنا أن نذكر وبشكل وجيز بعض التوصيات التي تم طرحها في أكثر من مناسبة وأكثر من لقاء للخبراء والعاملين في ميادين خدمات الأشخاص كبار السّن وميادين تنمية المجتمع، لاسيما في خطة مدريد حول الشيخوخة في 2002، والعام الدولي لكبار السن 1999 والتي تسعى إلى بناء بيئة ممكنة لهم:
1- يوجد تفاوت بين فئات كبار السن من حيث العمر ومستوى الدخل والناحية الصّحية والظروف الأسرية وغيرها وهكذا فإن احتياجات هذه الفئة تختلف باختلاف هذه العوامل، واحتياجات كبار السّن الأصحاء والقادرين على العمل تختلف عن أولئك الذين هم أقل حظا، لذا فإنه من الحتمي إدراك هذه الاختلافات بين كبار السّن حتى يتسنى إدراك احتياجات كل فئة تمهيدا لتلبيتها في حدود ما هو متاح من إمكانات.
2- نتيجة للتحول الاجتماعي الذي تمر به منطقتنا فقد فقدت الأسرة بعض وظائفها، ومع ذلك فإن الأسرة لم تتخل عن دورها التقليدي في رعاية أبنائها من كبار السّن رغم وجود مؤشّرات تغير في هذا الصدد لا ينبغي إنكارها، وهكذا يصبح من الضروري تدعيم دور الأسرة فيما يتعلق برعاية المسنين من خلال تكريس العادات والتقاليد والقيم التي تشجع احترام ورعاية المسن داخل الأسرة. ويمكن تدعيم هذا الدور من خلال دعم مالي يقدّم للأسر التي ترعى المسنين أو من خلال إعفاءات ضريبية وما شابه ذلك من الإعفاءات والمساعدات، ويمكن أن يساعد في ذلك أيضا المؤسسات الحكومية والأهلية مع مراعاة مبدأ التنسيق في الجهود المبذولة من قبل هذه المؤسسات تحقيقا للانسجام ومنعا للازدواجية التي تهدر الوقت والجهد والمال.
3- ضرورة إشراك كبار السن في وضع البرامج الخاصّة بهم إشعارا لهم بأهميتهم وحرصا على واقعية السياسات، وذلك من خلال مشاركتهم في جهود منتظمة تؤثر على التشريعات التي تفيدهم في تحقيق ذواتهم، وتحسين مستوى حياتهم انطلاقا من مفهوم يعد الشيخوخة مرحلة اندماج ومشاركة وليست مرحلة حماية ورعاية.
4- اعتبار الشيخوخة مرحلة طبيعية في حياة كل إنسان لا بد من الإعداد المسبق لها على مستوى المجتمع بمؤسساته المختلفة وخصوصا التربوية منها من معاهد وجامعات وعدم تصور سن معينة للتقاعد خصوصا فئة المسنين التي تتمتع بصحّة جيدة، وكذلك النظر إلى شيخوخة المجتمع على أنها فرصة يمكن الاستفادة منها، وعليه فلابد من توفير فرص العمل الكافية لهذه الفئة بما يتناسب مع خبرة المسن وقدراته على الاستمرار في التفاعل مع المجتمع.
5- تمكينا للمسن من أن يحيى حياة مستقلة في مجتمعه ولأطول مدة ممكنة، فإنه يتعيّن التفكير بإيجاد نشاطات اقتصادية يمكن أن يقوم المسن بها بما يدر عليه دخلا يكفيه للوفاء باحتياجاته علما أن عمل المسنين مهم في حدّ ذاته ويتعدّى أحيانا في أهميته مسألة الدخل.
6- التأكيد على أهمية التعليم المستمر للمسنين لما لبرامج التعليم المستمر من أهمية في مجال المعرفة ومجال استمرار المسن في التفاعل والمشاركة في المجتمع.
7- لم تأخذ المواضيع المتعلقة بقضايا الشيخوخة والمسنين في الوطن العربي الاهتمام الكافي في مجالات الأبحاث العلمية والصحّية والاجتماعية الأمر الذي يؤكّد ضرورة تشجيع البحث العلمي في قضايا الشيخوخة في المجالات الطبية والاجتماعية والاقتصادية، واستثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في هذه المجالات مع التركيز على البحوث التطبيقية وإجراء تقييم دوري لبرامج وتجارب رعاية الشيخوخة بهدف تطويرها.
8- لا توجد قاعدة كافية من المعلومات حول فئة المسنين واحتياجاتها في معظم بلدان الوطن العربي مما يجعل الوصول إلى سياسة اجتماعية فاعلة أمرا متعذرا، لذلك فالحاجة تبرز لإجراء مسوحات متخصّصة في هذا المجال وما يترتب على ذلك من متطلبات ضرورية.
9- ضرورة إعداد كوادر متخصصة في مجالات كبار السن مثل طب الشيخوخة، الخدمات الطبية المساعدة والخدمات الاجتماعية والنفسية وغيرها.
10- على الرغم من الاقتناع السائد بأن المجتمع العربي لا يزال يتمتع بقيم ومبادئ أخلاقية ودينية تعطي المسنين مكانة متميزة ومرموقة، ورغم أهمية الدور المتميز الذي تطلع به الأسرة في توفير الحماية لأفرادها من المسنين، غير أن هناك حاجة ماسة لإيجاد برامج إعلامية تهدف إلى توجيه المسن نفسه، والأسرة والمجتمع الذي ينتمي إليه على أن تتناول عددا من الموضوعات التالية:
أ- توعية أفراد المجتمع بشكل عام بحاجات وحقوق كبار السن.
ب- توعية الأشخاص المسنين بالإجراءات الصحية التي تمكنهم من الاستمتاع بصحّة جسمية ونفسية جيدة.
ت- تعديل نظرة المجتمع لبعض الأفكار السلبية المتعلقة بالشيخوخة مثل الفقر والمرض والعزلة التي يمكن أن تشكل عوامل ضغط وتقييد لحرية المسنين في القيام بنشاطاتهم وفي ممارسة حياتهم.
ث- التأكيد على التراث والتقاليد الدينية التي توصي باحترام ومساعدة كبار السن من أبناء المجتمع.
ج- توجيه الإعلام بأشكاله وبرامجه المختلفة إلى تكريس دور الأسرة في رعاية ودعم المسنين.
لا أستطيع هنا إلا أن أذكر بالحاجة إلى اتفاقية دولية لحقوق الأشخاص كبار السن، وهو ما طرحته في ملتقى المجتمع المدني بمدريد في إطار مؤتمر الأمم المتحدة للشيخوخة عام 2002، وتتواصل الجهود الآن على أكثر من صعيد لتحقيق هذه الاتفاقية التي تكفل حقوق وكرامة هذه الفئة الجليلة من أبناء المجتمع.
Article Title: Are we prepared for the year 2045?
At that year, the number of older people will equal the number of children in many societies of the world. This need many efforts at all society levels to strengthen social protections that enable older women to enjoy greater economic security and healthier lives. By Dr. Ghassan Shahrour, MD, coordinator of Alyarmouk Syrian Society. Ghassan.dr@gmail.com