آخر الأخبار

آخر القمم العربية لا آخر الأحزان

في سباق مع الزمن, تتكاثر بيننا القمم, كما تتداعى علينا الأمم, وكان المشهد الجنائزي العربي المهيب, يتجه صوب منحنى الصعود إلى الهاوية, قمم طارئة, قمم عادية, قمم دورية, قمم رباعية, قمم ثنائية, لابارك الله في قوم كثرت قممهم الجنائزية, ما أن تنطوي قمة بما أتت علينا من مصائب أدناها إثارة زوابع عربية على روائح قمامة مخزنة, هي تلك الأزمات المزمنة, خلافات ما إن تهدأ بعد هدوء عاصفة آفلة, حتى تثور مع اقتراب قمة آتية, حتى باتت القمم العربية كمحفل جنائزي لتأبين الوحدة المحالة إن لم تكن المستحيلة, والعجيب الغريب انه مازال بين ظهرانينا من يعول على أهمية تلك المحافل الجنائزية المهيبة, ولا ادري هل هي صدفة الطالع أن تكون قمة الدوحة في التعداد القممي العربي هي ال21 ,وربما للأرقام في حياتنا العملية دلالات قدرية, وصولا إلى القمة العربية الجنائزية الكبرى ال22 برئاسة العراق, على أن تعقد في مقر جامعة الدول الجنائزية العربية, وكأن الدائرة القممية تكتمل بترصيد ميزانية العجز العربي, 22 قمة ل22 دولة, وتعاد الوديعة القممية إلى البيت الجنائزي العربي, وتنتهي الصلاحية لقمم غاية في الانهزام والعبثية في مواجهة التحديات والاختبارات, لتعلن عن نهاية مسمى كيان, لابد من إيجاد بدائل له على ضوء العجز وانعدام الإرادة الجماعية,أمام اصغر الإشكاليات العربية.

ولعلي هنا اذكر لمزيد من الفائدة, بان جامعة الدول الجنائزية ما وجدت 1964 إلا باقتراح وتوصية استعمارية, بهدف الإدارة الهادئة للازمات العربية المنتظر إحداثها, ولتكون محراب للتعقل والمثالية المفرطة, والقبول بالعدوان تلو العدوان وما عليهم سوى العويل والصراخ الهادئ المراقب, وما لديهم سوى مجموعة شعارات مبتذلة, أجندات, صياغات, مقررات, مناقشات سطحية ومعمقة, بيانات تحضيرية ونهائية, هو تجمع لاحتواء وتيرة الخلافات كي لا تتطور إلى وحدة مواقف يتمخض عنها وحدة قرار, يكون مساره خارج المجرة الاستعمارية, والتغريد مسموح به من مزايدات دول اعتدال على دول ممانعة والعكس ولكن داخل السرب, هي في المحصلة قمم جنائزية للأنظمة الرسمية, وباتت بعيدة كل البعد عن الهموم والطموحات التي تأملها الشعوب العربية, بل هدف تلك القمم الجنائزية , التنافس على بث روح اليأس في تلك الأوساط الشعبية, فالمعتدل أمريكي غربي مباشر, والممانع أمريكي غربي شرقي غير مباشر, والشعوب العربية تهيم على وجوهها كالسكارى, تصفق لقائدها وزعيمها شافيز تارة, ولزعيمها وقائدها اوردجان تارة أخرى, وزعيمها وقائدها نجاد تارة ثالثة, ابعد هذا الهيام والاغتراب هيام, هذه هي الوظيفة الأساسية للجامعة والقمم الجنائزية العربية, وجل همم رؤساء وملوك وأمراء القمم أنظمتها ورعيتها وبطانتها ومصالحها, وقد تجولت أنظمتها المعتدلة والممانعة وتابع تابعاتها, أنظمة ملكية وراثية صرفة, واستقرار مملكاتها مرهونة بالتغريد داخل السرب الجنائزي المهيب, وأي خروج عن النص يكون نموذج العراق وفلسطين والسودان قريبا, إسقاط رؤوس قممها وإشعال فتيل الاقتتال في ربوعها,,,, حدث لاحرج.

متى تفيق الشعوب العربية من غفوتها, وتعي أن كل تلك المنابر لهلاكها, فما وجدت تجمعاتنا العربية الرسمية, إلا لتوفر سقفا للعدوان, فما أن يتم احتلال العراق وإسقاط نظامها وإعدام رئيسها, حتى تعقد القمم الجنائزية وتدار مكنة الخلية للبحث في وحدة العراق المقسم, فيزيدوه تقسيما ويعلنون عن عجزهم لإحداث أي تغيير من شانه جلب استقرار للعراق لن يحدث حسب المخططات الصهيو_أمريكية في المدى المنظور, ما أن تحدث مجزرة تلو المجزرة, وكل مجزرة أبشع من سابقتها في فلسطين وليس آخرها ماحدث في غزة واغتيال زعمائها وقادتها, حتى تدق طبول القمم الجنائزية, وتقرع أجراس الإدانات والاستنكارات والنقاشات والمقررات الخجولة, وفي المحصلة يتفق العرب على ألا يتفقوا ويستمر العدوان وتستمر المجزرة, وعاشت فلسطين حرة ذبيحة عربية, وتستمر القمم الجنائزية المهيبة.

