آخر الأخبار

ما الذي يقتل الحب؟-1-

سئل نابليون بونابرت ما الذي يقتل الحب؟..فأجاب : النهاية السعيدة
قال الفيلسوف العظيم جيته : إن أروع وأعظم شعور أن يحب المرء شخصا ولم يبرأ بعد
من حب الآخر
ومن احد التعابير الرائعة التي عبرت عن كينونة الحب قول

الأديب الكبير غابرييل غارثيا ماركيز
إن الإنسان من الخصر فما فوق هو الروح ومن الخصر فما تحت هو الجسد

....
لقد وقف الحب اليوم بعنفوان جليل في وسط أرض من الجمال وتطلعت إليه الزهور
وأخذت تتراقص لمرآه واخذ حفيف الأشجار يداعب حلاوة أشعار الحب واجتمعت شتى
أنواع الطيور والفراشات حول الحب يقتطفن من جماله ...ينما الحب كان ينشد أروع
الأشعار فكان كل ماحوله أصابته سكرة الحب
لقد أنجبت الأرض والسماء هذا الحب ...

فكان جسد الحب من الخصر فما فوق من إبداع السماء ...

فكان له ملامح الملائكة وجناحين وذراعين ملائكيين يتلألآن كالثلج وكانت
له عينان اجتمعت النجوم فيهما وشعر وهبته له حوريات السماء...

فكان له فيه من كل الألوان...

وقد منحته السماء في داخل عروقه روحا تجري فيه يتغذى الحب منها ويحيى منها ...

أما من الخصر فما تحت فقد قامت الأرض بإنجابه حيث منحته نصفا آدميا من طين ...

وكان لون النصف الأيسر منه ابيض والنصف الأيمن منه اسود ...

وجرى في عروق هذا النصف دما آدميا احمر يحيى الحب منه
ولقد كان الحب عاري الجسد كما أهدته اياه الأرض والسماء ...

وقد وهب الحب قلبا روحيا إنسانيا اجتمعت عليه أسرار الأرض والسماء

وقد أودع في هذا القلب أنبل المشاعر الإنسانية والملائكية فكان مزيجا رائعا من الجمال ...

بالإضافة إلى حلاوة كلامه الروحية والإنسانية

أي أن الأرض والسماء تشاركت في إحداث الحواس الخمسة والفكر والقلب في الحب ...
وهاهنا وسط الطبيعة الساحرة تحت السماء الصافية وقف الحب يترنم بأشعاره بعدما
استطاعت هذه المناظر الساحرة أمامه أن تسلب له لبه
أيا أيتها الأرض الجميلة فاصدحي
أيا أيتها السماء الطاهرة للحب أنشدي
أنا الحب جئت إليكم من قلبكم من روحكم ...

للحياة امنحُ للطيور من حولي تغريد...

للأزهار لمرآي تتفتحُ
للفراشات من جمالي تتراقصُ...

للأشجار من حلاوة ملائكيتي تترنحُ
أيا أرض هذا ميلادك بالحب يبتدئ
أيا أرض هذا فرحك..والجرح من بعدي يلتئم
ألا فلتتبارك الأرض والسماء بابنها
ألا فلتتمجد الأرض والسماء بحبها
فغردي ياطيور...غردي...فاليوم ميلادي واليوم للدنيا...أرقصُ
فغني يازهور...غني...فاليوم ميلادي واليوم للدنيا...أفرحُ
إني معطاء...إني معطاء...وروحي تكبر بالعطاء
إني اشتهاء...إني اشتهاء...وجسدي ينمو بالاشتهاء
فباركي ياارض حبك...وباركي ياسماء
أنا الذي يحيى بالجمال...بالوفاء والوئام
أنا الذي يكبر بالإحزان...بالشوق بالآلام
أنا الذي يعظم بالتضحية...بالصدق بالعنفوان
أنا الحب...أحب للحب...وأعطي للعطاء
أنا الحب...أحيا للحياة...وأغني للغناء
فباركي ابنك العاشق للانهاية ...يا أرض ياسماء
وانطلق الحب الذي يعيش من العطاء للعطاء باحثا عن أهم مكنوناته ...باحثا عن الصدق
والتضحية والحزن والوفاء
جئت من أعماق قلوبكم...وأرواحكم
جئت من صدق دموعكم...وأحزانكم
فتحت قلبي لتعانقوه ...لتزرعوا المحبة لتقطفوا ثمارها
سلمت جسدي لتحاكوه...وروحي منحتها لعشاقها
أنا من الأعماق وفي أعماقكم أكون
لي لغتي...لي أحاسيسي...لي في وجودي جنون
اجعلوني عنوانكم...دربكم ...اجعلوني من مجانينكم وعقلائكم
أنا الحي الذي...لو بحثتم عمراً عن غيري لما عرفتم السعادة إلا بي
أنا طريقكم إلى الله ...فسيروا معي ...وكونوا معي
وامنحوني...أمنحكم

وبينما كان الحب يترنم بسحر كلماته فإذا به يقف أمام صورة من الجمال وآية من
الحسن...وإذا به أمام حورية من حوريات السحر والجمال لايقف قلب أمامها إلا
ويتصدع انبهاراً ...

ولا تلتقط عين محياها إلا تحترق بدمع شوقاً حتى تتبارك دوماً بمرآها...

