صحيفة تشرين
عاطف عفيف
ينام هذا الرجل ـ واسمه منصور عيسى حسن من مشتى الحلو (صافيتا) ـ منذ أكثر من شهر تحت جسر البرجان في الجزء الفاصل بين مدينة بانياس ومدينة جبلة، يلتحف ببطانية لاتقي من لفحات الليل الباردة والقارصة، ممدداً على فرشة رقيقة من الاسفنج وضعت على الأرض مباشرة، لايستطيع الحراك والمشي، حيث تعرض لحادثة كسرت رجله على إثرها منذ أكثر من ستة أشهر، ومازالت رجله مجبصنة حتى الآن.
وعندما سألته عن قصته اغرورقت عيناه بالدمع، وراحت شفتاه ترتعش من الأسى، والغصة في حلقه تلاحقه: نصبت خيمة بالقرب من جسر جبلة لأنام فيها فأنا مقطوع من شجرة، ليس عندي أولاد ولا أقرباء سوى أولاد أخ فقراء جداً لايمكنهم القيام بي، فتدبرت أمري واشتريت دراجة وعربة لبيع القهوة استرزق منها.. لكن أحد الأشخاص جاء واستولى بالقوة على العربة والدراجة والخيمة، ووضعني في سيارة مستغلاً عدم قدرتي على الحركة بسبب رجلي المكسورة ورمى بي تحت جسر بانياس، وبقيت هناك عدة أيام الى ان جاء بعض عناصر شرطة بانياس ونقلوني بسيارة الى تحت جسر البرجان حيث أنا الآن.
وعندما سألته عن الحل واذا كان يريد الذهاب الى دار العجزة قال متوسلاً: لا أرجوك لا أريد شيئاً من أحد سوى استعادة عربتي لأعمل عليها.. ورفع يديه مستسلماً ليخفي الدموع التي انزلقت على خديه وبللت لحيته.
ظاهرة جديدة على مجتمعنا، ولكن ما الحل؟ فالرجل ينام في العراء دون ان يلتكش به أحد، فهل يترك مكانه ينتظر قدره يصارع لوحده من أجل الحياة؟
atefafif@scs-net.org
-------------------------------------------------
---------------------------------------------------
----------------------------------------------