آخر الأخبار

حين نفتقد الأمل يبقى الواجب

نموذجان من الحياة تطالعنا بهما الأقدار حين تشتد الكربات والخطوب القومية، أحدهما رجل يلعن الظلام ويزداد تشاؤما كلما حلك الظلام واشتدت المصائب وتزايدت الاعتقالات وترويع الآمنين وقتل المواطنين غرقا أو حرقا أو سرطانا أو تلويثا أو تعذيبا أو رميا من طوابق عليا...وبمرور الوقت يتحول صاحبنا إلى نموذج ناقم متشائم يائس قد فقد معانى الأمل...،

وأما النموذج الآخر فهو لرجل يجتهد أن ينشر الأمل فى نفوس أمته مذكرا العقلاء بأن النصر مع الصبر، وبأن النصر إنما هو صبر ساعة رافعا شعار أن الله لم يخلقنا لننتحر يأسا وتشاؤما،
وداعيا قومه بلسان مبين أن يذكروا خصائصهم المكينة التى انتصروا بها من قبل وكونوا بها حضارة سادت الدنيا قرونا موضحا أن أمتنا تمرض لكنها لا تموت وأنها تفهم الحياة على أنها صراع بين الحق والباطل ينتهى دوما ببقاء الشعوب، ودحر الظلم وأهله مهما اشتدت خطوب الدهر.

هذان النموذجان تلقانا بهما الحياة عبر أشخاص كُثْر يتبنون ما بكلٍ من سمات وخصائص ويتفاوتون فى درجة التشبث بما فى خصائص كل نموذج، ولعله من نافلة القول أن نُذكّر قومنا بأن لإصلاح أحوالنا الفرط هذى دوافع شتى نذكر منها قوة الواجب، ووهج الأمل.

دوافع الإصلاح

للإصلاح دوافع شتى منها قوة الواجب فكثير من أبناء هذا الوطن لم يفقدوا انتماءهم ولا ولاءهم المتجذر لوطنهم ولقومهم وهم حين يخدمون قومهم ووطنهم أو يحاولون النفع فإنما يدفعهم الأمل لأن تكون أوطانهم فى رفعة وتقدم ونهوض ولكن ماذا حين يرى الناس الاعتقالات والتعذيب والحرق والغرق والقتل؟ ماذا حين يرون المفسدين هم أكابر القوم، ويرون المخلصين فى غياهب المعتقلات؟ ماذا حين يفقدون الأمل فى تحسن أوضاع بلادهم؟!

أقول: حين يفقد بعضنا الأمل فى الإصلاح فلا مناص من خدمة قومنا وأوطاننا بقوة الضمير وهو الدافع الثانى وبيت القصيد من مقالنا هذا...إنى لأعلم أناسا يدفعهم ضميرهم وقوة واجبهم لخدمة قومهم ووطنهم حتى لو ازدادت الأوضاع سوادا، وتدهورت أحوال البلاد لما تراه أعين الناس الآن 2007 سواء على المستوى المحلى أو الإقليمي أو حتى العالمى من سيطرة المادة وتوحش الباطل وتغول الرأسمالية، أكرر إذا فقدنا الأمل فليبق لنا قوة الضمير والحق الذى نحمله ولو من أجل أبنائنا للدفاع عن حقوقنا وثرواتنا وقيمنا وتراثنا، وفى يقينى أن الإنسان لا يفقد أمرين معا: الأمل وقوة الضمير والواجب فإذا غاب أحدهما كان للآخر فضل أن يكون الإنسان إنسانا، أما حين يفقد المرء الأمل وقوة الضمير معا فلا إنسان حينئذ، والحق أن أمتنا لم تعدم الإنسان بعدُ، وإن كانت فى حاجة إلى إعادة بنائه من جديد ليستأهل خلافة الله فى الأرض بالتعمير والبناء والنهوض ودحر الباطل وأهله.