إن لها مايعجز لسان عن وصف ومايعجر فنان مبدع عن رسم ...

فيركع الحب أمامها ويسلم لها روحا وجسدا أخذا يهذيان بها
ياحبيبتي...ياقديستي...الله ياجميلتي
الله يافاتنتي كيف لم ألقك قبلا؟!
وكيف لم انعم بك قبلا؟!
أنا الحب راكع أمامك ...فتعالي إلى أعماقي
لقد اشتقت طويلا إليك ...لقد اشتقت دائما لعينيك
آه ياأميرتي...إن في القلب صبابة ليغني عند قدميك
فأحبيني..إني أيها الجمال إليك جئت ..والى قدرك سكنت
فيا حبيبتي ها أنا...انظري إلى هاهنا في الأعماق ركعت
لكن حورية الجمال كانت مرفوعة الرأس وعيناها لا تريان الأرض تتطلعان إلى أعلى
فلم تستطع أن ترى الحب الذي كان يتغنى بها عند قدميها
أين أنت أيها الحب إني لا أراك
ومن أنت؟! فأنا لم اسمع بك قبلا
هل أنت جميل ساحر مثلي؟
هل تراني...وتفي لهذا الجمال حتى تترفع إليه وحتى آتي إليك
فعاهدها الحب على الوفاء حتى تستطيع أن تتطلع إليه ...

وجرح الحب نصفه الروحي ونصفه الجسدي...

وفاء للجمال ودليلا على وجوده وعشقه فأخذت الروح تنزف من
ملائكيته وأخذ الدم الآدمي ينزف من رجله ...

وبقي الحب راكعا أمامها على مر الفصول...

مؤكدا لها وفاءه حتى تراه
ها أنذا أنزف وفاء لجمالك
وهاهو الربيع الجميل قد أتى إليك وإلي
ألا تشعرين بحلاوته...وجمال الربيع حولك وهذه الأزهار...

وهذه العصافير المغردة...وهذه الفراشات؟!
احبك...واحبك...حب الحياة للربيع
ها أنذا أنزف وفاء لجمالك
وهاهو الصيف الدافئ قد أتى إليك وإلي
وأشعة الشمس الحارة...تداعب وجهك المرمري المتلألئ
ألا تشعرين بدفء الصيف...وعنفوانه؟
وهذه الأشجار والثمار التي أخذت بالصيف تنعم
أحبك..وأحبك حب الحياة للصيف
ها أنذا أنزف وفاء لجمالك
وهاهو الخريف الراحل قد أتى إليك وإلي
ألا ترين رحيل الزهور وأوراق الأشجار
ألا تحسين بهذا الصمت المقدس؟!
وجلال الخريف...ألا تحسين بشوق الرحيل للرحيل؟!
أحبك وأحبك...حب الحياة للخريف
ها أنذا أنزف وفاء لجمالك
وهاهو الشتاء البارد قد أتى إليك وإلي
آلا ترين الأرض كيف ارتدت ثوب زفافها؟!
وتلألأ الثلج الناصع على تلالها
ألا تشعرين بدفء برود الشتاء؟!
وطعم البرد وطعم النار
احبك واحبك...حب الحياة للشتاء
وها أنذا أنزف وفاء لجمالك
لكن حورية الجمال لم تعد تسمع وتصغي...

فلقد فقدت حاسة السمع لأنها لم تعتد إلا أن تستمع لجمالها...

ونست حورية الجمال عهدها بالوفاء ولم تتطلع إلى أعماقها...

وضعف بصر الحب الوفي من شدة النزيف الذي أصبح يرى ماحوله مترقرقا من شدة البكاء...

حتى كسا الدمع عينيه ...

فأصبح يرى الأشياء مهتزه غير صافية

وإذا به يرى حورية الجمال شائبة غير نقيه وإذا ببصيرته لاترى إلا الظلام في أعماقها
آه ياحورية الشقاء...آه ياحورية الظلام
إني أنظر إليك فلا أرى إلا القبح والسواد
فأين ...أيها الجمال البارد القاسي عهد الوفاء؟!
أين روحي ودمي...أين دمعي وبصري؟!
آه ياحورية الغرور كم أنتي تعيسة...

كم أنتي قبيحة
كم أعماقك مظلمة ...لاتعرف الجمال
لو نظرتي إلي لحظه...لمنحتك لذة الجمال
لو تطلعتي إلي لحظه...لمنحتك روعة الجلال
لو عرفتني لحظه....لعرفتي معنى الجمال
آيا أرض آيا سماء ابنك للوفاء أعطى
فأين لابنك المعطاء...العطاء؟!
آه ياأرض ياسماء...كم نزفت للوفاء
واخذ الحب الذي لم يفي به الجمال يجوب الأرض ثانية بحثا عمن يمنحه روحه وجسده...

وعمن يعطيه من أعماقه..عمرا يعيش الحب به ...

فإذا بالحب الشاعر يطلق سحر كلماته وروعتها لكل صادق جميل أمامه ...
آه أيتها الطبيعة العظيمة كم احبك
وكم شذاك طيب ...وترابك طاهر
وتغاريد عصافيرك الساحرة تراقص قلبي
وهواؤك العليل...يبعث في جسدي وروحي الصفاء
أنا الحب ...من العطاء وللعطاء
فباركي ابنك...العاشق للانهاية ياأرض ياسماء

......