، حشرتمونا في آخر زوايا بيت وعودكم المعسولة، أفرغتم عقولنا من صوابها، أفكارنا من حكمتها، قلوبنا من ألفتها، ثم أطبقتم بجثثكم الهامدة على صدورنا التي قذفتكم منذ زمن، فلم يعد لدينا ما نخسره في بورصة متاجرتكم بنا ومقامرتكم بالوطن.
ومنذ زمن، تجرون بنا بأحصنة الكلام في كل مضمار، تطوفون بنا بسفن الثرثرة في كل البحار، عجنتم لنا من الكلام أرغفة لا طعم لها، صغتم لنا منها عناوين باتت على اختلافها باهتة، سواء أكانت أشخاصاً أو أفكاراً، ومعها أبهتم القضية، فلم نعد نُقرأ، ولم نعد كما كنا عناوين. فأنّي لنا أن نُرجع تلك المشاهد البهية عنا، حين رسموا لنا الصور، ضربوا فينا الأمثال، وكنا آية للناس.
لِمَ جعلتم الأسئلة تتزاحم في دواخلنا حتى بتنا لا نعرف، أنرثيكم؟ أنبكيكم؟ أنستصرخكم؟ أنستعيذ بالله منكم؟ أنستقوي به من ضعفنا على جبروتكم؟ أنستعديه عليكم من ظلمكم؟ أنستعجله أن يخلصنا منكم، من أفعالكم، ريائكم، نفاقكم، كذبكم، وبدع أحدثتموها في السياسية وأوهام اختلقتموها للناس ما جاء بها أحد من العالمين؟.
طمستم ألوان علم الوطن، وفرقتم أطيافه وتقاسمتموها بقدر قسمتكم للوطن، تظللون رؤوسكم ومؤيديكم في المظاهرات بلون واحد، فهذا أخصر، وذاك أحمر، وثالث أسود، وابتدعتم أصفر لشبيبته، ثم تركتم أبيضه مستسلماً للقدر، فهو أنقى من أن تلوثوه بتعصبكم الحزبي المقيت. خنقتم أجساد الشهداء الزكية براياتكم الفصائلية الصماء التي لا تحمل سوى معنى واحداً: "إهانة مُهذّبة" لأرواحهم الطاهرة.
دبي
20 يوليو 2011