وكما الأمس, فاليوم تقرع الأجراس وتدق الطبول, وتستنفر الفضائيات, ويكثر الردح والمزايدات, وتعلن المراسم في أبهى بشاعتها التضليلية,بان القمة ال21 تأتي في ظروف عصيبة تتطلب مواقف موحدة بمستوى التحديات العربية, هناك إدارة أمريكية مثالية, وحكومة صهيونية متطرفة, وسودان مابعد البشير بات جاهزا للتقسيم, وعراق دامي مقسم, وفلسطين تغرق مابين المجازر البشرية وغول الاستيطان وشبح الاحتلال من ناحية, ومن ناحية أخرى الشعرة التي قسمت ظهر البعير تجسدت في جحيم الانقسام, واحتضان العرب كل حصته من الفر قاء لتجسيد العلاقات الجنائزية العربية العربية على ارض فلسطين , الصومال العربي غرق في الانقلاب والقرصنة والاقتتال, موريتانيا العربية غرقت في الانقلاب والاقتتال, السودان على شفير الانقلاب والبشير سيختطف ولن يكون هناك قمة طارئة ولا بأثر رجعيو سودان يغرق في بحر من الدم والفقر والهجرات والانقسام, عراق على أرضه كل شياطين الكون والأشرار يقتسمون لحمه ويستبيحون عرضه والكل طامع بأكبر جزء من كعكته, ولبنان انفلتت موازينه لينقسم إلى لبنان 14 آذار و18 آذار وتموز ونيسان نرجو له ولكل الأوطان الممزقة آخر الأحزان.

وغدا في آخر القمم تطرح القضايا الإستراتيجية والتي يراد لها أن تحل بسحر الخطابات, واعتقد أن الهدف هو أن تتحلل تلك الأنظمة من مسئولياتها الجسيمة, وذلك بامتطاء أضخم شعارات التحدي ليس لجهة العدوان, وإنما في مواجهة أنظمة القمم الأخرى لتصفق الجماهير لتلك الأصنام, ما أسخف أن يستخف بمعاناة الشعوب, أجندة على أولوياتها أربع قضايا, القضية الفلسطينية, العراق, السودان, الحكومة الإسرائيلية الجديدة المتطرفة!!! وبين هذا وذاك مليون قضية عابرة هي صنيعة أرباب القمم, مصالحة عربية وقد اختلفوا على المصطلح بعيدا عن جذور الاختلاف والحقيقة انه وصل لحد العداء والجفاء, مصالحة فلسطينية فلسطينية علما أن دول القمم ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في تعميق هوة الانقسام, اعمار أو بناء غزة شيء في غاية الاستخفاف والاستهبال, وكان غزة التي هدمت فوق رؤوس ساكنيها وحدثت بها المجازر وتسابقت مخابرات أهل القمم في إدارة الخداع والتظاهرات كزوبعة في فنجان, وفتحت أشداق أبواقها الفضائية والأرضية, لتنقل صورة الأشلاء والفائز ذو السبق الإعلامي هو من يلتقط رأس طفل مبتور فيضاف إلى رصيد نظام تلك الفضائية ومنافساتها من عملية بطولية, وفي المحصلة يختلفون على اعمار أو بناء غزة, ونقول لهم لا تتعجلون وانتم الأكثر علما بما يخطط في الدهاليز, إن جولات التدمير الصهيونية لم تنتهي من التدمير والمجازر, بل يلوح في الأفق برعايتكم المبجلة صولات وجولات أخرى من القتل والإبادة الجماعية بعنايتكم القممية الجنائزية, حتى يباد أهل غزة وتطمس معالمها, ومن ثم تبنى محاريب للهندوس أو حتى للمجوس.

