آخر الأخبار

ليبيا وراءكم وأعماق البحر أمامكم

بقلم سيمبا روسو

سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، تسببت عمليات القصف المكثف علي ليبيا التي شنها حلف شمال الاطلسي منذ خمسة أشهر بذريعة حماية المواطنين المدنيين، في مقتل أكثر من 1800 شخصا أثناء محاولاتهم الفرار من الصراع الدائر حتي الآن.

فمنذ بداية "الربيع العربي" في ليبيا وشن منظمة حلف شمال الأطلسي هجماتها المتواصلة ضد نظام معمر القذافي، لقي ما يزيد علي 1800 شخصا حتفهم غرقا أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط علي متن زوارق مكتظة وغير صالحة للإبحار.

كذلك فقد إنتشلت دوريات الحراسة الساحلية الإيطالية 25 جثة للاجئين من جنوب الصحراء الكبرى في الأسبوع الماضي، اختنقوا حتى الموت في غرفة محركات سفينة مكتظة بما يقرب من 300 شخصا، كانت تحاول الوصول الى جزيرة لامبيدوزا جنوب ايطاليا.

ويشار إلي أن معمر القذافي قد فرض في التسعينات تحولا جوهريا في سياسات الهجرة الأجنبية إلي ليبيا، وفتح أبواب البلاد علي مصراعيها أمام سيل المهاجرين من دول جنوب الصحراء الكبرى وطالبي اللجوء الوافدين من السودان وتشاد والصومال والنيجر.

فتوافد العديد منهم علي ليبيا بحثا عن عمل أو هربا من العنف السياسي في بلادهم، أو عبروا الأراضي الليبية علي أمل الوصول إلي مالطا أو لامبيدوزا اللتين يُنظر إليهما كبوابتين لدخول أوروبا.

هذا ولقد تعرض خفر السواحل الايطالية ومنظمة حلف شمال الأطلسي لانتقادات شديدة في وقت سابق من هذا العام، لعدم مساعدتها سفينة صغيرة كانت تحمل علي متنها 47 اثيوبي وسبعة نيجيريين وستة غانيين وخمسة مهاجرين ولاجئين سياسيين سودانيين، متجاهلة صرخاتهم طلبا للإغاثة. فلقي العشرات منهم حتفهم.

كما أصدرت منظمة أطباء بلا حدود تقريرا حديثا بعنوان "المحاصرين في العبور: الضحايا المنسيين للحرب في ليبيا"، أفادت فيه أن الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي تمنع اللاجئين وطالبي اللجوء من الوصول وتغلق حدودها في وجههم بذريعة مكافحة الهجرة غير القانونية، وذلك بدلا من توفير السلامة والحماية لهم.

وصرح المنسق الميداني لمنظمة أطباء بلا حدود في مخيم شوشة في تونس، ساشا ماثيوز "اننا نطعن في ممارسة المجتمع الدولي مثل هذه المعايير المزدوجة، ويجب التذكير بأن حلف شمال لأطلس قرر التدخل في ليبيا لحماية المدنيين".

وأضاف لوكالة انتر بريس سيرفس أن رد الفعل علي مستوي دول الإتحاد الأوروبي "ليس عن طريق إغلاق الحدود، بل وينبغي أن تفتح حدودها لهم وأن تنظر إليهم كضحايا للصراع وأن تقبلهم".

ويذكر أن ليبيا -وهي ليست طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين وليس لديها أي نظام لجوء- هي شريك مهم للاتحاد الأوروبي في حملة وقف تدفقات الهجرة عبر البحر المتوسط، وذلك منذ عام 2004 إثر رفع العقوبات المفروضة عليها.

وفي عام 2008، وقعت مؤسسة القذافي مع رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني علي اتفاق يعرف بإسم "معاهدة الصداقة" ويسمح بترحيل المهاجرين الى ليبيا.

فصرح غابرييلي دل غراندي، منسق موقع "حصن أوروبا"، أن ما سبق هو بمثابة "أعمال غير مشروعة، ومن المتوقع أن تصدر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكمها خلال بضعة أشهر، فهي تقوم حاليا باستعراض قضية 2009 ضد الحكومة الإيطالية بشأن ترحيل اللاجئين إلي ليبيا".

وشرح لوكالة انتر بريس سيرفس أن "هذه السياسات تتنافي مع القوانين البحرية الدولية، والمادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تمنح حق اللجوء، والمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تحظر إرسال رعايا دولة ثالثة إلى أماكن يواجهون فيها معاملة لاإنسانية أو مهينة".

هذا وعلى الرغم من زعم السلطات الإيطالية أن "معاهدة الصداقة" مع ليبيا أدت إلى خفض عدد المهاجرين غير القانونين بنسبة 94 في المئة، فيؤكد المدافعون عن حقوق الانسان أنه جري رفض إجراء التقييمات السليمة الواجبة لإحتياجات وطلبات اللجوء الخاصة بالمهاجرين المحجورين.

وأكد الحقوقيون كذلك أن المهاجرين الذين ترحلهم إيطاليا إلي ليبيا يتعرضون للاحتجاز لأجل غير مسمى.

هذا وأفاد ساشا ماثيوز وكالة انتر بريس سيرفس أن "الحكومة الإيطالية أعادت التوقيع في شهر يونيو الماضي علي نفس الإتفاق (بترحيل المهاجرين إلي ليبيا) مع المجلس الليبي الإنتقالي ومقره في بنغازي".

وشرح "لذلك نحن قلقون للغاية لأننا لا نعرف ما إذا كان أولئك الذين يغادرون مخيم شوشة للعودة الى ليبيا سوف يحاولون الحصول على قارب يحملهم إلى أوروبا وبالتحديد إلى إيطاليا، أم سيتم اعتقالهم في ليبيا... فنحن نعلم ان الأوضاع في هذه المعتقلات صعبة للغاية ويشوبها الكثير من العنف وسوء المعاملة".
(ips)