آخر الأخبار

أمينة المغربية.. أمانة عربية

حيث المادة 475 تسمح للمغتصِب بالزواج من ضحيته تجنباً للملاحقة القانونية على حساب الضحية.
والواقع أنها مادة تبعث على الاستغراب بل والتنديد، فالمسروق لا يمكنه العيش مع سارقه، مع أن الضرر مادي، فكيف للمسروق جسدها أن تتعايش مع من نشب أظفاره في عودها الغض يمارس الفض، يسرق منها الجسد والنفسية معاً!.
أمينة ارتُكبتْ بحقها ثلاث جرائم: جريمة الاغتصاب، جريمة تزويجها من مغتصِبها، وجريمة تزويجها وهي طفلة في سن الخامسة عشرة، فأي ظلم أكبر من هذا!.
في عالمنا العربي اعتدنا أن تمر مثل تلك القصص كأخبار لا أكثر من دون أن تكون شرارة لربيع اجتماعي يثور ضد الضيم الممارَس على "القوارير"، ومن أبغضه حوادث الاغتصاب، أو حتى التحرش الجنسي. صحيح أن بعض المغاربة تظاهروا مطالبين بإلغاء تلك المادة الجائرة، مثلما تظاهرت نساء آخريات في أصقاع عربية ضد حوادث شبيهة، أو لها علاقة بالمرأة بشكل عام.
إلا أن المطلوب هو ديمومة لهذه التظاهرات، أو للربيع الاجتماعي، كي يُطاحَ بهذا الظلم الذي يرفضه الدين، أصلاً، ولكي تُسن قوانين تُطبق تكون في صالح "الأنثى" وتحميها، فلا يُعقل أبداً أن تظل "الأنثى" هي الضحية والجلاد في الوقت نفسه.
إن التعامل مع "المغتَصَبة" في عالمنا العربي والإسلامي، يندى له الجبين، ولا يرسم لنا صورة حضارية، خصوصاً أن تعاليم ديننا الحنيف تنص على عقوبة الفاعل، وعلى الرأفة بالضحية، لذلك أفرّق هنا بين ما نص عليه الإسلام، وما يمارسه المسلمون، فما الجدوى من تكرار مقولة إن الإسلام منح المرأة حقوقها وكرّمها، بينما من يدينون بالإسلام يتصرفون وفق العادة، أو التقليد، أو العرف السائد، ويستحيل أن يكون واضعو هذه المسميات أكثر عدلاً من الخالق الرحمن الرؤوف.
هذه الطريقة التي يتم التعامل بها مع ضحايا الاغتصاب جعلت من الصعوبة بمكان الوصول إلى إحصاءات، ولو تقريبية، عن عددهن، والأسباب كثيرة، في مقدمها أن الكثير من الفتيات يفضلن إخفاء ما تعرضن له على البوح به خشية ردة فعل الأهل والمجتمع المحيط بها، فطالما لام الناس الضحية على أنها السبب بدلاً، للأسف، من محاسبة ومعاقبة الفاعل. والكارثة تصير حين تبوح الضحية فيجبر أولو الأمر المجرم على الزواج منها، وهذه جريمة بعينها تُضاف إلى الجريمة الأولى، الأمر الذي سينتج عنه ما لا تُحمد عقباه كالانتحار وهو ما فضلته أمينة.
ما حدث في المغرب ليس حكراً عليه، فكل الأصقاع العربية والإسلامية في هذا الهم شرق. إن أمينة هي كل "أنثى" عربية، وكل أنثى عربية هي أمانة، وكل أمانة وجب الحفاظ عليها، وإلا فلا أمن ولا أمان لمجتمعاتنا ما دام المجرم حراً طليقاً، بينما الضحية تموت عدة مرات في اليوم.

mrnews72@hotmail.com