توسمنا خيرا عندما أطلق من قمة الكويت, صرخة المصالحة وبثت شاشة الفضائيات مشهدا, لانكاد من جبال اليأس أن نصدقه, قادة ربما استيقظت ضمائرهم, وقرروا تطهير الإرادة من إرادة غيرهم, وتشابكت الأيادي بالأيادي والأحضان بالأحضان, لم نعلم أنها ربما كانت أضغاث أحلام أو خطيئة غير مقصودة, وكان مفترضا على مقياس الخروج على المحرمات, أن يبنى على تلك الهفوة التصالحية, ويتسابق الجميع من اجل مصالحة حقيقية تسبق القمة ال21 , عندها قلنا"فرصة نادرة لقطر لاحتضان قمة تاريخية", لكن لاشيء تغير عمليا على مستوى العلاقات القطرية السورة من ناحية والمصرية من ناحية أخرى, ولم يتم وضع الثقل للدول المؤثرة في مسار المصالحة الفلسطينية للذهاب كذلك بحكومة وحدة وطنية إلى القمة المهيبة, عندها قلنا"قمة الدوحة في مهب الريح", ولا ندري ماسبب توقيت بث برامج فضائية تتحدث عن خيانة للملك حسين في حرب 67, ولماذا توقيت بث مشهد لخيانة السادات, الم يكن من الممكن التريث لبث هذا الاكتشاف العظيم!! لما بعد القمة, طالما المراد للقمة نجاح ووحدة ومصالحة, الحقيقة أن كل الأمور تسير في مسارها الجنائزي المهيب, كي يعلن أننا وصلنا نقطة الصفر ومنعطف الإعلان عن الاحتضار القممي ال21 ماقبل مراسيم الدفن ال22 حيث اكتمال الدورة الجنائزية, وقد حقق الكيان الإسرائيلي والقوى العدوانية الطامعة, اكبر فائدة برعاية القمم الجنائزية, ليتم بجدارة تشييع الوحدة العربية الحلم, إلى مثواها الأخير في مقبرة جامعة العرب.

لنقل أن هذا تشاؤم مقيت, وان قمة الدوحة ال21 ليست قمة الاحتضار, وتختلف عن القمم السابقة رغم عدم اختلاف المعطيات إن لم تكن زادت سوءا, لنقل أنها قمة القمم, وان قرارات عملية وليس خطابية أو شعارية, بل عملية مصيرية, ستطرح الخيارات الأخرى الإستراتيجية فانعم وأكرم بقمة تختلف عن سابقاتها, فلنترقب العرض الكبير لقمة التحدي ولجم العدوان الصهيوني في فلسطين, ولجم العدوان الأمريكي في العراق, والرد على العدوان الصهيوني الذي انتهك حرمة سوريا والسودان, لقطع العلاقات رسميا مع الكيان الصهيوني, وطرد السفراء الأمريكان, أو ربما إخلاء الأرض العربية المغتصبة المنتهكة من القواعد الحربية الدموية الأمريكية,أو ربما المقصود التخلص من مايسمى بالمبادرة العربية ذات الخيار السلمي الاستراتيجي, علما أن السلام الحقيقي يخيف أصحاب أيدلوجية العدوان, أكثر مما تخيفهم جيوش مسرحة وأسلحة مثلمة, لان الأيدلوجية الصهيونية برعاية غربية أمريكية, يهمها سلام متفرد ثنائي عربي إسرائيلي, ومن المحرمات أن يكون سلام جماعي وشامل, فهل ننتظر من هذه القمة أكثر من سالفاتها, هل ننتظر حدوث معجزة لردع العدوان المتصاعد في كل ربوع الأوطان, أم ننتظر مزيدا من القرارات المنتفخة والتي لا تتجاوز عتبات صالة المحفل الجنائزي المهيب, أم أصبحت القمم ربما لاستثناء التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني, وبحث الأخطار المتمخضة عن المحاور العربية وقضاياها العبثية بالوكالة عن الأفلاك التي تدور في مسارها.

دعونا لا نتشاءم فهل لنا حق في لحظة كأنشودة الحلم!! العربي بالتفاؤل, ربما هنا يقال لا تتطيروا فهذا حرام, أي لا تتشاءموا , لا تتفاءلوا, طيب البديل يكون في أن "اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم ,,, وكذب أصحاب الشعارات وأرباب الانقسام,,, دعونا ننتظر ونرى ما ينتج عن هذه القمة والتي تقف على منعطف الاوسطة والاطلسة والعولمة والأمركة والاسرلة والفرنسة والفرسنة والعثمنة,,, فهل يتم الانتصار للعروبة ويتمخض عن هذه القمة اللبنة الأولى في مسار التحرر واستعادة الوحدة والإرادة واستقلال القرار, أي مفاجئة ستحملها هذه القمة, أو أي خطيئة ستضاف للخطايا السابقة,,, انتظروا أيها الشعوب المغلوب على أمرها,, انتظروا,,, وهل تملكون خيار غير الانتظار,, وهل تصدقون إستراتيجية جيوش التحرير بدل التنافس للانخراط الثنائي والجماعي في إستراتيجية السلام,,, انتظروا,, ولكن غدكم المشرق ليس بقريب. ولا اخفي عليكم بقراءتي السوداوية على غير ما نتمناه,بان الوضع العربي بعد هذه القمة أسوء من الوضع العربي على خلفية سابقاتها,آملا أن يجانبني الصواب في هذه الرؤيا السوداوية.

فنحن أمام خيارين لاثالث لهما, إما اتحاد كونفدرالي عربي وهذا كحلم إبليس في الجنة, وإما قمم ثنائية وقمم أحلاف ومحاور, لها من الصبغات الأيدلوجية السياسية من الاختلاف والهوة كما بين الثرى والثريا, ولهما من الهموم العربية مالا يتجاوز حدودهما ومصالحهما القُطرية,,, كل قمة وانتم عرب.

greatpalestine@hotmail.com