إلى ابنتي ديمة ....
إلى جيلها , و الأجيال التي تليها .
ليس في نيتي أن أقدم لكم أية وصية . أولا لأني لا أملك هذه الوصية . وثانيا , لأن الوصية , لا تبلورها التجربة والمعاناة, هي نوع من اللغو و الإنشاء .
كثيرا ما حلمنا , أننا سنترك لكم زمنا جميلا , ووطنا مزدهرا . ولكن علينا أن نعترف ودون حياء , أننا هزمنا ,إننا لم نترك , إلا زمنا خرابا وبلادا متداعية .
ويجب أن يكون واضحا , أو هذا ما اعتقده على الأقل , أن هزيمتنا لا تعني , أن الأفكار التي كنا نتبناها وندافع عنها , كانت خاطئة . لا.. لم تكن أفكار الحرية والديمقراطية و العقلانية و الوحدة العربية والعدالة الاجتماعية , أفكارا خاطئة . ولكن جيلنا لم يعرف كيف ينتصر بأفكاره ولأفكاره .
لا المغفرة مهمة , ولا الإدانة أيضا . لكن ما يعمق الأسى في الروح , هو أننا نترك لكم العمل غير منقوص , وندفعكم قبل الأوان , كي تبد أوا العمل في تاريخ وأرض , لا يقدمان إلا الإحباط و المصاعب .
أود أن تكون هذه النبرة الكئيبة , مجرد تهويمة مرض , وأود أن تكون الطاقات المخزونة في أعماقكم أقوى من هزيمتنا و رؤانا . ومن يدري ! فقد تجدون الجملة السحرية , التي يغدو بها , الزمن جميلا , والبلاد مزدهرة .
سعد الله ونوس